يبدو أن اللبنانيين سيدخلون موسوعة "غينيس" بدولة بلا رئيس، حيث يقترب لبنان من السنة الثانية، دون أن يستطيع خلالها أن ينتخب رئيساً للبلاد، الأمر الذي قد يدخلهم الموسوعة، فقد فشلت كافة محاولات مجلس النواب في جلساته الـ 38 الماضية، في انتخاب رئيس للبلاد خلفاً للرئيس المنتهية ولايته ميشال سليمان في 25 مايو(أيار) من عام 2014، بسبب عدم توفر النصاب القانوني لانتخاب رئيس.
حيث أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، اليوم (الاثنين)، تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الـ 38 بعد تعذر توفر النصاب الدستوري لعقد الجلسة، فيما ذكرت وسائل الاعلام الرسمية ان بري حدد العاشر من مايو(آيار) المقبل موعدا لجلسة انتخاب جديدة بعد ان حضر جلسة اليوم 53 نائبا، فيما يتطلب النصاب حضور ثلثي أعضاء البرلمان أي 86 نائبا من أصل 128. ويحتاج الرئيس في لبنان للفوز بكرسي الرئاسة الحصول على ثلثي الأصوات وما فوق، وتبدأ العملية الانتخابية بدعوة رئيس مجلس النواب إلى انتخاب الرئيس، ثم ينعقد المجلس النيابي بنصاب الثلثين على الأقل، أي 86 نائباً أو أكثر.
وينقسم البرلمان اللبناني بين قوتين كبيرتين: الأولى هي قوى 14 آذار، وأبرز أركانها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والثانية هي قوى 8 آذار ومن أبرز مكوناتها ما يسمى حزب الله، ولا تملك أي من الكتلتين النيابيتين الغالبية المطلقة.
ويحرص حزب الله والتيار الوطني الحر على مقاطعة جلسات انتخاب رئيس البلاد ما لم يكن ميشال عون حائزا على الإجماع، فيما يصر تيار المستقبل على دعم المرشح سليمان فرنجية الذي يرفض بدوره المشاركة في جلسة الانتخاب ما لم يكن حزب الله مشاركاً فيها.
كل ممارسات "حزب الله"، الذي يتلقى أوامره من طهران، أثبتت أنها ضد مفهوم الدولة، حيث ان "أولويات الحزب استراتيجية وكبيرة تتجاوز في الكثير منطق الدولة في لبنان"، ويقول مراقبون إن تعطيل إيران الانتخابات يدل على اصرارها على اعتبار لبنان تحت وصايتها، وهي تطمح، عبر تعطيل انتخابات الرئاسة، إلى تغيير النظام في لبنان بما يضمن لها السيطرة على مؤسساته بشكل دستوري.
وتخطط طهران للوصول إلى هذه السيطرة من خلال إقرار حقوق معينة للطائفة الشيعية في الدستور، تسمح لها بالحصول على امتيازات حاسمة في جميع القضايا الداخلية.
القرار الإيراني فيما يخص انتخابات الرئاسة في لبنان موكل إلى حزب الله؛ الذي هو جزء من إيران وليس مجرد حليف، وينفذ كل ما يطلب منه باعتباره تابعاً لولاية الفقيه، كما صرح بذلك أمين حزبه حسن نصر الله.
رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في تصريحات صحافية سابقة له، حمّل ايران وحلفاءها في لبنان مسؤولية تعطيل الدولة اللبنانية وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية الذي أدى إلى تعطيل كلي للمؤسسات الدستورية كافة، وبالتالي تعطيل الحياة السياسية ومعها بالطبع مصالح المواطنين، عازياً سبب التعطيل لتحقيق أكبر قدر من الضغط حتى يقبل الفرقاء اللبنانيون برئيس تابع لايران مباشرة او رئيس يأخذ قراراته من ايران، ومن دون هذا الضغط لا تسمح موازين القوى داخل مجلس النواب اللبناني بوجود رئيس تابع لايران على عكس الرئيس السابق ميشال سليمان؛ وهو رئيس وسطي كان قريبا من ايران، لكنه في الوقت نفسه قريب من كل القوى السياسية في لبنان.
بدوره أكّد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، أن الأولوية حاليا هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وجدّد الحريري، خلال دردشة مع الصحافيين في مقر إقامته وسط العاصمة بيروت، التأكيد على أن «من يعطل عملية الانتخاب ويمنع اكتمال النصاب هو النائب ميشال عون و(ما يسمى) حزب الله»، لافتا إلى أنّه حين قرر رئيس حزب القوات سمير جعجع، ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للرئاسة «أراح ما يسمى حزب الله، لأن الحزب كان محرجا عندما رشح فرنجية».
وأكّد الحريري أن ما يسمى «حزب الله»، «لا يريد انتخابات رئاسية حاليا ولا يزال مستمرا في التعطيل، لأنه لو أراد بالفعل انتخاب رئيس، فهناك مرشحان من 8 آذار، كان ليختار أحدهما، فاستمرار التعطيل على هذا النحو يدفع ثمنه كل البلد».
وعن اشتراط ما يسمى «حزب الله» أن يكون حل الأزمات سلة واحدة تلحظ رئاسة الحكومة وقانون الانتخابات، اعتبر الحريري أنّه «إذا كان هذا الأمر صحيحا فعلى الحزب أن يتحدث مباشرة مع النائب ميشال عون، علما بأننا لا نوافق على هذا الطرح». وأضاف: «إذا كان يريد فعلا طرح السلة فنحن من جهتنا نريد أن تشمل هذه السلة سلاح الحزب تحديدا، وعليه أن يعرف بالنهاية أنه مكوّن مثل سائر مكوّنات البلد».
إيران والإصرار على تعطيل الدولة في لبنان
38 جلسة خلال عامين آخرها اليوم فشلت في انتخاب رئيس للبلاد
إيران والإصرار على تعطيل الدولة في لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة