يحتضن غاليري المسار للفن المعاصر، بالقاهرة، معرض «الكوميديا السياسية»، لفنان الكاريكاتير الراحل ألكسندر صاروخان (1898 - 1977). ويضم المعرض مجموعة منتقاة من أعمال رائد فن الكاريكاتير بمصر والعالم العربي، لم تعرض من قبل، وتبرز فن النقد السياسي في حقبة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. وقد افتتح المعرض الأحد الماضي، بحضور حفيدة صاروخان وزوج ابنته، وعدد كبير من محبي فن الكاريكاتير، وسوف يستمر المعرض حتى 30 أبريل (نيسان) الحالي.
وتتنوع اللوحات ما بين التصوير والكاريكاتير، وتحمل أسماء اللوحات تهكما على الوزارات المصرية آنذاك، أو على شخصيات قيادية ورؤساء الحكومة آنذاك، مثل: النحاس باشا، وسري باشا، وفؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد، وعبد الرحمن عزام باشا، أمين عام جامعة الدول العربية، ومحمد نجيب، أول رئيس للجمهورية المصرية. ومن أهم اللوحات المعروضة: مصر في ملعب كرة القدم، ومصر في حمام السباحة، والسيرك، ومصر ضد مصر وجامعة الدول العربية. وتضج لوحات صاروخان بالحركة والحيوية، وتكتظ بالشخوص التي تعبر عن فئات مختلفة من الشعب المصري تنطق بلسان حالهم، فتبدو كتحقيق صحافي من آلاف الكلمات.
وأمضي صاروخان رحلة طويلة جدا مع الفن، حيث وصل إلى مصر عام 1924، بعد أن درس الفن في فيينا، ونشرت أعماله في التصوير والكاريكاتير في كثير من الصحف المصرية والمجلات، مثل: «آخر ساعة»، و«أخبار اليوم» و«روزا ليوسف».
وفي شهادته عن صاروخان، قال الفنان جمعة فرحات، رئيس الجمعية المصرية لفناني الكاريكاتير: «لا يمكن أن ينسى تاريخ الكاريكاتير في مصر هذا الفنان العبقري الذي دفع بحركة الكاريكاتير المصري إلى درجة غير مسبوقة في اتجاه فن حديث يخرج بالكاريكاتير من دائرة الرسم الكلاسيكي.. جاء صاروخان بعنفوانه، بخطه القوي والحركة التي تضج في رسومه بدرجة لم يألفها الكاريكاتير المصري من قبله، فأنت إذا شاهدت رسمًا لصاروخان، حتى مع بداياته الأولى في مصر، ستلحظ بلا أدنى مجهود هذه الحركة التي تشغي بها رسوماته».
ويضيف فرحات: «رسوم صاروخان لا يمكن أن تشيخ، هي دائمًا الخطوط دائبة الحركة في رصانة قوية أو ضعف لين، فشخوصه فوق أنها تعبر تعبيرًا دقيقًا عن روح الشخصية، لا مجرد محاكاة مظهرها، فإنك تحس بها دائما أمامك وكأنها صورة فنية، لكنها كاريكاتيرية، ولا تملك نفسك ساعتها إلا أن تبتسم كلما تختلف الشخصية بهذا السمت المرسومة به.. وقد جسد صاروخان أفكاره ببراعة، وهي تنم عن ثقافة عالية وموقف إنساني واضح ورأي سياسي».
وأصدر صاروخان كتابين عن الكوميديا السياسية، وأبرزهما: «هذه الحرب» عن الحرب العالمية الثانية عام 1945، وأضفى لمسة فنية في تناوله للنقد السياسي، وترك قرابة أربعين ألف عمل فني.
ولا تزال شخصية «المصري أفندي» الهزلية، التي ابتكرها صاروخان، علامة مميزة مثلت بداية فن التشخيص في الصحافة العربية، ومن أهم إنجازات صاروخان تدشينه لأول مجلة كاريكاتيرية مصرية باللغة الفرنسية، هي «لا كارافان» (القافلة)، في فترة الحرب العالمية الثانية، وقد توفى صاروخان في عام 1977، وخرج من مدرسته الفنية كبار فناني الكاريكاتير، وأهمهم: بيكار، ورخا وغيرهم كثيرون.
ويقول الفنان فاروق حسني، وزير ثقافة مصر الأسبق، في كلمته عن المعرض: «ارتبط اسم الفنان القدير صاروخان بقراء الصحف المصرية منذ العشرينات، ولمدة تزيد عن الخمسين عامًا، وقد وفد صاروخان إلى مصر ضمن آلاف الأرمن، حيث الملاذ الآمن والمساواة في الفرص، وأصبح مرموقًا في الأوساط الجماهيرية والصحافية والسياسية والفنية لرسومه اللماحة، وأسلوبه المتميز في الرسم الكاريكاتيرى، وانصهر في البيئة المصرية، وأصبح وطنيًا غيورًا، ورسخ لفنه موقعًا مركزيًا في تاريخ فناني الكاريكاتير المصريين».
بينما يقول تلميذه بيكار، في شهادته عن أستاذه صاروخان: «رسوم صاروخان أقرب إلى الرسوم المتحركة التي ابتدعتها سينما القرن العشرين.. كانت الديناميكية العارمة تحرك كل خط يرسمه، وتحيله إلى نبض متفجر، وحركة صاخبة لا تعرف الاستقرار».
عرض لوحات لرائد الكاريكاتير صاروخان لأول مرة بالقاهرة
في معرض «الكوميديا السياسية» بغاليري المسار
عرض لوحات لرائد الكاريكاتير صاروخان لأول مرة بالقاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة