المغرب: تعديل قوانين الانتخابات يثير سجالا بين الأحزاب السياسية

«العدالة والتنمية» يتهم خصومه باستهدافه في «التشريعات» المقبلة

المغرب: تعديل قوانين الانتخابات يثير سجالا بين الأحزاب السياسية
TT

المغرب: تعديل قوانين الانتخابات يثير سجالا بين الأحزاب السياسية

المغرب: تعديل قوانين الانتخابات يثير سجالا بين الأحزاب السياسية

اتهم قيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، أحزابا سياسية باستهداف حزبه من خلال مطالبتها بتخفيض نسبة العتبة الانتخابية، المخولة لكسب مقاعد في البرلمان المقبل، إلى 3 في المائة من أصوات الناخبين عوض 6 في المائة، التي كان معمولا بها في القانون التنظيمي لمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)؛ وذلك بناء على النتائج الجيدة التي حصل عليها «العدالة والتنمية» في الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي عدت مؤشرا لتصدره الانتخابات التشريعية المقبلة، وفوزه بولاية ثانية على رأس الحكومة.
وصادقت الحكومة المغربية على تعديل القانون التنظيمي لمجلس النواب في اجتماعها، أمس، برئاسة عبد الإله بن كيران، كما صادقت على القانون التنظيمي للأحزاب السياسية التي أدخلت عليه تعديلات، تخص توزيع الدعم المالي للدولة على مختلف الأحزاب.
وأقرت الحكومة تخفيض نسبة العتبة إلى 3 في المائة، بناء على التعديلات التي اقترحتها وزارة الداخلية؛ وذلك لـ«ضمان تمثيل مختلف مكونات الحقل السياسي الوطني داخل مجلس النواب، وتوسيع قاعدة التيارات السياسية الممثلة داخل المجلس»، رغم اعتراض أحزاب على ذلك، منها حزب «العدالة والتنمية» و«الاستقلال» المعارض، الذي كان قد طالب برفع نسبة العتبة إلى 10 في المائة من الأصوات؛ الأمر الذي فتح الباب أمام سجال واسع بين الأحزاب السياسية التي تستعد لخوض غمار الانتخابات التشريعية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وكان حزب العدالة والتنمية قد حذر من بلقنة المشهد السياسي إذا ما جرى اعتماد عتبة 3 في المائة في الانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك خلال المشاورات التي عقدها رئيس الحكومة مع الأحزاب السياسية بشأن تعديل قوانين الانتخابات، وعدّ التخفيض «رجوعا إلى الوراء»؛ لأن «البلقنة أساءت كثيرا للمؤسسات الدستورية»، بيد أن الحزب رضخ لهذا التعديل؛ إذ قال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي للحزب: إن «العدالة والتنمية» لم يرغب في فرض رأيه على الآخرين، رغم أنه كان يؤيد البقاء على نسبة 6 في المائة، التي جرى إقرارها في عهد حكومة التناوب التي قادها الزعيم الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي عام 1998.
وبرر حزب العدالة والتنمية تنازله عن مطلبه بخشيته من أن يتهم بالسعي إلى الهيمنة، وأنه يقف في وجه الأحزاب الصغرى وحقها في الحصول على مقاعد في البرلمان المقبل، بيد أن بوانو، الذي استضافه برنامج تلفزيوني الليلة قبل الماضية، رفض ربط معارضة الحزب تخفيض العتبة بالهيمنة، وانتقد الأحزاب التي طالبت بالتخفيض، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، الذي اختار التحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة، الغريم السياسي الأول لـ«العدالة والتنمية».
وكان حزب الاتحاد الاشتراكي قد ذهب إلى حد اقتراح إلغاء العتبة كليا؛ تحسبا لتراجع نتائجه في الانتخابات التشريعية المقبلة، في حين ظل طوال عقود يطالب برفعها من أجل عقلنة المشهد السياسي المغربي. واتهم بوانو المدافعين عن تخفيض العتبة بأن الغرض من وراء ذلك «خدمة مصالح حزبية ضيقة وليس دفاعا عن الأحزاب الصغرى، كما يروجون لذلك».
ويرى محللون أن تخفيض نسبة العتبة سيصب في صالح حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي سيستفيد من تقليص مساحة السباق والتنافس مع حزب العدالة والتنمية، وتقريب حظوظه في الفوز من حظوظ خصمه، فيما اعتبر البعض أنها أداة تستعملها الدولة لضبط المشهد السياسي.
ومكن اعتماد نسبة 6 في المائة من أصوات الناخبين الحصول على مقاعد في مجلس النواب، المكون من 395 نائبا، من فوز 8 أحزاب كبرى خلال الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في 25 نوفمبر 2011، أربعة منها شاركت في الحكومة، وأربعة انتقلت أو ظلت في المعارضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».