عندما تم تعيين دييغو سيميوني مدربا لأتلتيكو مدريد في ديسمبر (كانون الأول) 2011. واجه مناقشة محرجة مع نجله. كان عمله في مدريد يعني أنه سيمضي وقتا أقل مع أسرته في الأرجنتين. ومع هذا، فإن شيئا مختلفا كان هو ما يثير قلق ابنه؛ «هل ستوقف قدرات ميسي ورونالدو؟»، كلمات قالها ابن الـ9 سنوات وهو يضحك من هذه المسؤولية التي تبدو غير معقولة.
لقد تفوق سيميوني على ليونيل ميسي مرتين خلال 4 سنوات ونصف من مسيرته في مدريد، لكنه اختار لحظاته بشكل رائع، حيث قاد أتلتيكو مرتين للنجاح على حساب برشلونة في دور الثمانية بدوري أبطال أوروبا. وكان انتصار يوم الثلاثاء الأسبوع الماضي مثالا نموذجيا فائقا على كيفية حرمان نجوم المنافس من الظهور والتألق. تصدى سيميوني لمشكلة ميسي ووجد لها حلا.
من الممكن أن تكون بانتظاره مواجهة أخرى ضد ريال مدريد، لكن المهمة القادمة لأتلتيكو ستكون قتل غول هائل، يخرج من ماضيه ويلوح لمخيلته كل لحظة، ويماثل في خطورته ميسي أو كريستيانو رونالدو. قبل 6 دقائق من الوقت الإضافي في نهائي الكأس الأوروبية عام 1974. كان أتلتيكو متقدما على البايرن، عن طريق هدف من ركلة حرة نفذها لويس أراغونيس. بدا حينئذ أن أتلتيكو سيكون ثاني الأندية الإسبانية التي تفوز بالبطولة، لكن في الدقيقة الأخيرة، أطلق مدافع بايرن جورج شوارزنبيك تسديدة قوية من مسافة 30 ياردة، أخطأها حارس أتلتيكو ميغيل رينا ليدرك التعادل. وتقول الأسطورة إن أحد المصورين الفوتوغرافيين تسبب في تشتيت الحارس.
فاز بايرن بمباراة الإعادة 4 - 0. ولم يصل أتلتيكو لنهائي آخر قبل 40 سنة أخرى، ومرة أخرى سقط بهدف تعادل في الدقيقة الأخيرة، أحرزه سيرجيو راموس هذه المرة: ومن ثم فإن هزيمة بايرن في نصف النهائي والريال في النهائي ستكون بمثابة قتل كل أشباح النهائيات الأوروبية السابقة. ستكون هذه أول مواجهة لأتلتيكو وبايرن منذ نهائي 1974، وقد سبق وواجه سيميوني جوسيب غوارديولا مرة واحدة من قبل، حيث هزم أتلتيكو من برشلونة 2 - 1 في موسم 2011 - 2012. لكن مباراة دور الثمانية ضد برشلونة، تمثل أفضل إعداد لمواجهة البايرن. طور غوارديولا من فكره في بايرن، ولم يعد يتمسك بطريقة 4 - 3 - 3. وهو مستعد بشكل أكبر لأن يلعب الكرات الطويلة والمخاطرة بخسارة الاستحواذ، لكن الأفكار التي بثها في البايرن هي نفسها التي غرسها في برشلونة.
سيهيمن البايرن على الاستحواذ ضد أتليتكو، تماما كما فعل برشلونة (استحوذ الفريق الكتالوني بنسبة 72 في المائة في مباراتي دور الثمانية)، لكن هذا لا يزعج سيميوني، فالرجل مستعد تماما لأن يلعب من دون أن يملك الكرة. سيكون هناك أوقات يتراجع فيها رباعي خط وسطه إلى مناطق متأخرة جدا من ملعبه، 10 ياردات أو نحو ذلك أمام رباعي الدفاع، ليحرم بايرن من المساحات، لكن ستكون هناك كذلك أوقات سيضغط فيها أتلتيكو.
وما كان ملحوظا خلال مباراة الإياب ضد برشلونة هو الطريقة التي تمكن بها من أن يسد بشكل مؤثر جدا قنوات الاتصال بين سيرجيو بوسكيتس والظهيرين، فأربك وعطل نمط برشلونة الطبيعي من التمريرات القادمة من الخلف. وهذا التداخل بين لاعبي الوسط المتأخرين (تشابي ألونسو و-أو تياغو ألكانتارا) والمدافعين (خاصة فيليب لام وديفيد ألابا) يعد شيئا محوريا بالنسبة إلى طريقة لعب بايرن كذلك، ومن المؤكد أن سيميوني سيستهدف إرباك هذه المنطقة.
إن جمال هذه المواجهة يكمن في أنها تضع سيد التكتيكات الدفاعية، سيميوني، المدمر العظيم، المدرب الذي حول تعطيل وإرباك خطط المنافسين إلى شكل فني، في مواجهة المبدع العظيم، غوارديولا، الأب الروحي لطريقة «التيكي تاكا»، المدرب صاحب الثراء والتنوع التكتيكي الأعظم في كرة القدم الحديثة. وسيكون من أجزاء التحدي بالنسبة إلى سيميوني أن يتوقع كيف سيلعب غوارديولا، ثم يعمل لمواجهته.
وبخلاف سيميوني، فإن مبعث القلق بالنسبة لغوارديولا، لا بد أن يكون أن البايرن، مرة أخرى، يبدو أنه فقد بعضا من إيقاعه في النصف الثاني من الموسم. دوغلاس كوستا بعيد تماما عن المستوى الذي كان عليه قبل الكريسماس، بينما كانت هناك فترات خلال مواجهات يوفنتوس وبنفيكا بدا فيها أن البايرن عانى من أجل الاستحواذ. إن الحديث عن التراجع نسبي - فالبايرن نزف 7 نقاط في 12 مباراة منذ فترة التوقف الشتوي - لكن مناطق الضعف الدفاعية التي انكشفت في المواجهات الأوروبية ربما تكون مثار قلق. ارتكب حارس بايرن مانويل نوير أخطاء في المباراة الثانية أمام يوفنتوس وبنفيكا وكان واضحا كيف اهتز البايرن في بعض الأوقات نتيجة الضغط الذي مارسه يوفنتوس. ولا بد أن سيميوني سينتبه إلى هذا.
في مواسمه الـ3 السابقة في دوري الأبطال، كانت المشاكل تظهر في الفرق التي يقودها خلال جولة نصف النهائي، وآخر مرة حدث هذا، كان على أيدي براعة برشلونة المبنية على الأساسات التي أرساها، بينما في المرتين السابقتين حدث هذا على أيدي منافسين براغماتيين كانت هجماتهم المضادة أكثر حسما. ربما لن يكون أتليتكو وحده هو من سينظر إلى الماضي ليسجل الملاحظات ويتخلص من المشاكل التي تسكنه. لكن بالنسبة إلى سيميوني، يبدو أن هذه النسخة من دوري الأبطال تسير وفقا للنسق الذي سبق وقاله ابن سيميوني. هل ستتغلب على ميسي؟ حصل. هل ستقدر على رونالدو؟ ربما. لكن الآن هناك غوارديولا، وعليه أن يبعده عن طريقه.
سيميوني ضد غوارديولا.. أستاذ الأساليب الدفاعية يواجه المبدع العظيم
نصف نهائي دوري الأبطال بين أتلتيكو وبايرن يشهد مواجهة بين مدرستين تدريبيتين مختلفتين
سيميوني ضد غوارديولا.. أستاذ الأساليب الدفاعية يواجه المبدع العظيم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة