تحيي أوكرانيا في 26 أبريل (نيسان) ذكرى كارثة تشرنوبيل، أسوأ حادث نووي في التاريخ، أدى إلى تلوث في جزء من أوروبا، وما زالت انعكاساته الصحية تثير جدلا كبيرا. وعلى مر العقود، بدا أن تشرنوبيل أصبحت منسية إلى حد كبير، لكن الكارثة النووية في محطة فوكوشيما اليابانية التي نجمت عن زلزال تلاه تسونامي في 2011. أحيت المخاوف وأطلقت الجدل الدولي حول سلامة هذا النوع من الطاقة.
وفي يوم إحياء ذكرى الكارثة، سيتوجه الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، يرافقه سوما شاكرابارتي، رئيس البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية، الذي يدير صندوقا لضمان سلامة الموقع، إلى مكان الحادث لتكريم ذكرى الضحايا.
وبهذه المناسبة، دعا البابا فرنسيس، أمس، الأوروبيين الكاثوليك إلى الصلاة من أجل ضحايا الكارثة، والتبرع بأموال لمساعدة الأوكرانيين الذين يعانون نزاعا «نسيه كثيرون». وقال الحبر الأعظم أمام نحو 30 ألف شخص في التجمع الأسبوعي في ساحة القديس بطرس: «نجدد صلاتنا لضحايا مأساة تشرنوبيل، ونعبر عن امتناننا للمنقذين ولكل المبادرات التي تم السعي خلالها إلى التخفيف من الآلام والأضرار».
وتحدث عن النزاع الحالي في أوكرانيا، حيث يعيش 3 ملايين كاثوليكي، مؤكدا أن «سكان أوكرانيا يعانون عواقب نزاع مسلح نسيه كثيرون». وأضاف: «دعوت كنيسة أوروبا إلى دعم مبادرتي لمواجهة هذه الحالة الإنسانية الملحة، وأشكر كل الذين سيساهمون بسخاء في المبادرة التي ستجري الأحد المقبل».
وقبل 30 عاما، انفجر المفاعل الرابع في محطة تشرنوبيل الذي يقع على بعد نحو مائة كيلومتر عن كييف في شمال أوكرانيا، خلال تجربة لسلامته. واحترق الوقود النووي لمدة 10 أيام، ليبعث في الجو عناصر مشعة سببت تلوثا طال، حسب التقديرات، ثلاثة أرباع أوروبا، لكنه تركز في أوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا التي كانت جمهوريات سوفياتية حينذاك. وحاولت موسكو إخفاء الحادث. ولم يتم إجلاء 48 ألف نسمة، هم سكان مدينة بريبيات الواقعة على بعد 3 كيلومترات فقط، إلا بعد ظهر يوم الـ27 من أبريل.
وأطلق أول تحذير عام في 28 أبريل من قبل السويد التي رصدت ارتفاعا في النشاط الإشعاعي. ولم يتحدث الرئيس ميخائيل غورباتشيوف عن الحادث علنا قبل 14 مايو (أيار) .
وفي المجموع، تم إجلاء 116 ألف شخص في 1986 من منطقة تبعد 30 كيلومترا عن المحطة، وما زالت محظورة اليوم. وفي السنة التالية، أجلي 230 ألف شخص آخرين. واليوم يعيش 5 ملايين أوكراني وروسي وبيلاروسي في الأراضي التي أصابتها الإشعاعات بدرجات متفاوتة. وخلال أربع سنوات، عمل نحو 600 ألف خبير في «تصفية» المفاعلات، معظمهم من العسكريين والشرطة ورجال الأطفال وموظفي المحطة، في مكان الحادث، بإجراءات وقاية محدودة أو حتى من دونها لإطفاء الحريق وبناء غطاء من الإسمنت لعزل المفاعل الذي انفجر، وتطهير الأراضي المحيطة به.
واليوم، ما زالت حصيلة ضحايا الكارثة تثير جدلا. ولا تعترف اللجنة العلمية للأمم المتحدة رسميا سوى بموت نحو 30 من العاملين في المفاعل ورجال الإطفاء الذين قتلوا بالإشعاعات الحادة التي انبعثت بعد الانفجار.
وفي 2005، تحدث تقرير للأمم المتحدة عن وفاة «عدد يصل إلى 4 آلاف شخص» في الدول الثلاث الأكثر تضررا. لكن بعد عام، قدرت منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة عدد الوفيات بنحو مائة ألف. وواصلت محطة تشرنوبيل إنتاج الكهرباء حتى ديسمبر (كانون الأول) 2000 عندما توقف آخر مفاعلاتها عن العمل تحت ضغط الغربيين.
وتعهدت الأسرة الدولية بتمويل غطاء جديد أكثر أمانا؛ إذ إن صندوقا إسمنتيا شيد بسرعة خلال 6 أشهر فوق المفاعل المتضرر المهدد بالانهيار؛ مما يؤدي إلى تعريض 200 طن من المواد المشعة للهواء. وبهذا الهدف، أنشئ صندوق يديره البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية.
وبعد سنوات من الأخذ والرد، أطلقت في 2010 أول الأعمال لإنشاء غرفة عملاقة من الفولاذ الثقيل تزن 25 طنا ويبلغ ارتفاعها 110 أمتار لتغطية المفاعل. وللمقارنة، حجم هذا الصندوق يمكن أن يكفي ليغطي كنيسة «نوتردام» في باريس.
وهذا الصندوق الذي يقوم بتنفيذه «كونسورسيوم نوفاركا»، الشراكة بين المجموعتين الفرنسيتين بويغ وفانسي، تقدر كلفته بـ1.2 مليار يورو. وقد تم تجميعه، ويفترض أن يوضع فوق الغطاء القديم ويصبح فاعلا في نهاية 2017. ويفترض أن يعطي هذا الصندوق الجديد، الذي يفترض أن يكون فاعلا «لمائة عام على الأقل»، العلماء الوقت لإيجاد وسائل لتفكيك بقايا المفاعل المتضرر وإزالته.
أوكرانيا تستعد لإحياء الذكرى الـ30 لكارثة تشرنوبيل النووية
البابا فرنسيس يدعو إلى التبرع لـ«منسيي» النزاع الأوكراني
أوكرانيا تستعد لإحياء الذكرى الـ30 لكارثة تشرنوبيل النووية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة