الحكومة اليمنية: نتعاطى بإيجابية مع مفاوضات الكويت رغم التجاوزات

أكدت أن بقاء السلاح في يد الميليشيات سيكرر تجربة «حزب الله» الإرهابي في لبنان

الحكومة اليمنية: نتعاطى بإيجابية مع مفاوضات الكويت رغم التجاوزات
TT

الحكومة اليمنية: نتعاطى بإيجابية مع مفاوضات الكويت رغم التجاوزات

الحكومة اليمنية: نتعاطى بإيجابية مع مفاوضات الكويت رغم التجاوزات

أكد مسؤولون في الحكومة اليمنية، أن الوفد المشارك في مفاوضات الكويت، سيتعاطى بكل إيجابية مع القضايا التي ستطرح بشكل جدي وتؤدي إلى سلام شامل وتام، مع ضرورة أن يكون تسليم سلاح الميليشيات أحد المحاور الرئيسة، حتى لا تتكرر تجربة ما يسمى «حزب الله» اللبناني الإرهابي، وما قد ينتج عنها من تجاوزات عسكرية، تؤثر على استقرار وسلامة المنطقة.
وأشار المسؤولون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة اليمنية تنسق بشكل تام ومباشر مع قوات التحالف العربي، وعلى رأسها السعودية، التي قدمت الكثير لاستقرار اليمن وسلامة أراضيه، وإعادة الشرعية بعد عملية انقلاب فاشلة، إذ يشمل هذا التنسيق الموضوعات كافة، ومنها عملية السلام.
وقال اللواء الركن، حسين محمد عرب، نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الداخلية، لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة اليمنية ملتزمة بالحل السلمي، الذي تعده الحل الأمثل للقضية، إن جرى التباحث على 3 مراجع أساسية تمثل الإطار العام للخروج بسلام دائم، والمتمثلة في تطبيق القرار (2216). والمبادرة الخليجية لحل القضية اليمنية، إضافة إلى مخرجات الحوار الوطني، وهذا ما سيعتمد عليه في الحوارات مع الجانب الآخر».
وأضاف اللواء عرب، أن الحكومة متمسكة بهذا التوجه الذي لا تحيد عنه، رغم ما تقوم به ميليشيات الحوثي من عربدة وانتهاكات وتجاوزات، لخرق الهدنة التي تلزم الطرفين بوقف إطلاق النار، وهو ما يؤكد عدم التزام الحوثيين بأي عهود واتفاقيات تبرم في أي سياق، إلا أن الحكومة اليمنية تشعر بالمسؤولية تجاه الشعب وقوات التحالف والمجتمع الدولي، ولذلك هي مستمرة وتذهب بعيدا في عملية السلام الشامل.
وشدد على أن الدماء التي تسال هي دماء الشعب اليمني، وهو ما يجعل الحكومة تأخذ على عاتقها تحمل كل خروقات الانقلابيين ونقض الاتفاقيات التي تضمن سلامة المدنيين، وحول جدية الحوثيين في اجتماع الكويت، قال اللواء عرب: «هناك شكوك لدى الحكومة اليمنية حول جدية الميليشيات في السلام، وندرك أنهم ليس لديهم أي تغيرات في آرائهم، ولكننا سنقوم بكل ما نستطيع طالما أن هناك فرصة وإن كانت غير واضحة المعالم، وسنخوض أي حوارات مع الطرف الآخر».
وأكد راجح بادي، متحدث باسم الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن إحلال السلام في اليمن مسألة سهلة، ومفتاح هذه العملية يعتمد على تطبيق قرار مجلس الأمن (2216)، والحكومة اليمنية جادة لإنجاح مؤتمر الكويت بهدف إحلال السلام لعموم اليمنيين.
وأشار إلى أن الحكومة اليمنية، قدمت كل ما طلب منها للجلوس على طاولة حوار مع الطرف الآخر، من المجتمع الدولي والمبعوث الأممي، والتزمت بكل تفاصيل الهدنة، وأوقفت جميع جبهات القتال عن التقدم أو المواجهة، رغم استمرار الخروقات من الطرف الحوثي، موضحا أن الحكومة ستعمل بكل قواها على ضبط النفس لإطلاق عملية السلام، خصوصًا أن التوجيهات الصادرة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائب الرئيس، والحكومة، للوفد اليمني المفاوض، أن يتعاطى بإيجابية مطلقة مع كل القضايا والنقاط التي تؤدي إلى سلام دائم وشامل.
وأضاف بادي، أن الحكومة اليمنية رحبت بالنقاط الخمس التي أعلن عنها إسماعيل ولد الشيخ، وأبلغته بالاستعداد للتشاور فيها، لافتا إلى أن كل ذلك يصب في تطبيق القرار الأممي وتسليم السلاح، إذ لا يحق لأي طرف في اليمن أن يمتلك السلاح سوى الدولة، ونزع سلاح الميليشيات هو من أجل أمن واستقرار اليمن والمنطقة، موضحا أنه ليس من مصلحة اليمن والمنطقة أن تكون هناك تجربة أخرى لما يسمى «حزب الله» بشكل آخر، مشددا على أن الحكومة اليمنية تنسق مع قوات التحالف العربي وعلى رأسها السعودية في جميع الموضوعات، ومنها عملية السلام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.