الوضع في تعز يزداد سوءًا مع استمرار الميليشيات في خروقاتها

القوى السياسة في المدينة المحاصرة تطالب محادثات الكويت بإنهاء الانقلاب والتمرد وتطبيق القرار الأممي

محتجون يتظاهرون في تعز ضد استمرار الخروقات للميليشيات الانقلابية والحصار (أ.ف.ب)
محتجون يتظاهرون في تعز ضد استمرار الخروقات للميليشيات الانقلابية والحصار (أ.ف.ب)
TT

الوضع في تعز يزداد سوءًا مع استمرار الميليشيات في خروقاتها

محتجون يتظاهرون في تعز ضد استمرار الخروقات للميليشيات الانقلابية والحصار (أ.ف.ب)
محتجون يتظاهرون في تعز ضد استمرار الخروقات للميليشيات الانقلابية والحصار (أ.ف.ب)

انهارت الهدنة في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، بشكل كامل، حيث شهدت جبهات القتال في المحافظة مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح. إذ تعرضت الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى المحافظة لقصف عنيف من قبل الميليشيات الانقلابية، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم أطفال ونساء.
واشتدت المواجهات في مناطق ثعبات والكمب، شرق المدينة، والزنوج والدفاع الجوي والستين، شمالا، فيما أفشلت قوات الجيش والمقاومة الشعبية تقدم الميليشيات الانقلابية نحو اللواء 35 مدرع غرب المدينة.
ولا تزال ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، تفرض حصارها المطبق والخانق على جميع مداخل مدينة تعز من قبل عناصرها المتمركزة في محيط المدينة من المداخل الشرقية والشمالية ومفرق شرعب الرونة والضباب، وتمنع دخول المواد الأساسية والإغاثية والدوائية والطبية وأسطوانات الأكسجين والمشتقات النفطية وتقييد حرية التنقل.
وقال رئيس لجنة التهدئة وعضو مجلس النواب اليمني (البرلمان) عبد الكريم شيبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح الانقلابية، لم تلتزم بتنفيذ الهدنة التي تم التوقيع عليها قبل أربعة أيام، والتي تنص على وقف إطلاق النار وفك الحصار المفروض على المدينة من جميع المنافذ، وذلك منذ التوقيع على الاتفاقية في 16 أبريل (نيسان) إلى يومنا هذا 19 أبريل من الشهر الحالي». وكان قد اتفقت الأطراف في مدينة تعز، على وقف آخر لوقف إطلاق النار، قبل ثلاثة أيام، بعد استمرار الخروقات المتعددة للهدنة المعلنة التي طالبت بها الأمم المتحدة في 10 أبريل الحالي.
وأضاف أن الميليشيات الانقلابية «عقدت من الوضع في تعز وازداد الأمر سوءا مع استمرارها للخروقات، إلى جانب قصفها الشديد بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة على جميع الأحياء السكنية داخل مدينة تعز، وحتى في أرياف المحافظة في الوازعية والقبيطة وجبل حبشي. ودفعت بتعزيزات عسكرية إليها. وأحكمت حصارها على منافذ المدينة، وأصبحت جميع الطرق ومنافذ المدينة مغلقة، ولم تلتزم بأي من الاتفاقيات في هذا الأمر، بل إن الميليشيات الانقلابية زادت من التشديد والحصار على مدينة تعز، ولم نلمس حتى اللحظة أي جدية من الطرف الآخر فيما يخص الاتفاق».
وبينما حمل رئيس لجنة التهدئة في تعز البرلماني عبد الكريم شيبان، الميليشيات الانقلابية مسؤولية سفك الدماء التي تراق وستراق في محافظة تعز بسبب تعنتهم وعدم التزامهم بالهدنة، في الوقت الذي أبدى الطرف الحكومي حرصه على الذهاب نحو السلام. أوضح شيبان أن «الهدنة بالنسبة للميليشيات الانقلابية ليست سوى إعادة انتشار وتموضع لهم على الأرض ونشر قواتها العسكرية والدفع بتعزيزات عسكرية».
ومنذ التوقيع على محضر وقف إطلاق النار بين الطرفين في محافظة تعز والتي من بينها تثبيت وقف إطلاق النار وفتح جميع المنافذ المؤدية إلى تعز، شهدت مدينة تعز قصفا اعتبر الأعنف من قبل الميليشيات الانقلابية، استخدمت فيه مضادات الطيران والمدافع بمختلف أنواعها. حيث قصفت المدينة من مواقعها في المكلل وتبة القاضي وتبة الجعشة وتبة السلال، على مواقع المقاومة والجيش الوطني في ثعبات شرق مدينة تعز ومنطقة الديم الآهلة بالسكان والقرى المجاورة لها في جبل صبر، وذلك من مواقع تمركزها شرق المدينة، وذلك بحسب «المركز الإعلامي للمجلس العسكري في محافظة تعز».
على سياق متصل، طالب الملتقى الوطني لتعز، وجمعية المتقاعدين العسكريين ومناضلي الثورة في تعز، والتجمع اليمني للإصلاح بتعز، والتنظيم الوحدوي الناصري، والحزب الاشتراكي واتحاد نساء تعز، من المشاركين في محادثات الكويت أن يخرجوا بحل عادل ومنصف لمحافظة تعز، وذلك من أجل مستقبل آمن ومستقر لإنجاح الدولة الاتحادية.
وقال في بيان صحافي مشترك لهم، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إننا «في تعز الصمود والانتصار نبذل الروح والدم والمال من أجل الكرامة اليمنية التي يحاول أعداء الحياة تحطيمها وقهرها خدمة لنزواتهم المقبلة من أعماق التاريخ المزور.. إننا ننتصر للشرعية ونرفض الانقلاب من أجل مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والسلام لجميع المواطنين في البلاد، وكذلك نرفض العنف والتطرف والإرهاب للعبور إلى مستقبل فيدرالي حسب مخرجات الحوار الوطني».
وأكدت الأحزاب السياسية والتكتلات أن «مطالبهم مطالب شعبهم وهي إخراج تعز من المعادلة السياسية شمال - جنوب ومعاملتها كطرف متساو مع صنعاء وعدن، وإعطاؤها كل ما يترتب على ذلك من حقوق باعتبارها أكبر محافظة سكانية وفاعلة على المستوى الوطني، وعدم المساس بالإقليم المستقل لتعز وفق مخرجات الحوار الوطني والقرار الرئاسي. الدولة الاتحادية ضرورة لوحدة البلد والبديل هو التجزئة».
وأوضحوا أن أملهم في محادثات الكويت تأكيد إنهاء الانقلاب والتمرد وتطبيق القرار الأممي ومحاسبة كل من تورط في قتل شعبنا، ودعوة كل الأطراف إلى ترك تعز تلملم جراحها وتقدم نموذجا مدنيا في الحكم والاقتصاد والمواطنة. حتى تكون نافذة نور لهذا الوطن المسكون بالظلم والظلام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».