مع ترقب كل أندية الدوري الممتاز الإنجليزي، بدأ تفعيل اتفاقية البث التلفزيوني التي ستدعم خزائنهم بملايين الجنيهات الموسم المقبل، فليس هناك وقت أسوأ من الوقت الحالي للهبوط للدوري الأدنى، وها قد فعلها أستون فيلا ليهبط للفوضى.
يا لوحشية الهبوط! فعندما تشجع فريقا ما، قد تأتي عند نقطة معينة ترى فيها حجم المعاناة، كما هو الحال بالنسبة لمشجعي أستون فيلا، فلسان حالهم يقول إنه ليس من المهم أن تكون مستعدا أو كم مرة حدث هذا الأمر من قبل. فلاعبو الفريق أصبحوا أشبه بالأموات، هائمين على وجوههم بعد أن سقطت عليهم المقصلة.
قال بيتي ماي، مؤلف خمسة كتب عن فريق وستهام ذات مرة،: «شهدت عملية الولادة مرتين من قبل، وشهدت الهبوط للدوري الأدنى خمس مرات».
وأضاف: «تبدو عملية الولادة مؤلمة للغاية، لكنها لا تستغرق سوى ساعات معدودة، في حين يدوم ألم الهبوط للدوري الأدنى طوال موسم الصيف، وربما يمتد أبعد من ذلك. بالإضافة إلى أن عملية الولادة تنتهي بنتيجة إيجابية، لكن في الهبوط ينتابك شعور بأن الأمور قد تتطور للأسوأ».
يحدث هذا في الغالب، فتجربة ليستر سيتي خير شاهد على ذلك في ضوء المحن السابقة التي ألمت بالبطل المرتقب، والدروس التي يمكن لأستون فيلا استيعابها، وإدراكه أن انفراط العقد أمر وارد الحدوث. آخر مرة تعرض فيها فريق ليستر للهبوط كان في عام 2004. وعقب ذلك احتل المركز الـ15 والـ16 ثم الـ19 في دوري الدرجة الأولى، وتلا ذلك تدهور آخر في الموسم الرابع بالمسابقة نفسها، حين احتل الفريق المركز الـ22 ليهبط إلى الدرجة الأدنى، ثالث أقسام الكرة الإنجليزية.
قضى فريق نوتنغهام فورست أيضا وقتا في دوري الدرجة الثالثة، أو دعنا نقول ثاني أسوأ دوري في إنجلترا، وكذلك فعل فريق ليدز يونايتد الذي هبط للقسم نفسه.
ديفيد برنستاين، أحد من عينهم فريق أستون فيلا في منصب مدير تنفيذي في محاولة لإيقاف دوامة الهبوط، يدرك الأخطار بعد تجربته المباشرة وأيامه التي قضاها مديرا لنادي مانشستر سيتي، الذي كان يترنح في عهد مع رتشارد أدغيل، وغريد برانان، ولي برادبري، على عكس ما يحدث حاليا من تألق في وجود نجوم مثلثة فنسينت كومباني، وكيفين دي بروين، وسيرجيو أوغيرو.
لقد هبط مانشستر سيتي قسمين في الدوري قبل أن ينجح في الصعود مجددا، بعدما التفت أصابع الهبوط حول رقابهم للمرة الثانية، وبعدما نشرت صحيفة «مانشستر إيفنينغ نيوز»، أو أخبار مانشستر المسائية، صورة طفل من مشجعي الفريق يمسح دموعه بعلم سيتي. طلب برنستاين نسخة من الصورة نفسها المعبرة ليعلقها على جدران غرفة مجلس الإدارة بملعب الفريق في «مين رود». كانت الصورة للتذكرة، لتقول للزوار إن النادي لن يجعل جماهيره تعيش تلك اللحظات التعيسة مرة أخرى.
كتب برنستاين رسالة اعتذار لحاملي التذاكر المخفضة، واصفا كلماته بأنها أقل ما يمكن أن يفعله أستون فيلا لجماهيره، في حين نشرت مجلة النادي الرسمية «ذا سيتي» عنوانا يقول: «هناك أسباب للبهجة»، في محاولة للتخفيف من حزن الجماهير. تضمنت أسباب البهجة عروض «رحلات ترفيهية في نهاية الأسبوع لعدد من الشواطئ مثل بلاكبول، وبورنموث»، وحضور مباريات ساخنة في مقاطعة لانكشاير أمام فرق عريقة مثل «بيرنلي» و«بريستون نورث إند»، والأجمل من كل ما سبق «الاستمتاع بحمام رملي دافئ خلال الرحلات خارج المدينة» في أماكن مثل لنكولن سيتي، وماكسفيلد تاون، ويورك سيتي.
جرح أستون فيلا ليس بهذا العمق، لكن من الصعب لهم أن يجدوا سببا للابتهاج خاصة عندما يرون فرقا مثل والسول، وبورتون ألبيون تتنافس معهم في المسابقة نفسها العام القادم في وضع يرونه مخيبا للآمال شكل حصيلة ست سنوات من الانجراف، والأداء الواهن في ظل مجلس إدارة هزلي. ونتيجة لكل تلك العوامل المؤثرة أصبح من الصعب تصور أن تطهير المكان سوف يحدث سريعا.
من ناحية التأثير المادي، حتى وإن وضعنا في اعتبارنا المال الذي يهبط على الفريق من الدوري الممتاز، فإن هبوط الفريق يعني فقدان مبلغ مائتي مليون جنيه إسترليني على الأقل تمثل عائدات البث التلفزيوني حال فشل الفريق في العودة لدوري الأضواء مجددا خلال السنوات الثلاث القادمة. ومن المقرر إبرام صفقة البث التلفزيوني في أغسطس (آب) القادم بقيمة 8.3 بليون جنيه إسترليني (لخمس سنوات)، ناهيك عن العائدات الضائعة لتذاكر المباريات، والرعاية وغيرها من موارد الدخل. لكن الفريق فعلها وهبط، فلم يمر الفريق بظروف هبوط أسوأ من تلك التي يمر بها الآن حيث بات في موقف عصيب، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار حجم وتاريخ النادي، بالإضافة إلى الشعور الذي ظل يخالج جمهوره الذي عشقت عيونه ملعب النادي بمنطقة ويتون لين بأسواره ذات الطوب الأحمر، والممر المؤدي لمعلب هولت إند، وتماثيل السباع، والألوان والضجة التي جعلت من فيلا بارك أحد صروح كرة القدم.
أدرك النادي أن اللعب فقط ليس الجانب الوحيد الذي يحتاج للمراجعة والتصحيح باستدعاء برنستاين مجددا بالإضافة إلى ستيف هوليز رئيسا جديدا للنادي واستحداث منصب جديد في مجلس الإدارة لبراين ليتيل، لاعب ومدير سابق بفريق أستون فيلا، ولأدريان بفينغتون، عضو سابق بمجلس إدارة اتحاد الكرة الإنجليزي. من الممكن أن يشكل ذلك البداية على أقل تقدير، وسوف يفتقد القليلون المدير التنفيذي السابق توم فوكس، والمدير الرياضي هندريك المستاد، الذي أجبر على ترك النادي.
لا يزال هناك كثير من العمل الضخم المطلوب إنجازه كي يكون لعهد مالك النادي راندي ليرنر معنى، إذ إن الكثيرين باتوا يسخرون من مدلول كلمة «مستعد» التي يحملها شعار النادي، وهو الشعار الذي تكلف كثيرا من المال كي يعاد تصميمه (فقد أنفق أستون فيلا في تعديل تصميم الشعار أكثر بكثير مما دفعه للاعبيه في انتقالات يناير (كانون الثاني) للخروج بالفريق من هذه الحفرة).
حدث أن طلبت إدارة النادي من إحدى قدامى العاملات به أن تجيب على اختبار عن تاريخ نادي أستون فيلا كي تقنع رؤساءها بجدارتها بالاحتفاظ بعملها. جاء ذلك ضمن حملة لتقليص العمالة بالاستغناء عن مائة من العاملين بالنادي، وسوف يكون من المثير الآن رؤية ما إذا كان النادي سوف يبقي على بادي رايلي، محلل الفيديو السابق الذي يحمل حاليا لقب مدير الكشافين والتوظيف بالنادي. في الحقيقة، إن تاريخ رايلي في التنقل من موقع لآخر يثير الشكوك حول تخطيه كثيرا من الترقيات، ويستدلون على فشله بقصة موجعة حدثت عندما عاد وكيل أحد اللاعبين الذين وقعوا للنادي كي يتفاوض مجددا في بنود العقد. كان رايلي دوما في موضع المسؤولية مع سكرتير النادي، وكان الوكيل منزعجا من الغياب المتكرر لكبار المسؤولين بالنادي بعدما ألقي نظرة على مكاتبهم الخاوية وغادر في استياء، بيد أن رايلي أقنعه بالعودة.
