مراوغات الانقلابيين مستمرة في مشاورات الكويت وولد الشيخ يلجأ إلى رعاة التسوية في اليمن

جباري لـ «الشرق الأوسط»: المفاوضات تراوح مكانها لتعنت الحوثيين

إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى وزارة الإعلام الكويتية في مدينة الكويت الجمعة الماضي لحضور مؤتمر صحافي بشأن المفاوضات التي دخلت يومها الخامس اليوم (أ. ب)
إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى وزارة الإعلام الكويتية في مدينة الكويت الجمعة الماضي لحضور مؤتمر صحافي بشأن المفاوضات التي دخلت يومها الخامس اليوم (أ. ب)
TT

مراوغات الانقلابيين مستمرة في مشاورات الكويت وولد الشيخ يلجأ إلى رعاة التسوية في اليمن

إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى وزارة الإعلام الكويتية في مدينة الكويت الجمعة الماضي لحضور مؤتمر صحافي بشأن المفاوضات التي دخلت يومها الخامس اليوم (أ. ب)
إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى وزارة الإعلام الكويتية في مدينة الكويت الجمعة الماضي لحضور مؤتمر صحافي بشأن المفاوضات التي دخلت يومها الخامس اليوم (أ. ب)

قال عبد العزيز أحمد جباري، نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس الوفد الحكومي المفاوض في الكويت، لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات اليمنية تراوح مكانها نتيجة تعنت الحوثيين في العملية السياسية، فيما كشف مصدر حكومي مقرب من مشاورات السلام الأممي بين الأطراف اليمنية، أن جلسة وصفها بالعاصفة حدثت أمس بين وفدي المحادثات، مؤكدًا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، أمهل وفد الانقلابيين حتى صباح اليوم (الاثنين) للتوقيع على جدول الأعمال المتفق عليه.
ولا تزال مشاورات السلام اليمنية – اليمنية برعاية الأمم المتحدة تراوح نفسها، إذ أفاد مصدر حكومي يمني أن الجلسة الصباحية أمس (الأحد) رفعت بعد حدوث شد كبير، بحسب ما أفاد به مصدر مقرب من المحادثات.
وأشار المصدر إلى أن الشد والجذب أتى بعد رفض الدخول في جدول الأعمال، في حين شدد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي إلى اليمن، على ضرورة التعامل بجدية مع جدول الأعمال، كما شهدت الجلسة استمرارا لدعم لجنة التهدئة والتواصل إلا أن وفد الحوثي تنصل من ذلك، ورفض أي خطوة نحو أجندة السلام ووقف الحرب.
وبحسب المصدر ذاته فإن وفد الحوثي أظهر بوضوح ممانعته لأي جلسة معه للحوار حسب الأجندة، في حين صدم عندما تم تقديم تقرير المتابعة اليومية للعمليات العسكرية وظهر ما كان مخالفًا لما يدعيه من وجود قصف للطيران، في حين أظهر التقرير أن كل الخروقات تمت على الأرض من قبل الميليشيات عبر قصف المدن، واستمرار الحشود تجاه تعز ومأرب وشبوة ولحج.
تستمر المشاورات اليمنية - اليمنية في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة بين وفد الحكومة الشرعية ووفد المتمردين الذي يمثل الحوثيين وصالح، دون أن تحقق أي تقدم أو اختراق على صعيد مناقشة القضايا الرئيسية المدرجة في أجندة جدول أعمال المفاوضات؛ وذلك بسبب تعنت وفد المتمردين وتمترسه خلف مواقف مسبقة وعدم تعاطيه مع ما يطرحه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على صعيد القضايا كافة؛ الأمر الذي استدعى من الأخير توجيه إنذار إلى وفد المتمردين ومهلة للبدء في التفاوض وفق جدول الأعمال المقر، ومناقشة القضايا وفقا للآليات المتبعة.
وعلقت الجلسة التي كانت مقررة بعد ظهر أمس، (الرابعة عصرا)، جراء رفض وفد الانقلابيين الحضور إلى القاعة والمشاركة، حيث برر الانقلابيون ذلك بأنهم لم يتلقوا تعليمات من قياداتهم العليا بالاستمرار في المشاورات؛ بسبب أجندة المشاورات المقرة سلفا، التي حاولوا التعديل عليها، الأيام الماضية، والقفز إلى القضايا السياسية، دون مناقشة القضايا الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال، وأبرزها الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل للدولة، غير أن ناصر باقزقوز، عضو وفد الحوثيين، نفى لـ«الشرق الأوسط» «بأن يكون التأجيل ناتجا من طلب منهم»، وقال: «إن التأجيل جاء نتيجة طلب المبعوث الأممي إجراء لقاءات فردية مع رؤساء الوفود»، حسب تعبيره.
ولجأ المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن، وأفادت المعلومات الواردة من الكويت بأن ولد الشيخ، اجتمع أمس مع سفراء دول الخليج، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماعه مع سفراء الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن؛ وذلك من أجل وضعهم في صورة الأوضاع التي تمر بها المشاورات والتعنت الذي أبداه وفد الحوثيين – صالح إزاء مناقشة جدول أعمال المشاورات، وقد سربت معلومات من المشاورات تفيد بأن ولد الشيخ أمهل وفد الانقلابيين بضع ساعات للبدء بجدية في تنفيذ جدول الأعمال.
في الأثناء، أبدى مصدر في وفد الحكومة اليمنية في الكويت استغرابه لرفض وفد الحوثيين – صالح إصدار بيان مشترك يؤيد العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية في محافظتي أبين وحضرموت الجنوبيتين.
ونقلت مصادر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» بأن وفد الحكومة اقترح في جلسة، أمس، اتخاذ موقف موحد ضد الإرهاب وتأييد ضرب القاعدة والإرهابيين والإشادة بالخطوات التي تمت في أبين وحضرموت.
وبحسب المصادر، فقد أيد المبعوث الأممي هذا المقترح، وقال: «بالفعل يجب أن يدرك كل اليمنيين أنهم يواجهون خطرا واحدا حقيقيا يحتاج إلى تكاتف الجميع»، غير أن «ممثلي الحوثي وصالح رفضوا المقترح ولم يوافقوا على إعلان تأييد ضرب تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى»، ووفقا لمصدر مطلع، فإنه «وبدلا من ترحيب الانقلابيين بالعمليات ضد الإرهاب، فقد عدّ العمليات في حضرموت وأبين، خرقا لوقف إطلاق النار».
وكانت الجلسة الصباحية من المشاورات، أمس، شهدت شدا وجذبا بين الأطراف، بعد رفض وفد الانقلابيين مناقشة جدول الأعمال، خلافا لتوجه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي شدد على ضرورة المضي في أجندة جدول الأعمال بجدية، مع استمرار دعم لجنة التهدئة والتواصل، غير أن المعلومات، من داخل المشاورات، أفادت بأن وفد الانقلابيين تنصل «ورفض مناقشة أي خطوة نحو أجندة السلام ووقف الحرب»، إضافة إلى أنه «أظهر، بوضوح، ممانعة لأي جلسة حوار حسب الأجندة»، حسب المصادر.
وأشارت المعلومات إلى أن وفد الانقلابيين (الحوثي – صالح)، صدم، أمس، عند الاستماع إلى تقرير المتابعة اليومية للعمليات العسكرية، والذي «أظهر زيف ادعاءاتهم (الانقلابيين) حول قصف طيران التحالف»، كما أظهر التقرير أن «كل الخروقات تمت على الأرض من قبل ميليشياتهم عبر قصف المدن واستمرار الحشود تجاه تعز ومأرب وشبوة ولحج»، وصدم وفد الحوثيين – صالح عندما «أكدت لجنة التهدئة أن الخروقات، على الأرض، هي من قبلهم ومستمرة».
وقد نفى مسؤول أممي قيام طيران التحالف بالقصف، حيث تلا مندوب الأمم المتحدة في اللجنة العسكرية للتهدئة «معلومات تقول إن الطيران لم يقصف وأن حدث تحليق، وهو عكس ما تدعيه جماعة الحوثي - صالح»، وقد عزز وفد الحكومة الشرعية تلك المعلومات بتقرير قدمه إلى المشاورات و«تضمن قائمة بالاختراقات التي تمت، أول من أمس، ووصلت إلى 127 خرقا، منها 22 خرقا في تعز وحدها، قتل فيها 8 أشخاص وجرح 7 آخرون»، إضافة إلى «50 خرقا في محافظة الجوف و39 خرقا في محافظة مأرب و5 خروقات في محافظة شبوة و11 خرقا في محافظة البيضاء».
وتجري هذه المشاورات في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، ويراقب سفراء 18 دولة راعية لعملية السلام سير المشاورات عن كثب، من خلال تواجدهم في الكويت، حاليا، وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن بعض السفراء الغربيين يبذلون مساعي، عبر وسطاء يمنيين، من أجل التقريب في وجهات النظر، بين الأطراف اليمنية المتنازعة؛ وذلك ليتم التوصل إلى صيغة اتفاق حول القضايا الرئيسية الماثلة، والتي أبرزها تثبيت وقف إطلاق النار، وكذا أجندة جدول الأعمال، وعبرت أوساط سياسية مقربة من المشاورات، عن خشيتها من أن يؤدي تعنت وفد المتمردين إلى إفشال الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها، للتوصل إلى صيغة تضمن تطبيق القرار الأممي 2216، الذي أبلغ الحوثيون مبعوث الأمم المتحدة، في وقت سابق، موافقتهم على تطبيقه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».