هولاند في بيروت: لبنان يواجه التهديد الإرهابي.. وحريصون على تعزيز وحدته وأمنه

أكد التزام فرنسا بمواصلة دعمها للجيش.. وأعلن تقديم 50 مليون يورو مساعدة للاجئين في لبنان

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستعرضان حرس الشرف أمام البرلمان وسط بيروت أمس (أ. ف. ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستعرضان حرس الشرف أمام البرلمان وسط بيروت أمس (أ. ف. ب)
TT

هولاند في بيروت: لبنان يواجه التهديد الإرهابي.. وحريصون على تعزيز وحدته وأمنه

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستعرضان حرس الشرف أمام البرلمان وسط بيروت أمس (أ. ف. ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستعرضان حرس الشرف أمام البرلمان وسط بيروت أمس (أ. ف. ب)

استهل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جولته في الشرق الأوسط، بزيارته لبنان حيث ركز على بحث ثلاثة ملفات أساسية، هي الانتخابات الرئاسية بعد مرور 22 شهرًا على الشغور الرئاسي في البلاد، وملف اللاجئين السوريين، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني في مكافحة الإرهاب. وقال هولاند خلال الزيارة «إننا حريصون على أمن لبنان وسنعمل على تقديم مساعدات فورية لتعزيز القدرات العسكرية اللبنانية لمواجهة الإرهاب»، ومعلنًا أن المساعدة الفرنسية للاجئين في لبنان ستصل إلى 50 مليون يورو هذا العام و100 مليون يورو في الأعوام المقبلة.
يشكل لبنان المحطة الأولى من جولة الرئيس الفرنسي التي تستمر أربعة أيام في الشرق الأوسط وتشمل مصر والأردن. ووصل هولاند ظهر أمس إلى مطار بيروت - رفيق الحريري الدولي حيث كان في استقباله نائب رئيس الحكومة اللبنانية وزير الدفاع سمير مقبل، قبل أن ينتقل إلى مبنى البرلمان (مجلس النواب) حيث عقد اجتماعًا مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، تلاه توجهه إلى السراي الكبير، حيث التقى رئيس الحكومة تمام سلام.
نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وضع الزيارة هذه في إطار «دعم لبنان ودعم استقراره الداخلي، واستقراره الأمني والاقتصادي ودعم الجيش اللبناني»، إضافة إلى تمكينه لمواجهة الأعباء الناتجة عن استضافة اللاجئين السوريين، كما قال مكاري لـ«الشرق الأوسط». وبدا أن أولوية الحفاظ على الاستقرار الأمني ومكافحة الإرهاب، احتلت جانبا بارزًا من زيارة هولاند. إذ كشف مكاري، الذي شارك في اجتماع هولاند مع برّي، إلى جانب وزير الدفاع اللبناني، أن قضية الدعم العسكري طرحت خلال لقاء هولاند مع رئيس البرلمان، واتخذت شقّين: الأول مرتبط بتعهد فرنسا بمواصلة دعمها للجيش اللبناني الذي يخوض معارك ضد الإرهاب على حدوده الشرقية، والثاني مرتبط بالهبة السعودية للجيش اللبناني التي أعلنت المملكة إيقافها في فبراير (شباط) الماضي على ضوء «المواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الثنائية بين البلدين».
وأوضح مكاري: «بالنسبة لنا، الهبة السعودية للجيش اللبنانية مهمة، نظرًا لأن الدول الأوروبية تدعم بالملايين، خلافًا للهبة السعودية التي بلغت 3 مليارات دولار»، مشيرًا إلى أن هولاند «شدّد على التزام بلاده بالاستمرار في دعم الجيش اللبناني، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب». أما الطرح المرتبط بأزمة الشغور الرئاسي، فلم يتعدَّ قضية «التمني للإسراع في انتخاب رئيس للبلاد»، كما قال مكاري، موضحًا «أنها رغبة دائمة عند المحبين للبنان بضرورة انتخاب رئيس وإنهاء الشغور الرئاسي».
من جانبه، قال الرئيس برّي في حواره مع الرئيس الفرنسي: «بحثنا في الهبة العسكرية للجيش والحدود البحرية وملف اللاجئين، وفي المواضيع الراهنة في المنطقة، وركزنا على موضوع الإرهاب». وأضاف: «هناك ضيق لا نستطيع أن نخفيه، فقد كنا نتمنى أن يكون هذا الاستقبال في القصر الجمهوري ليستقبل كبيرًا أتى من فرنسا إلى لبنان». وأضاف: «كانت جولة من المحادثات تناولت مواضيع كثيرة بما فيها الهبة للجيش اللبناني، وأيضا تكلمنا فيما يتعلق بالحدود البحرية والاعتداءات الإسرائيلية. كذلك جرى الحديث حول موضوع اللاجئين ومحاولة الحل السياسي كي نستطيع أن نخفف من الأعباء التي يرزح تحتها لبنان، إضافة إلى المواضيع التي تتعلق بالمنطقة، اليمن وسوريا والعراق وليبيا إلى ما هنالك من مشاكل ومن حروب وفتن، وركزنا خصوصا على موضوع الإرهاب».
أما هولاند فجاء في كلامه أن فرنسا «تقف إلى جانب لبنان لأن لبنان محاط بأزمات وحروب وهو يريد أن يعيش في الوحدة وفي الأمن. ولبنان الذي يعرف الحروب على حدوده يعرف أيضا التهديد الإرهابي، فهذا البلد استقبل ويستقبل الكثير من اللاجئين، أكثر من مليون وخمسمائة ألف لاجئ، وعلينا بالتالي أن نؤمن للبنان التضامن والمساعدة». وأضاف: «نحن نقوم بذلك في فرنسا بروح من الاحترام والصداقة لأن الروابط بين فرنسا ولبنان هي روابط تاريخية وثقافية ولغوية واقتصادية أيضا، ولكنها في الأساس روابط إنسانية، فهناك عدد كبير من اللبنانيين الذين لديهم روابط بفرنسا، وهذا يدعوهم للتواجد في فرنسا في بعض الظروف».
وأضاف الرئيس الفرنسي: «رسالتي بسيطة للغاية، فرنسا تقف إلى جانب لبنان وهي ستحرص على أن يتم تعزيز الأمن فيه من خلال التعاون العسكري. فرنسا تقف إلى جانب لبنان لأنه علينا أن نعطيكم مع الأسرة الدولية الوسائل للقيام بذلك، وفرنسا ستشارك في هذه الجهود. فرنسا تقف إلى جانب لبنان على الصعيد الاقتصادي أيضا، لأن لبنان هو المنفذ بالنسبة إلى المنطقة، ولا بد له من أن يتمتع بحيوية اقتصادية من خلال نظام مصرفي واقتصادي». وأعرب هولاند عن رغبته في العودة إلى لبنان في أسرع وقت «لكي ألتقي برئيس الجمهورية، ولكن الجواب ليس في يدي، الجواب معكم، الجواب مع البرلمانيين اللبنانيين، وأنتم تمرون في مرحلة حاسمة فعلا لأنه عليكم أن تحلوا هذه الأزمة وأن تنتخبوا رئيسا للجمهورية اللبنانية»، مضيفًا: «أنا أثق بكم وأعرف أنكم ستتمكنون من القيام بذلك».
وبعد اللقاء مع الرئيس سلام في السراي الكبير، حيث كان له استقبال رسمي، عقد مؤتمر صحافي مشترك بين هولاند وسلام، أكد خلاله رئيس الحكومة اللبنانية أن الرئيس الفرنسي أبدى حرصه على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله وأمنه وعلى ضرورة انتخاب رئيس بأسرع وقت، مشيرًا إلى أنه تمنى على هولاند أن تستأنف فرنسا الجهود للدفع من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وبدوره، لفت هولاند إلى أن بلاده ستعمل على تقديم مساعدات فورية لتعزيز القدرات العسكرية اللبنانية لمواجهة الإرهاب، معتبرا أن الاعتداءات التي حصلت في فرنسا ولبنان كانت تستهدف الحرية والتعددية والتنوع. وأعلن أن وزير الدفاع الفرنسي «سيحدد مع وزير الدفاع اللبناني، القيمة المالية التي من الممكن أن توضع من أجل مساعدة اللبنانيين». وأضاف: «نحن حريصون على أمن لبنان، والسلام في الشرق الأوسط هو سلام فرنسا والعالم، وسوف نعمل على تقديم مساعدات فورية لتعزيز قدرات لبنان الأمنية لمواجهة أي تهديد في الأيام المقبلة».
كذلك أكد هولاند حرصه «على سلامة لبنان ووحدته وسيادته»، معتبرا أنه من مسؤولية فرنسا اليوم تجاه لبنان «تجنيد قوى المجتمع الدولي للمساعدة في أزمة اللاجئين، ولبنان بحاجة إلى تعزيز وضعه، ولديه كل ما يحتاجه من أجل التنمية»، مشيرًا إلى «أننا سنقوم بهذه المهمة، وفي 27 مايو (أيار) المقبل، وزير خارجيتنا سيجتمع مع مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان». وعن موضوع اللاجئين في لبنان، أكد هولاند أن المساعدة الفرنسية لهم ستصل إلى 50 مليون يورو هذا العام وإلى 100 مليون يورو في الأعوام الثلاثة المقبلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.