يعتبر نيغل بيرسون المرشح الأبرز لشغل منصب المدير الفني، لكن لا يوجد ثمة مؤشر على أن ليرنر على وشك الوصول لمشترٍ للنادي، لكن الخلاصة هي أن أستون فيلا هو بالفعل فريق الكوميديا التراجيدية، سواء داخل الملعب أو خارجه. أحد كشافي النادي الأوروبيين، المسؤول عن اكتشاف المواهب الجديدة في إسبانيا والبرتغال، اتضح أنه لا يزال طالبا يدرس الصحافة، في حين أن كشافا آخر هاجر إلى أستراليا بداية الموسم الحالي في الوقت الذي كان مكلفا فيه باستكشاف لاعبي الدوري الألماني.
فيما يخص اللاعبين، ماذا تقول عن لاعب مثل جابرييل أجبونلاهور الذي ولد في برمنغهام وانضم لأستون فيلا منذ نعومة أظفاره، ومن المفترض أن يعطي كل ما في وسعه لناديه، ورغم ذلك تجده يفتقد مقومات الاحتراف للدرجة التي جعلته يخضع لبرنامج لياقة بدنية لأنه غير قادر على المحافظة على لياقته ومستواه؟ هذا اللاعب الذي لم يسجل سوى هدف يتيم هذا الموسم، ترك الفريق خلال فترة التوقف للمباريات الدولية منتصف الشهر الماضي ليقضى إجازة في دبي. تعكس حالة هذا اللاعب ثقافة الانحدار، وإذا كان لأستون فيلا طموحات حقيقية في استعادة كبريائه، فإن هذا الصيف فرصة مناسبة كي يوجه له الشكر ويتمنى له أياما سعيدة ويستغني عن خدماته.
حالة الفوضى مذهلة، وبصراحة من الأسهل لليرنر تجنب الأسئلة المحرجة عن استحقاقه للوم عندما يكون الخيار الآخر هو المحافظة على مسافة كافية مع الناس، والبقاء في مسكنة، وألا يتواصل إلا بتصريحات موسمية من خلال الموقع الإلكتروني للنادي. حسب تعبير بيل ليفنغستون، المحرر الرياضي الأميركي، ذات مرة معلقا على أداء ليرنر عندما كان مالكا لفريق كليفلاند براونز: «لا يمكنني التفكير في أي شخص آخر خلال الثلاثين عاما الأخيرة جاء للمدينة بكل هذه الجعجعة ولم يقدم سوى القليل في المقابل»، ويستطيع جمهور فيلا ملاحظة التطابق بين التوصيف القديم والواقع. واختتم ليفنغستون قائلا إن «العنصر الثابت الأبرز بين كل من استقدمهم ليرنر هو الافتقاد للتقييم والحكم السديد»، مضيفا: «لم يكن مالكا جيدا بأي حال، لكنه أيضا لم يكن محظوظا أيضا».
قد لا يكون هذا أهم شيء الآن، لكن ربما يفسر لنا ليرنر السبب في أن الراتب السنوي لفريق ليستر كله يزيد خمسة أضعاف على راتب المدير التنفيذي السابق باول فولكنر، إذ ارتفع الرقم من 265.792 جنيها إسترلينيا إلى 1.255.769 جنيها إسترلينيا. ربما يساعدنا في معرفة ما إذا كان من الضروري بالفعل تعيين 496 موظفا بالنادي، وهو سادس أعلى نسبة توظيف بين جميع أندية الدوري الممتاز، مقارنة بفريق مثل توتنهام هوتسبير (380 موظفا)، ونيوكاسل يونايتد (288 موظفا)، وإيفرتون (274 موظفا)، وضعف إجمالي العاملين في وستهام (250 موظفا)، وليستر (188 موظفا) مجتمعين.
وكشأن برنستاين على مدار كل تلك السنوات، قد يكون في حاجة لأن يعتذر لجميع المشجعين الذين تشككوا في أن سوء الإدارة واللامبالاة سوف تأخذهم في اتجاه واحد وهو الهبوط.
سوء الإدارة واللامبالاة وراء دفع أستون فيلا للهبوط
ليرنر مالك النادي ورجاله أفشلوا الفريق والنادي سيخسر نحو 200 مليون إسترليني
سوء الإدارة واللامبالاة وراء دفع أستون فيلا للهبوط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة