أي رئيس يريد الفرنسيون في الانتخابات التي تجري في العام المقبل؟ لقد كشفت السنوات الأخيرة أن الفروقات السياسية بين اليسار واليمين في طريقها إلى الاضمحلال. وبهذا فإن الناخبين ما عادوا يعولون على الوعود الانتخابية وإجراءات تخفيف الضرائب أو تحسين فرص العمل، طالما أن المرشح محكوم بظروف خارجية وداخلية أقوى منه، بحيث لم يتبق له سوى الاهتمام بصورته الخارجية كورقة مهمة في المنافسة وبقدرته على كسب الأصوات من خلال شخصية توحي بالقوة والثقة.
تفتح هذه الورقة الباب أمام السؤال القديم الجديد عن الحياة الشخصية للسياسيين. وفي حين يرى الفرنسيون أن رئيسهم لا يمكن أن يبقى متكتمًا على موضوع المرأة التي تشغل حياته، فإن هولاند لا يريد أن يلدغ ثانية من صحافة الفضائح بعد كشف زياراته الليلية السرية لصديقته الممثلة جولي غاييه، وهي القصة التي أنهت علاقته بشريكة حياته فاليري تريرفيلر. ثم جاء كتاب الاعترافات الذي نشرته هذه الأخيرة ليزيد في طين الرئيس الفرنسي بلة. ولذلك قرر وضع حاجز حديدي بين ما يقوم به خارج أوقات العمل وبين كاميرات «البابارازي». مع هذا، فقد تسرب إلى الصحافة خبر ذهابه إلى مدينة كان، جنوب البلاد، حال عودته من زيارته لنيويورك أول من أمس، وذلك ليطمئن على والده الذي دخل المستشفى لمتاعب في القلب. ولم تصدر الرئاسة أي بيان بهذا الشأن ولم تتسرب أي صورة منه إلى الصحف. لكن هذا التكتم لا يرضي فئات من الفرنسيين من قراء المجلات الشعبية ومن اعتادوا التسلي بفضائح السياسيين. وهم يودون معرفة وضع رئيسهم مع صديقته الممثلة، هل سيشهر علاقته بها أم يخوض الانتخابات لدورة رئاسية ثانية، في حال حسم أمره، ليكون المرشح الوحيد الذي لا ترافقه امرأة؟
تجربة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كانت ناجحة. وهو قد سارع إلى التشبث بقشة نجاة تدعى كارلا بروني حال طلاقه من زوجته سيسيليا ألبانيز. ولا أحد ينكر أن الحضور اللطيف لكارلا ساهم في تحسين صورة ساركوزي وفي التخفيف من طبعه المقتحم والعصبي. أما هولاند، فإنه يتهرب من التطرق إلى جولي وفاليري ويفضل الحديث عن شريكته الأولى ووالدة أبنائه الأربعة سيغولين روايال. وفي مقابلة حديثة أجرتها معه مجلة «إيل» النسائية، تبسط الرئيس الحالي في الكلام وكشف أنه خلال فترة ارتباطه بسيغولين، رفيقته في النضال، فإنه كان يساعدها في طبخ طعام الأسرة ويحكي الحكايات لأطفالهما قبل النوم.
في لائحة المتنافسين على الرئاسة يحتل رئيس الوزراء الأسبق آلان جوبيه مكانة قوية كمرشح لليمين. لكن مشكلة جوبيه لا تكمن في افتقاده إلى امرأة، بل في شخصيته التي توصف بالباردة. فهو بطيء في الحركة، متمهل في الكلام، لا يرفع صوته في النقاش بعكس العادة الفرنسية في الميل إلى الخطابة وبلاغة العبارة. لكن من الواضح أن جوبيه يبذل جهدًا للخروج من هذه الصورة وتقديم صورة السياسي الدافئ والمبتسم والمشغول بمشكلات الفرنسيين البسطاء. وطبعًا، فإن هذا الجهد ليس وليد الرغبة الشخصية فحسب بل تقف وراءه مؤسسات متخصصة في العلاقات العامة وفي التسويق السياسي وخبراء يقدمون النصيحة للمرشح مقابل مبالغ محترمة. ولم يعد خافيًا أن معظم رؤساء الأحزاب وكثيرًا من الوزراء يستفيدون من خدمات وكالات التواصل مع الصحافة ومع الجمهور. وتتراوح النصائح ما بين تحسين مخارج الحروف عند الكلام إلى لون ربطة العنق وشكل التسريحة. ومن هذا المنطلق جرى ترتيب مقابلة مع جوبيه نشرتها مجلة «في إس دي» معززة بصور عائلية له مع شريكة حياته. وهو يتفهم رغبة الناس في معرفة خفايا مرشحيهم، لكنه يبقى ضد مبالغة بعض السياسيين في استعراض حياتهم الشخصية. هل يقصد ساركوزي، المنافس الأقوى في صفوف اليمين؟
من هؤلاء المهتمين بالصورة الخارجية وما تعكسه في أعين الناخبين، وزير الاقتصاد إيمانويل ماكرون. وهو الوزير الشاب والديناميكي الخبير بأحوال العالم الغربي والاقتصاد العالمي، الذي كادت صورته أن تطغى على صورة رئيسه. وللمساهمة في تطرية شخصيته ومنحه صفة «الرجل المحب» وليس «الداينمو» الذي يدر من دون مشاعر، تم ترتيب مقابلة مع زوجة ماكرون، مع صور جميلة، تحدثت فيها عنه وعن خصاله الحميدة. وعادة ما يطلق المراقبون على هذا النوع من الصفحات الملونة تسمية «عملية الأنسنة».
المرشحون الفرنسيون مطالبون بتحسين صورتهم الاجتماعية قبل معركة الرئاسة
هولاند تنقصه امرأة رسمية.. وجوبيه يسعى للتغلب على البرود
المرشحون الفرنسيون مطالبون بتحسين صورتهم الاجتماعية قبل معركة الرئاسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة