ساندرز يكسر تقاليد الحملة الانتخابية الأميركية وينتقد إسرائيل

هاجم كلينتون لعدم قولها إنها ستفعل المزيد لتعزيز حقوق الفلسطينيين

بيرني ساندرز (رويترز)
بيرني ساندرز (رويترز)
TT

ساندرز يكسر تقاليد الحملة الانتخابية الأميركية وينتقد إسرائيل

بيرني ساندرز (رويترز)
بيرني ساندرز (رويترز)

كسر بيرني ساندرز، مرشح الحزب الديمقراطي، تقاليد الانتخابات الأميركية عندما أعلن أن رد إسرائيل كان غير «متكافئ» خلال حرب صيف 2014 في قطاع غزة. وشكلت ملاحظاته خلال المناظرة التلفزيونية للمرشحين الديمقراطيين (الخميس الماضي) في نيويورك انتقادا غير مسبوق لإسرائيل وترويجا للحقوق الفلسطينية من أحد مرشحي الرئاسة الأميركية. وقال السناتور عن ولاية فيرمونت إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس دائما على حق. لا يمكننا أن نظل منحازين على الدوام». وانتقد ساندرز خلال المناظرة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، لعدم قولها إنها ستفعل المزيد لتعزيز حقوق الفلسطينيين عندما تحدثت أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن في مارس (آذار) الماضي. وصرح ساندرز بأن «إذا أردنا إحلال السلام في هذه المنطقة التي شهدت الكثير من الكراهية والحرب فسيتعين علينا معاملة الشعب الفلسطيني باحترام وكرامة». وساندرز هو المرشح الرئاسي اليهودي الوحيد العام الحالي، وسبق له أن عاش في إسرائيل.
وقال دانييل سيرادسكي منظم مجموعة «يهود لبيرني» التي لديها ثمانية آلاف من المؤيدين في موقع «فيسبوك» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «تصريحات ساندرز لا تثير الاستغراب في البلدان الأخرى»، وتابع بالقول: «لكن بما أن الخطاب السياسي لدى الأميركيين اليهود يتجه منذ العقدين الأخيرين باتجاه اليمين، فإن بيرني يبدو كمناهض متطرف لإسرائيل».
ونشرت صحيفة «نيوريوك تايمز» الأميركية أن «ذلك كان سيشكل انتحارا سياسيا لو قيل إبان المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين في ولاية نيويورك عام 1992».
لكن سيرادسكي لا يوافق على ذلك، وأفاد بأنه «لا أعتقد أنه انتحار سياسي. لكن ذلك لن يسعفه قطعا في أوساط المتشددين المؤيدين لإسرائيل»، أضاف أن «اليهود الأميركيين يشكلون 20 في المائة من الناخبين في نيويورك. وغالبيتهم من الديمقراطيين، ما يعني أن الدعم المطلق لإسرائيل يعتبر منذ فترة طويلة من ضروريات الحملة». لكن كلمات ساندرز تعكس تغيرا في المواقف بين الناخبين اليهود، وخصوصا الجيل الذي نشأ على رؤية إسرائيل دولة قوية وليست أهوال المحرقة حاضرة في ذهنه.
وتقول الديمقراطية شارون غولدتزفيك (29 عاما) إنها «متحمسة فعلا» لرؤية المرشح الرئاسي يطرح مسألة كرامة الفلسطينيين. وأسست غولدتزفيك «ابرايز»، وهي مؤسسة غير هادفة للربح تركز على قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، كما أنها عاشت في إسرائيل ومتزوجة من إسرائيلي، وهي تعتبر أن ساندرز «نفحة أكسجين». وقالت: «الأشخاص في محيطي لم تكن مستعدة لقبول أنه لا يوجد سوى طريقة واحدة لدعم إسرائيل، لذا، أعتقد أنه يمثل وجهة نظر الكثير والكثير من اليهود وأعداد متزايدة منهم».
ووفقا لاستطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث، أعرب 35 في المائة من الديمقراطيين أن «إسرائيل قد تمادت في ردها خلال حرب عام 2014 في قطاع غزة». من جانبه، قال سيرادسكي إن تصريحات ساندرز «افتتحت على الأقل الخطاب باتجاه تحول في الحزب الديمقراطي، وهذا أمر مهم جدا». وتظهر استطلاعات الرأي أن ساندرز يحل ثانيا وراء كلينتون بنسبة 40 - 60 في المائة بين الديمقراطيين اليهود في مدينة نيويورك، و13 نقطة خلفها كمعدل على مستوى الولاية. ومن جهتها، ستصوت مخرجة الأفلام الوثائقية غايلين روس لكلينتون لاعتقادها بأنها المرشح الأفضل للتفاوض على حل الدولتين. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «بصراحة، إذا كانت هذه هي اللغة التي سيذهب بها إلى طاولة المفاوضات فهو متأخر 10 خطوات»، وأضافت: «لا تكشف أوراقك قبل الجلوس على الطاولة، كما أنك لا تكشفها قبل الوصول إلى انتخابات وطنية». وتابعت روس أن طرد ساندرز لمدير حملته بسبب تصريحاته المبتذلة حول نتنياهو يؤكد انعدام الخبرة أو يوحي بأنه لم يكن يعلم بذلك. وكان ساندرز المرشح الوحيد الذي امتنع عن التحدث أمام (أيباك) في واشنطن في 21 مارس. كما قال لصحيفة «نيويورك ديلي نيوز» - خطأ - أنه يعتقد أن أكثر من عشرة آلاف مدني قتلوا في غزة صيف 2014. من جهته، لا يتوقع المحامي هاورد غروبارد في نيويورك الناشط في السياسة الديمقراطية في الولاية، أن يعاني ساندرز كثيرا في صناديق الاقتراع «لأنه سيخسر في جميع الأحوال». ولن يبعد ذلك أنصاره من اليهود التقدميين، لكن انتقاده إسرائيل يعطي اليمينيين الديمقراطيين من أنصار الصهيونية الذين لا يشعرون بحماس يذكر لكلينتون، سببا للخروج والتصويت. وقال غروبارد: «إنهم ديمقراطيون بالاسم يحتاجون إلى من يحفزهم». وختم قائلا: «يتم إرسال الرسائل عبر البريد الإلكتروني وستصل المنشورات في نهاية هذا الأسبوع. وتصريحات بيرني حول إسرائيل ستؤدي إلى قيام هؤلاء بالإدلاء بأصواتهم».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.