صندوق «نيوتن ـ مشرفة» صورة للتعاون التعليمي بين بريطانيا ومصر

أطلق جولة جديدة من برنامجه في إطار تنشئة جيل جديد من الشباب المبدع

السفير البريطاني لدى القاهرة خلال إحدى فعاليات صندوق «نيوتن - مشرفة» العام الماضي
السفير البريطاني لدى القاهرة خلال إحدى فعاليات صندوق «نيوتن - مشرفة» العام الماضي
TT

صندوق «نيوتن ـ مشرفة» صورة للتعاون التعليمي بين بريطانيا ومصر

السفير البريطاني لدى القاهرة خلال إحدى فعاليات صندوق «نيوتن - مشرفة» العام الماضي
السفير البريطاني لدى القاهرة خلال إحدى فعاليات صندوق «نيوتن - مشرفة» العام الماضي

أعلن كل من السفارة البريطانية في القاهرة والمجلس الثقافي البريطاني وصندوق العلوم والتكنولوجيا والتنمية، الأربعاء الماضي، إطلاق جولة جديدة من فرص البحث والعلوم تحت إشراف صندوق «نيوتن - مشرفة»، الذي يعد شراكة بين مصر وبريطانيا بقيمة 24 مليون جنيه إسترليني (نحو 34.5 مليون دولار) على مدار 5 سنوات.
وتم فتح باب التقديم لبرامج روابط الباحثين والروابط المؤسسية ومنح السفر وورشات العمل التابعة لصندوق «نيوتن – مشرفة». وتستطيع الأقسام الأكاديمية والمعاهد البحثية، تحت مظلة برنامج الروابط المؤسسية، التقديم للحصول على منح بقيمة تبدأ من 50 ألفا وصولا إلى 300 ألف جنيه إسترليني (نحو 72 إلى 430 ألف دولار) على مدار عامين؛ لتنمية شراكات البحث العلمي بين مصر والمملكة المتحدة.
وصرح السفير البريطاني لدى مصر، جون كاسن، بأن صندوق نيوتن - مشرفة يعد التزاما كبيرا وواضحا من جانب المملكة المتحدة بقيمة 24 مليون جنيه إسترليني على مدار 5 سنوات، كما يكشف مدى جدية مصر والمملكة المتحدة بشأن بناء شراكة قوية طويلة الأجل في مجالي العلوم والابتكار.
وقال كاسن: إن «الصندوق يعد أحد عناصر التعاون التعليمي واسع النطاق الذي تقدمه بريطانيا لمصر. حيث تعد المملكة المتحدة موطنا للتعليم، وتتضمن برامجنا هنا المنح الدراسية ودورات اللغة الإنجليزية والتدريب المهني والفني وتدريب الكفاءات الدولية».
وأضاف السفير البريطاني، أن المملكة المتحدة ومصر لديهما أولوية لتنشئة جيل جديد من الشباب المصري المثقف المبدع ذي المهارات الرفيعة، لديه القدرة على بناء مستقبل أفضل للبلاد.
بدوره، قال مدير المجلس الثقافي البريطاني في مصر، جيف ستريتر، الذي أعلن فتح باب التقديم في برنامج صندوق «نيوتن - مشرفة» ابتداءً من الأربعاء الماضي، إن «الصندوق هو أول فرصة في سلسلة من الفرص المثيرة للاهتمام خلال هذا العام، حيث يفتح التقديم على الدكتوراه في الصيف، فيما تبدأ ورشات عمل التطوير المهني تحت برنامج تواصل الباحثين في الخريف المقبل».
وأضاف ستريتر، أن «زيادة التمويل من المملكة المتحدة ومصر تظهر أهمية هذا البرنامج، كما نرى أهميته من الأبحاث والمشروعات المهمة النابعة من هذا الاستثمار. وتشمل هذه الأعمال مشروعات تخص مواضيع ذات أهمية حيوية لبناء مستقبل مستدام لمصر».
وسيتوافر للباحثين المصريين الذين ما زالوا في بداية مسيرتهم المهنية، تحت مظلة برنامج روابط الباحثين، فرص المشاركة بورش عمل أكاديمية مع نظرائهم من المملكة المتحدة أو السفر بزيارات إلى هناك بغرض الدراسة أو التدريب تستغرق ما يصل إلى 6 أشهر.
وتم تأسيس صندوق «نيوتن - مشرفة» في عام 2014. بغرض الجمع بين الخبراء المصريين والبريطانيين بمجال العلوم، وتشارك أحدث أساليب البحث وتعزيز الشراكات في مجال الابتكار.
وتبلغ قيمة الصندوق 24 مليون جنيه إسترليني، ويركز على 5 مجالات رئيسية، حيث يعدها ذات أولوية وأهمية للتنمية طويلة المدى بمصر، وهي: إدارة المياه، والطاقة المتجددة، وإنتاج الغذاء، والتراث الثقافي والآثار، والرعاية الصحية الشاملة وميسورة التكلفة.
وقد قدم الصندوق فرصا لنحو 120 عالما مصريا لاستكمال مسيرتهم المهنية الأكاديمية في المملكة المتحدة من خلال الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه، أو استكمال دراساتهم بعد درجة الدكتوراه. وعلى مدار العامين السابقين، أسس برنامج الروابط المؤسسية 20 شراكة بين الجامعات والمراكز البحثية المصرية والبريطانية. وقد تضمنت مشاريعهم البحثية برامج للبحث عن علاجات جديدة لسرطان الكبد، وتطوير خلايا إنتاج الطاقة الشمسية ذات الفاعلية العالية، والحفاظ على التراث الثقافي لمصر من خلال أجهزة التصوير عالية التقنية.
يذكر أن الصندوق اتخذ اسمه من ربط اسمي عالمين بارزين في كل من المملكة المتحدة ومصر، وهما العالم البارز السير إسحاق نيوتن، الذي ولد في 25 ديسمبر (كانون الأول) عام 1642 وتوفي في 20 مارس (آذار) عام 1727. ويعد من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية، كما شغل منصب رئيس الجمعية الملكية البريطانية. وأسس كتابه «الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية»، الذي نشر لأول مرة عام 1687، لمعظم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية. كما قدم نيوتن أيضا مساهمات مهمة في مجال البصريات، وشارك في وضع أسس التفاضل والتكامل.
أما العالم المصري الدكتور علي مصطفى مشرفة باشا، فقد ولد في 11 يوليو (تموز) عام 1898. وتوفي في 15 يناير (كانون الثاني) عام 1950. وهو عالم فيزياء نظرية مصري، ويلقب بآينشتاين العرب؛ لأنه ناقش بعض أبحاثه مع العالم الأميركي البارز ألبرت آينشتاين. وحصل مشرفة على دكتوراه فلسفة العلوم Ph.D من جامعة لندن عام 1923. ثم كان أول مصري يحصل على درجة دكتوراه العلوم D.Sc من إنجلترا من جامعة لندن عام 1924. عُين أستاذا للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا، ثم للرياضيات التطبيقية في كلية العلوم 1926. مُنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون الـ30 من عمره. وانتخب في عام 1936 عميدا لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصري لها. حصل على لقب الباشوية من الملك فاروق. تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر، ومن بينهم سميرة موسى.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.