اليهود الأوروبيون الذين وضعوا اللغة «اليديشية» القديمة لأنفسهم قبل أكثر من ألف عام، يرجعون في أصولهم إلى أربع قرى تركية، وفقًا لأحدث دراسة علمية لباحثين في جامعة شيفيلد البريطانية.
وتشير الدراسات السابقة إلى أن هذه المجموعة من اليهود التي يطلق عليها اسم «الأشكناز» تنتمي تاريخيًا إلى منطقة بحر الخزر، الذي يسمى اليوم بحر قزوين، ولا يعرف عنهم انتماؤهم إلى العرق السامي، كما هو الحال مع اليهود الذين عايشوا العرب على مدى التاريخ.
ووظف الباحثون بقيادة الدكتور إريان إلهيك الباحث في قسم علوم الحيوان والنبات، والمتخصص بدراسات علوم الجينات والمجموعات البشرية في الجامعة، أداة مماثلة لجهاز الملاحة الجغرافية لتحديد المواقع «جي بي إس»، تربط جينات المجموعات البشرية مع المواقع الجغرافية لأصولهم، وذلك بهدف رصد أصول متحدثي اللغة اليديشية في تركيا. وتوصلوا إلى نتائج تناقض النظرية السائدة بان هذه اللغة القديمة هي لهجة من لهجات اللغة الألمانية.
وقد ظلت اللغة اليديشية التي تحدث بها اليهود الأشكناز موضع دراسة العلماء لتحديد أصلها. وقد طور الباحثون أداة علمية أطلقوا عليها أيضًا اسم «جي بي إس» وهو اسم مختصر من أداة «البنية البشرية الجغرافية» Geographic Population Structure. وتحول هذه الأداة نتائج تحليل الحمض النووي «دي إن إيه» للأشخاص، إلى إحداثيات جغرافية تحدد موقع أجدادهم.
وحددت الدراسة انحدار جينات اليهود الأشكناز المتحدثين باللغة اليديشية قبل نحو 1500 عام من قرى قديمة في التاريخ شمال شرقي تركيا متجمعة حول «طريق الحرير» الطريق التجاري العالمي حينذاك، وهي قرى إسكيناز، وإيسكيناز، وإسهناز وأشكوز، ويبدو أن كل واحد من هذه الأسماء يمكن اشتقاقها من كلمة «أشكيناز».
وتفترض الدراسة الجديدة التي نشرت أول من أمس مجلة «جينوم بيولوجي أند إيفوليوشن» المتخصصة في بيولوجيا الجينوم والتطور، أن اللغة اليديشية قد استنبطت من قبل اليهود الإيرانيين والأشكيناز الذين كانوا يتاجرون عند طريق الحرير.
وقال إلهيك إن «اللغة والجغرافيا والجينات ترتبط مع بعضها بعضًا». وأضاف أننا قد نجحنا وبعد توظيف أداة «جي بي إس» البيولوجية لتحليل الحمض النووي لأفراد من الناطقين باللغة اليديشية وآخرين من غير الناطقين فيها، في وضع توقعات حول موطن الأجداد للناطقين بتلك اللغة منذ أكثر من ألف سنة.. وهو الموضوع الذي ظل علماء اللغة يناقشونه لعقود من السنين.
وقال الباحث البريطاني إن منطقة شمال شرقي تركيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي توجد فيها تلك الأسماء، الأمر الذي يشير بقوة إلى أن اللغة اليديشية قد تكونت بداية الألفية الثانية عندما كان التجار اليهود يوطدون نفوذهم على طرق الحرير للتجارة بين آسيا وأوروبا.
وأضاف أن «اليهود الأشكناز اخترعوا تلك اللغة الخاصة بهم كلغة سرية لليهود فقط. ولذا فإن نتائج دراستنا تقترب من نظرية مضادة تؤكد أن هذه اللغة تتكون من كلمات ذات أصول فارسية وتركية وسلافية. وهذا ما يفسر وجود 251 مرادفا لكلمتي (بع) و(اشتر)، لأنها لم تكن إلا لغة خاصة بالتجار. وتحتوي مفردات اللغة اليديشية على كلمات روسية وألمانية وعبرية، وهي تدون بحروف آرامية».
إلا أن نظرية مخالفة تقول إن اللغة اليديشية بدأت كلغة سلافية أولا بكلماتها وتركيبها النحوي إلى أن الكلمات الألمانية طغت عليها لاحقًا. وتقول الدراسة الجديدة إن اليهود الأشكناز انتقلوا فيما بعد إلى مملكة الخزر، قبل أن يتوجهوا نحو أوروبا حيث تحولت اللغة اليديشية إلى توليفة من الكلمات الألمانية الأصيلة والمحرفة مع بقاء تركيبة نحوية سلافية.
ويوجد بخلاف اليهود الأشكناز، اليهود السفارد وهم المنحدرون من اليهود الذين أخرجوا من إسبانيا والبرتغال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، واستقر بهم المقام في منطقة حوض البحر المتوسط والبلقان وبعض المناطق الأخرى. أما اليهود المزراحيون فهم اليهود الشرقيون بالمعنى الحرفي أو يهود الشرق الأوسط.
وكان اسم «أشكناز» عند الأدباء اليهود يشير إلى ألمانيا، وعلى الأخص المنطقة الواقعة على نهر الراين. لذلك أطلق على يهود ألمانيا اسم «أشكنازيين». وجرى التوسع في استعمالها لاحقًا للإشارة إلى يهود أوروبا الشرقية والوسطى والغربية. ويتكلم اليهود الأشكناز اللغة اليديشية.
دراسة علمية: اليهود الأوروبيون تحدروا من 4 قرى تركية
وضعوا لغة سرية خاصة للسيطرة على التجارة في «طريق الحرير»
دراسة علمية: اليهود الأوروبيون تحدروا من 4 قرى تركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة