الميليشيات تُمطر أهالي تعز بقذائفها وصواريخها.. ومظاهرات تطالب بفك الحصار

طوارئ مستشفى الثورة العام يدق ناقوس الخطر تحذيراً من تفشي مرض السل الرئوي

مسنة يمنية  تترقب الأوضاع الأمنية قبل تجولها بالحي القديم في العاصمة اليمنية صنعاء مساء أول من أمس (رويترز)
مسنة يمنية تترقب الأوضاع الأمنية قبل تجولها بالحي القديم في العاصمة اليمنية صنعاء مساء أول من أمس (رويترز)
TT

الميليشيات تُمطر أهالي تعز بقذائفها وصواريخها.. ومظاهرات تطالب بفك الحصار

مسنة يمنية  تترقب الأوضاع الأمنية قبل تجولها بالحي القديم في العاصمة اليمنية صنعاء مساء أول من أمس (رويترز)
مسنة يمنية تترقب الأوضاع الأمنية قبل تجولها بالحي القديم في العاصمة اليمنية صنعاء مساء أول من أمس (رويترز)

في الساعات الأولى من بدء محادثات السلام بين الأطراف اليمنية في دولة الكويت الشقيقة، أمطرت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، أهالي مدينة تعز بقصفها العنيف والعشوائي من خلال قصفها بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة على الأحياء السكنية في مدينة تعز وعدد من قرى المحافظة بما فيها مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني في مختلف الجبهات.
وتمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من صد محاولات الميليشيات المستميتة على مواقع المقاومة الشعبية في الجبهة الغربية والشرقية والشمالية، بما فيها السجن المركزي في الضباب، غربا، وحي الزنوج، شمالا، حي كلابة وثعبات، شرق المدينة، وذلك في خرق واحد من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح للهدنة التي تم الاتفاق عليها مؤخرا والتي تنص على تثبيت وقف إطلاق النار وفتح المنافذ والطرق المؤدية إلى مدينة تعز.
وقال مصدر في المقاومة الشعبية في تعز إن «المواجهات العنيفة التي شهدتها مختلف الجبهات سقط فيها قتلى وجرحى من أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني، علاوة على سقوط قتلى وجرحى من المدنيين جراء قصفهم من قبل الميليشيات الانقلابية ومن بينهم امرأة».
وأضاف أن «الميلشيات الانقلابية استخدمت المدافع بمختلف أنواعها ومضادات الطيران لتقصف بها أهالي المدينة من مناطق تمركزها في شرق المدينة وقصفت بقوة مواقع المقاومة الشعبية في ثعبات والأحياء السكنية في الزهراء والثورة، الأمر الذي يؤكد فعلا أن الميليشيات استغلت الانشغال ببدء محادثات الكويت لتشن ضرباتها على تعز، وتثير الرعب والفزع في أوساط المواطنين».
من جانبه، قال الشيخ عدنان رزيق، قائد كتائب حسم بمدينة تعز، إنهم ماضون في تطهير إقليم الجند (تعز وإب) وإن مدينة أب منتظرة الإشارة في الانتفاض على تلك الميليشيات الانقلابية التي أصبحت تعيش آخر أيامها.
وأضاف، في تصريحات إعلامية، أن «اللجنة الأمنية تقوم بملاحقة من تسول له نفسه إرهاب الناس والقيام بأساليب من شأنها تشويه المقاومة، وأن مجلس تنسيق المقاومة قد أصدر عدة إجراءات ومنها إنشاء محكمة مستعجلة لبث في قضايا الناس».
وأشاد قائد كتائب حسم بدور التحالف العربي العربي الذي تقوده السعودية في مساعدة المقاومة الشعبية بمختلف أنواع الدعم، وبدور أحرار محافظة أب بمقاومتهم المتنوعة. وطالب من قوات التحالف إرسال المزيد من الدعم اللامحدود وذلك بالتنسيق مع المقاومة الشعبية والجيش الوطني لتحرير بقية أراضي إقليم الجند الذي يمثل قلب اليمن كثافة وقدرة في إيجاد التنمية المطلوبة.
إلى ذلك، انطلقت مسيرة شعبية حاشدة من وسط مدينة تعز بعد صلاة الظهر. وطالب المشاركون في المسيرة الرئيس عبد ربه منصور هادي وقوات التحالف، بسرعة فك الحصار عن المدينة وإيقاف الحرب الإجرامية، قبل الخوض بأي حوار مع الميليشيات الانقلابية التي لا تلتزم بأي اتفاقيات وعهود وما زالت ترتكب جرائمها في مدينة تعز. وأكد المشاركون رفضهم لأي تسوية سياسية تنتقص من تضحية أبناء تعز ووقوفهم ضد الانقلابيين وتأيدهم لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
من جهة ثانية زار وفد منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، وللمرة الثانية منذ عام في الوقت الذي لا تزال ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح تواصل حصارها للمدينة وتمنع عنهم دخول المواد الغذائية والطبية والإغاثية وأسطوانات الأكسجين والمشتقات النفطية وجميع المستلزمات. والتقى وفد اليونيسيف بأعضاء السلطة المحلية، حيث ناقش معهم احتياجات المدينة، مستغلا بذلك التهدئة وبدء محادثات الكويت للعمل مع جميع الأطراف، على حد وصفهم، حيث وعد الوفد بإدخال مساعدات إنسانية المدينة.
في سياق متصل، حذر مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في تعز، من تفشي مرض السل الرئوي في تعز. وقال المركز في بلاغ صحافي له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «بقلق بالغ تلقينا نداء الاستغاثة العاجلة الصادر عن مركز الطوارئ الباطني بهيئة مستشفى الثورة المستشفى الذي تناضل إدارته وطاقمه الطبي في تقديم الخدمات الطبية رغم تعرضه بشكل متواصل للقصف بالقذائف المدفعية والصاروخية من قبل الميليشيات الانقلابية وحليفها وفي ظل شحة الإمكانات وغياب الظروف المثالية للعمل الطبي». وأضاف أن «تلك المناشدة حملت للرأي العام المحلي والدولي تحذيرًا من ذوي الاختصاص حول توافد حالات مرضية بصفة يومية شخصت جميعها بـ(سل رئوي) أو ما يعرف بالـ(تي بي)، وهو ما جعل المختصين بمركز الطوارئ يدقون ناقوس الخطر كون تلك الحالات كانت نادرة في المحافظة فلا تكاد تصل المستشفى إلا حالة واحدة في الشهر وأحيانا في العام».
وناشد مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في تعز، كل من يهمه الأمر في اليمن والإقليم والعالم بدءًا باللجنة الطبية بالمحافظة وقيادة السلطة المحلية والحكومة والمنظمات الدولية ذات العلاقة في التدخل السريع لمحاصرة الوباء باكرًا قبل استفحاله وانتشاره بصورة جائحة صحية يصعب التعامل معها لاحقًا، حيث إن «المؤشرات تؤكد على بداية انتشار السل الرئوي من خلال تزايد الحالات الواصلة للمستشفى، وذلك نتاج لتردي الأوضاع الصحية والتلوث البيئي وسط غياب الخدمات وغيرها». كما ناشد المركز الجميع الإسهام بصفة عاجلة في وجود مكان عازل لهؤلاء المرضى في مكان ما في أحد المستشفيات لمنع انتشار المرض بين الناس، توفير جميع العلاجات الخاصة بهم والذي يشمل علاج TB وفيتامين بي 6 ومهدئ للسعال ومنشطات للكبد ومهدئ للحمى وأكسجين وغيرها، توفير تغذية خاصة لهم وتوفير كادر طبي متخصص لعلاج ومتابعة الحالات، لكي يتسنى إنقاذ حياة الناس من وباء لن يختار ضحاياه لأنه سيشمل الجميع حال تم تجاهله.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.