انطلاق حملة الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي

في خطوة تثير قلق الأوساط الاقتصادية.. وتشكل مجازفة لرئيس الوزراء بمنصبه

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزعيم حزب الديموقراطيين الاحرار الأسبق بادي أشداون (وسط) وزعيم حزب العمال الأسبق نيل كينوك (يسار) في حملة تدعو لبقاء بريطانيا في الاتحاد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزعيم حزب الديموقراطيين الاحرار الأسبق بادي أشداون (وسط) وزعيم حزب العمال الأسبق نيل كينوك (يسار) في حملة تدعو لبقاء بريطانيا في الاتحاد (أ.ف.ب)
TT

انطلاق حملة الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزعيم حزب الديموقراطيين الاحرار الأسبق بادي أشداون (وسط) وزعيم حزب العمال الأسبق نيل كينوك (يسار) في حملة تدعو لبقاء بريطانيا في الاتحاد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزعيم حزب الديموقراطيين الاحرار الأسبق بادي أشداون (وسط) وزعيم حزب العمال الأسبق نيل كينوك (يسار) في حملة تدعو لبقاء بريطانيا في الاتحاد (أ.ف.ب)

قبل عشرة أسابيع من الاستفتاء حول مكانة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، توجهت الأنظار الأوروبية والأميركية أمس إلى لندن، حيث بدأت الحملة الرسمية لعملية تصويت ستشهد منافسة حامية على ما يبدو.
ويثير هذا الاستفتاء الأول للبريطانيين حول أوروبا منذ 1975، قلق الأوساط الاقتصادية وقادة العالم، ويشكل مجازفة لرئيس الوزراء البريطاني في منصبه وفي التاريخ السياسي للبلاد، بعد أن قرر ديفيد كاميرون الدعوة إلى الاستفتاء في 23 يونيو (حزيران) المقبل لمحاولة تهدئة غضب المشككين في أوروبا في حزبه المحافظ، الذين يطالبون منذ سنوات بمراجعة للعلاقات مع الاتحاد، ولذلك سيبذل هو شخصيًا جهودًا كبيرة للبقاء في الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا باستمرار أن بريطانيا ستكون أغنى وأقوى ببقائها في الاتحاد، مع الاستفادة من الوضع الخاص الذي حصلت عليه خلال القمة الأوروبية في فبراير (شباط) الماضي.
لكن موقفه يبدو ضعيفًا لأن جزءًا كبيرًا من النواب المحافظين يطالبون بالخروج من الاتحاد، كما يواجه معسكر مؤيدي البقاء فيه صعوبة في حشد التأييد لهم. لكن سيمكنه الاعتماد على كبريات الشركات التي تؤمن وظائف وعالم المال، اللذين أيدا البقاء في الاتحاد الأوروبي، في وقت يضاعف فيه القادة الأوروبيون التصريحات المؤيدة لبقاء بريطانيا في الاتحاد.
وقد تدخلت الولايات المتحدة في الجدل، حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما سيوضح خلال زيارة إلى لندن الأسبوع المقبل «بصفته صديقًا، لماذا تعتقد الولايات المتحدة أن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي جيد للمملكة المتحدة».
من جهته، قال صندوق النقد الدولي أيضًا إن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي «يمكن أن يسبب أضرارا خطيرة إقليمية وعالمية عبر الإخلال بالعلاقات التجارية القائمة».
لكن المعسكر المؤيد للخروج من الاتحاد، الذي يسمونه في بريطانيا «بريكزيت» اختصارًا لعبارة «بريتش إيكزيت»، يرى أن الخطر الأكبر على اقتصاد وأمن المملكة يتمثل في «البقاء في الاتحاد الأوروبي لأنه يحتاج إلى إصلاحات وعاجز عن التصدي للتحديات التي تواجهه، مثل أزمتي اليورو والهجرة».
وحددت اللجنة الانتخابية الأربعاء الحملتين الرسميتين اللتين ستتنافسان حتى 23 من يونيو، وهما «صوت مع الانسحاب»، الحملة الرسمية للمؤيدين لمغادرة الاتحاد، و«حملة البقاء»، بالنسبة للمؤيدين للبقاء في الاتحاد.
وفي هذا السياق، ألقى زعيم حزب العمال جيريمي كوربن أول من أمس أول خطاب له مؤيد للبقاء في الاتحاد، فيما يرى مراقبون أن كوربن يمكن أن يلعب دورا أساسيا في إقناع الناخبين، وخصوصا الشباب منهم، بالتصويت للبقاء في الاتحاد. لكن المعسكر المؤيد للخروج من الكتلة الأوروبية، بقيادة رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، ينوي إقناع البريطانيين بأن المستقبل سيكون زاهرًا بإنهاء المعاملات الإدارية الأوروبية، وقد شبه بوريس جونسون الخروج من الاتحاد بالهرب من سجن، معتبرًا أنه مع هذا الاستفتاء يبدو الأمر وكأن «سجانا ترك سهوا باب السجن مفتوحا، وأصبح الناس قادرين على رؤية الأراضي تحت الشمس من بعيد».
وتشارك في حملة الدعوة إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي أحزاب عدة، يدعمها خصوصا 128 نائبًا محافظًا، وقد فرضت نفسها متقدمة على الحركة التي يدعمها زعيم حزب الاستقلال (يوكيب) نايجل فاراج المشكك في الوحدة الأوروبية. وستنظم هذه الحركة اليوم سلسلة من المناسبات للدعوة إلى الانسحاب من الاتحاد، وسيشارك بوريس جونسون في تجمعات في مدن شمال إنجلترا مانشستر ونيوكاسل وليدز.
وحاليًا تشير استطلاعات الرأي إلى منافسة حامية بين المعسكرين، بينما تناولت المفاوضات خصوصًا الاقتصاد والهجرة، ولم يبد البريطانيون خارج الساحة السياسية باستثناء قلة منهم، أي موقف علني حول هذه القضية. وفي استطلاع للرأي أجراه جامعيون في مشروع «بماذا تفكر المملكة المتحدة؟» تبين أن كلا من الجانبين يلقى خمسين في المائة من تأييد الناخبين. فيما يرى الخبراء أن نسبة المشاركة ستشكل عاملا أساسيا في النتيجة. وبهذا الخصوص قال جون كورتيس من جامعة ستراثكلايد إن عناصر عدة تشير إلى أن الناخبين المؤيدين للخروج من الاتحاد «يبدون أكثر حماسا للتصويت».
ومن جانبه، قال بيتر ريف، الناطق باسم حزب الاستقلال في بيتربورو وسط شرقي إنجلترا، حيث كان يوزع منشورات أمس «نحن متفائلون. ونحن لا نعمل على هذه القضية منذ أسابيع بل منذ عشرين عاما». أما مؤيدو البقاء في الاتحاد فقد أطلقوا خلال الأسبوع الحالي حملة على موقع «يوتيوب» لتسجيلات الفيديو لدعوة الشباب إلى التحدث إلى أجدادهم من أجل إقناعهم بالتصويت من أجل المحافظة على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.