بدأت الإدارة الذاتية في شمال سوريا، تفعيل جناح عسكري جديد خاص بها، عبر خطة تدريبية كشف عنها أمس، ليُضاف إلى سلسلة التشكيلات العسكرية المستقلة في سوريا، وسط معلومات متضاربة عما إذا كانت قوات «وحدات الحماية الذاتية» ستكون نواة «الجيش الوطني» السوري، في المستقبل، وهو ما تراه المعارضة السورية «حلولاً مؤقتة أوجدها وجود داعش، وتنتهي بمجرد التوصل إلى حل سياسي ينهي النظام ورئيسه». وفيما قال القائد العام لهذه القوات ريناس روزا إن «وحدات الحماية الذاتية» تتدرب لتكون «نواة الجيش الجديد الذي سيتولى حماية الإقليم الفيدرالي في شمال سوريا»، قال مصدر بارز في حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات سوريا الديمقراطية هي نواة الجيش السوري في المستقبل»، مؤكدًا أن هؤلاء «هم جنود متطوعون في واجب الدفاع الذاتي، يؤدون الخدمة الإلزامية، وأوكلوا مهمة حماية المنشآت والإدارات في داخل المناطق الذاتية»، مشددًا على أنهم «ليسوا قوة قتالية بالدرجة الأولى».
وأكد الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو لـ«الشرق الأوسط» أن «وحدات الحماية الذاتية» مسؤولة عن التجنيد العسكري الإلزامي للشباب في منطقة شمال سوريا: «وتضم القوات مجندين من كافة الفئات وكافة المكونات الإثنية والدينية في المنطقة»، مشيرًا إلى أن هذا التشكيل «موجود من فترة سبقت تأسيس قوات سوريا الديمقراطية، ويخدم هؤلاء الشباب الذين يبلغون سن الـ18 عامًا، لمدة 6 أشهر في الخدمة الإلزامية»، لكنه لفت إلى أن الفارين من الخدمة الإلزامية ويجري القبض عليهم «يخدمون مدة سنة».
وقال سلو إن هذا التشكيل العسكري «مستقل عن قوات سوريا الديمقراطية، وله قيادة مستقلة، لكن تتم الاستعانة بهم للمشاركة في عمليات قتالية، حين تستدعي الحاجة». وتضم هذه القوات الجديدة، وفق روزا الذي نقلته تصريحاته وكالة «الصحافة الفرنسية»: «آلاف الشبان، من جميع المكونات: أكراد وعرب وسريان وشركس» تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما من «كافة الطبقات الاجتماعية». ويقضي هؤلاء تسعة أشهر إلزامية في التدريب قبل أن ينتقلوا إلى جبهات القتال وحماية المواقع التي سيطر عليها الأكراد مؤخرا بعد استعادتها من تنظيم داعش. وكون الخدمة في قوات الحماية الذاتية إلزامية، يقول مسؤول فيها: «نتفحص أوراق الناس عندما يعبرون الحواجز، وإذا وجدنا من لم يكملوا التدريب مع قوات الحماية الذاتية، نأخذهم فورًا إلى التدريب».
وكانت الحاكمية المشتركة لمقاطعة الجزيرة صادقت، في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، على المرسوم الذي يتضمن قانون أداء واجب الدفاع الذاتي عن مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية. ووقع الحاكمين المشتركين لمقاطعة الجزيرة هدية يوسف والشيخ حميدي الدهام على المرسوم بعد أن أقره المجلس التشريعي في جلسته بتاريخ 16 - 1 - 2016.
والاهتمام بهذه القوة في هذا الوقت، جاء بعد الإعلان عن خطة لفدرلة المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد ومكونات أخرى تحت مسمى «الإدارة الذاتية». لكن صلاحيات هذه القوة، كما أُعلن عنها، تتناقض مع الأسباب التي دفعت لإنشائها في وقت سابق قبل أكثر من عام، كما تتضارب مع صلاحيات القوى العسكرية الرئيسية في إدارة الذاتية.
وقال مدير مركز الدراسات الكردية نواف خليل لـ«الشرق الأوسط» إن القوة الأساسية في مناطق الإدارة الذاتية هي «وحدات حماية الشعب»، التي تعد جزءًا من «قوات سوريا الديمقراطية»، مشيرًا إلى أن «وحدات الحماية الذاتية» تعد جزءًا من القوات المقاتلة، وتتحول إلى قوة إسناد إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وأوضح أن المهام الموكلة إليها في هذا الوقت تتمثل في «حماية الإدارات والمراكز الموجودة في المنطقة، وستكون جزءًا من القوات التي تحمي الفيدرالية». ونفى خليل أن يكون هناك تضارب في صلاحيات التشكيلات العسكرية والأمنية في الإدارة الذاتية في شمال سوريا، قائلاً: «جميع القوى العسكرية هي واحدة، لها قيادات واضحة توزع المهام وتنسق بين الصلاحيات، وليس هناك أي تناقض بين تلك القوى. وتعمل جميعها وفق طريقة متناغمة، ومتكاملة، بتنسيق مع القيادة العسكرية للإدارة الذاتية».
وتنتشر في منطقة الإدارة الذاتية «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعد التشكيل الأبرز، ويطمح الأكراد وحلفاؤهم من المكونات الأخرى لأن يكون «نواة جيش سوريا المستقبل». وتقاتل وحدات حماية الشعب ضمن صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» في المعارك ضد «داعش».
أما «وحدات الحماية»، فتعد القوة الأساسية في مناطق الإدارة الذاتية، وهي قوات النخبة في تلك المنطقة، وتتولى الآن القتال في منطقة شمال سوريا التي يطلق الأكراد عليها «روج أفا». وبحسب مصادر كردية، فإن وحدات حماية الشعب «لن تخضع للحل في سوريا المستقبل، لأنها ستكون القوة العسكرية الضامنة لحماية الإدارة الذاتية في المستقبل، وستكون على نسق قوات البيشمركة في العراق».
هذا، وتوجد قوات «واجب الدفاع الذاتي» التي يُطلق عليها أيضا اسم «وحدات الحماية الذاتية»، وهي موكلة حماية الإدارات والمناطق وتتضمن المجندين في الخدمة الإلزامية. أما قوات «الأسايش»، فهي قوات الأمن الداخلي الشرطة، وتتضمن قوة تدخل سريع ضمن تشكيلاتها.
وتوجد قوات الحماية الذاتية في مقاطعتي الجزيرة وعفرين على أن تقام قريبا معسكرات أخرى في كوباني أيضا.
وتنتشر في شمال سوريا، أربع تشكيلات في منطقة الإدارة الذاتية، وعشرات التشكيلات المحلية في مناطق سيطرة المعارضة وسيطرة النظام وحلفائه، وهو ما تراه المعارضة «حالة مؤقتة، تنتهي مع رحيل النظام».
وقال المعارض السوري البارز سمير نشار لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن كثرة المجموعات العسكرية في سوريا، هي محلية في مواضع معينة في الجغرافيا السورية، وليست على امتداد الوطن»، مؤكدًا أنها «حالات تعبر عن إشكاليات في المنطقة التي تنشأ فيها في مناطق الشمال الشرقي، حيث وجود داعش أصبح ذريعة لبعض القوى المدعومة من قوى إقليمية ودولية لإنشائها».
وأعرب نشار عن اعتقاده بأنه «بمجرد الانتهاء من داعش، كل الحالات سوف تنتهي، لأنها حالات مؤقتة لا تتسم بالجذرية والشمولية ولا موقف واضحًا لها من النظام، وتتعايش مع الصراع مع داعش الذي يعد منظمة إرهابية، يحاول الجميع التصدي لها». وقال إنه «من دون إيجاد حل سياسي في سوريا يغير النظام ورئيسه، لا يمكن إيجاد حلول مؤقتة لأن وجود النظام استولد تلك الحالات الإرهابية، والتشكيلات التي تتصدى لها، وأنشأ البيئة الجاذبة لتلك التشكيلات العسكرية».
إلى ذلك، تتواصل خطة تدريب «وحدات الحماية الذاتية» في منطقة عامودا في الحسكة. ويوضح روزا ببزته العسكرية ولحيته الخفيفة في تصريحات لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «قواتنا تخضع لثلاث مراحل أساسية من التدريبات» على أيدي قوات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا، والتي أثبتت أنها الأكثر فعالية قي قتال تنظيم داعش في سوريا.
ويشير روزا إلى أنه خلال أول شهرين يتم تدريب الشبان «على التنظيم العسكري والتكتيك فضلا عن أساليب القتال»، كما أنهم يخضعون «لتدريبات سياسية في بعض المؤسسات المدنية».
وتصاعد نفوذ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في عام 2012 مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية. وبعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من هذه المناطق، أعلن الأكراد إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في مقاطعات كوباني وعفرين (ريف حلب الشمالي والغربي) والجزيرة (الحسكة)، وأطلق عليها اسم «روج آفا» (غرب كردستان).
وفي 17 مارس (آذار)، أعلن الأكراد في مؤتمر واسع شاركت فيه مكونات عربية وسريانية وأرمنية وغيرها النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا. وسرعان ما لاقى هذا الإعلان رفض الحكومة السورية والمعارضة على حد سواء، إلا أن الأكراد بدوا مصرين على إكمال مشروعهم الذي طالما حلموا به، وقوات الحماية الذاتية ليست سوى جزء منه.
جيش كردي يحمي الإدارة الذاتية شمال سوريا.. والمعارضة تعتبره «حالة مؤقتة»
4 تشكيلات عسكرية.. و«وحدات حماية الشعب» تشابه البيشمركة العراقية
جيش كردي يحمي الإدارة الذاتية شمال سوريا.. والمعارضة تعتبره «حالة مؤقتة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة