العصور الذهبية في صقلية ما بين حكم المسلمين والنورمان

معرض في المتحف البريطاني يستكشف تاريخ الجزيرة وتأثير الغزاة عليها

من القطع في المعرض و شاهد قبر والدة أحد الرهبان، القطعة تحمل كتابات بأكثر من لغة من بينها العربية و منحوتة على  هيئة رأس حصان من المعرض و نسخة من خريطة الجغرافي العربي محمد الإدريسي و باب خشبي من صنع حرفيين مصريين أثناء عهد الدولة الفاطمية ولوح حجري يحمل كتابات عربية (تصوير: جيمس حنا)
من القطع في المعرض و شاهد قبر والدة أحد الرهبان، القطعة تحمل كتابات بأكثر من لغة من بينها العربية و منحوتة على هيئة رأس حصان من المعرض و نسخة من خريطة الجغرافي العربي محمد الإدريسي و باب خشبي من صنع حرفيين مصريين أثناء عهد الدولة الفاطمية ولوح حجري يحمل كتابات عربية (تصوير: جيمس حنا)
TT

العصور الذهبية في صقلية ما بين حكم المسلمين والنورمان

من القطع في المعرض و شاهد قبر والدة أحد الرهبان، القطعة تحمل كتابات بأكثر من لغة من بينها العربية و منحوتة على  هيئة رأس حصان من المعرض و نسخة من خريطة الجغرافي العربي محمد الإدريسي و باب خشبي من صنع حرفيين مصريين أثناء عهد الدولة الفاطمية ولوح حجري يحمل كتابات عربية (تصوير: جيمس حنا)
من القطع في المعرض و شاهد قبر والدة أحد الرهبان، القطعة تحمل كتابات بأكثر من لغة من بينها العربية و منحوتة على هيئة رأس حصان من المعرض و نسخة من خريطة الجغرافي العربي محمد الإدريسي و باب خشبي من صنع حرفيين مصريين أثناء عهد الدولة الفاطمية ولوح حجري يحمل كتابات عربية (تصوير: جيمس حنا)

انطلق أمس في المتحف البريطاني معرض «صقلية.. الحضارة والغزو» والذي يقدم جانبا من تاريخ الجزيرة الإيطالية عاشت فيه أزهى عصورها وأصبحت خلاله بوتقة انصهرت فيها ثقافات وديانات مختلفة. المعرض يقدم 200 قطعة تروي لمحات من 4000 عام من التاريخ معظمها من مقتنيات المتحف البريطاني والبعض الآخر مستعار من متاحف في صقلية.
ينتقي منسقا المعرض بيتر هيغز وديريك بوم فترات محددة من تاريخ الجزيرة ليعرضا من خلاله رؤية لدور صقلية في التاريخ الإنساني. ويشير بيتر هيغز إلى أن تنظيم معرض يسرد كامل تاريخ الجزيرة أمر محال بسبب التنوع والثراء التاريخي لها، ولكن وقع الاختيار على التركيز على الحكم اليوناني وحكم النورمان، ويضيف: «تمثل هاتان المرحلتان التغييرات المهمة والأهمية السياسية للجزيرة التي كانت متفوقة في المجالات العسكرية والاقتصادية». الجزيرة جذبت الغزاة لعدة عوامل، أهمها لثراء تربتها. وجذبت الجزيرة شخصيات شهيرة من فلاسفة وعلماء اليونان مثل أفلاطون، وأرشميدس الذي ولد هناك في القرن الثالث.
يشير هيغز إلى صورة ضخمة لمعبد يوناني ضخم في مدينة أغريجنتو بصقلية، ويقول إنه مثال لرغبة الحكام اليونانيين في «تأكيد سطوتهم على الجزيرة، ورغبتهم في المباهاة أمام الدول الأخرى».
المعرض يصور الثنائية الدائمة بين العمليات العسكرية والغزو وبين الاستقرار في الأراضي المفتوحة والبناء والثقافة التي تنتج عن الاختلاط مع الشعوب الأصلية. ويركز حول فترتين، الأولى وصول اليونانيين من النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد وتفاعلهم مع المقيمين. الفترة الثانية تمثل حكم النورمان في الفترة ما بين 1100 و1250 قبل الميلاد. ويقدم المعرض نماذج على انتعاش الثقافة والحضارة المادية خلال تلك الفترات.
يشير هيغز إلى حقيقة تكررت مع معظم الغزاة لصقلية وهي الحكم عن بعد، فعلى سبيل المثال عندما قام النورمان بغزو الجزيرة في القرن الثالث لم يجعلوها مقرا لحكمهم، بل اكتفوا بوضع حكام هناك وتعاملوا مع الجزيرة بوصفها «مخزنا للحبوب» إشارة إلى خصوبة التربة، «بعض الحكام اشتهروا باستغلال الجزيرة وسرقة كنوزها»، ويعلق هيغز: مع انحلال الإمبراطورية الرومانية نجحت الإمبراطورية البيزنطية في السيطرة على الجزيرة وحكمتها عن بعد أيضا من القسطنطينية.
مع دخول العرب الساحة وغزوهم لصقلية حيث قدموا إليها من تونس ورأوا فيها موقعا مناسبا لمد سيطرتهم. ولكن الوجود العربي أثر في الحضارة المحلية بشكل محوري، يعقب هيغز: «قام العرب بزراعة الموالح في صقلية واستقدموها من شمال أفريقيا، كما زرعوا محاصيل جديدة على الجزيرة، واستحدثوا أساليب مبتكرة للري، فعندما يزور الناس صقلية الآن لا يعرفون أن أشهر الفواكه فيها من ليمون وبرتقال كان العرب أول من زرعها هناك. ومن الأمور التي ميزت الحكم العربي أيضا إعطاء الحرية للمسيحيين واليهود بممارسة شعائرهم بحرية».
عند غزو النورمان للجزيرة وجدوا مساعدة من سكانها المسلمين الذين ضاقوا ذرعا بحكم الفاطميين الذي دأبوا على التعالي على أهل صقلية، فقاموا هم والبيزنطيون اليونان في الجزيرة بالترحيب بالنورمان. وهنا تبدأ مرحلة ثرية حضاريا وثقافيا في الجزيرة تحت حكم روجر الثاني الذي يصفه هيغز بأنه «رجل شديد الذكاء».
قام روجر الثاني باحتضان الثقافات المختلفة على الجزيرة، «في البلاط الحاكم لعب هو دور الحاكم الشرقي المسلم الطابع، وهو ما يتبدى في الفن الذي ميز تلك الحقبة. كما قام أيضا بتقمص الشخصية والتراث اليوناني، وفي نفس الوقت احتفظ بشخصيته كحاكم نورماني. فهو كان يريد التودد لجميع الطوائف في البلاد». من القطع التي تعكس حكم الملك روجر الثاني والتنوع الثقافي والفني في عصره يشير هيغز إلى قطعة خشبية قد تكون جزءا من باب، منحوت على الطريقة المملوكية، وهو صنع على يد نجارين من مصر الفاطمية لقصر الملك روجر الثاني في باليرمو. هناك أيضا لوح من الرخام عليه كتابات عربية ولكن بخط لاتيني، يشير هيغز إلى أن الكتابات تتضمن «الطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود»، المدهش أن تلك القطعة زينت أحد الجدران في كنيسة بباليرمو. أعبر عن دهشتي ولكن هيغز يوضح أن ذلك أمر تعمده الملك روجر الثاني الذي أراد استقطاب أشهر الحرفيين من جميع أنحاء العالم.
قطعة أخرى تشير إلى تضافر الثقافة العربية الإسلامية والمسيحية خلال حكم النورمان. بالنظر لأعلى تعرض صورة مضخمة لجانب من سقف «كابيلا بالاتينا» وفيه نرى النقوش الخشبية العربية الطابع بداخلها رسومات لقديسين وشخصيات دينية مسيحية، ولكن بين الخطوط الخشبية المتقاطعة نلمح كتابات عربية، «أيضا بالنظر المقرب يمكنك رؤية رسومات للملك روجر الثاني مرة بلباس مسلم وأخرى بلباس مسيحي».
ديريك بوم المنسق المشارك للمعرض يشير إلى شاهد قبر والدة أحد الرهبان، القطعة تحمل كتابات بأكثر من لغة من بينها العربية، يقول تبرز العربية من اللغات الأخرى بأنها الأكثر «ثراء وشاعرية وتفصيلا». ويتحدث عن التأثيرات المعمارية والفنية التي تنقل التأثير المسلم في «كابيلا بالاتينا»، «في سقف الكنيسة كما ترى نرى حرفة الحفر على الخشب والتي قام بعملها حرفيين من القاهرة الفاطمية أحضرهم الملك روجر الثاني، وإذا نظرنا إلى جانب من الفيسفساء الموجود على قطع من الحجر هنا، نرى عمل الحرفيين البيزنطيين الذين قدموا من إسطنبول. يرى روجر الثاني في هذا التبادل الحضاري والثقافي وسيلة للتأكيد على أهميته هو شخصيا، فهو استخدم العمال البيزنطيين ليؤكد أنه لا يقل عن الحكام البيزنطيين، وكذلك الحال مع استقدام العمال الفاطميين. أعتقد أنها سياسة مدروسة منه». وفي عهده تحولت صقلية إلى مركز يجذب العلماء من جميع أنحاء العالم يأتون لمطالعة الوثائق والكتب اليونانية التي احتفظت بها مكتبات إسلامية ويونانية وعرف عن الملك أنه كان يرحب بالعلماء والكتاب في بلاطه، وكان لديه اهتمام قوي بالابتكار العلمي. وكمثال يقدم المعرض نسخة نادرة من خريطة صقلية قام بها العالم الإسلامي الشهير محمد الإدريسي بناء على تكليف من روجر الثاني.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.