دافع وزير العدل الجزائري الطيب لوح عن وزير الطاقة السابق شكيب خليل، المتهم رسميا في قضايا رِشىً وعمولات، ولكن عمليا، لم يخضع للتحقيق في القضاء، علما بأن خليل دخل الشهر الماضي الجزائر، عائدا من مكان إقامته بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد ثلاث سنوات من إصدار مذكرة اعتقال دولية ضده وضد زوجته ونجله.
وقال لوح أمس في البرلمان، أثناء ملاسنة حادة مع نواب استفسروه عن مصير ملف متابعة خليل، إن السلطات «لا تسمح بتوزيع التهم على الناس دون أدلة، فعلى الجميع أن يلزم حدوده ويحترم قرينة البراءة»، في إشارة إلى جدل أثاره برلمانيون من التيار الإسلامي، أمس وأول من أمس، بخصوص قضية تلقي رِشىً وعمولات من طرف خليل عندما كان وزيرا للطاقة، وتحديدا بين سنوات 2008 و 2010. وتناول البرلمانيون موضوع خليل بمناسبة تواجد وزير العدل في البرلمان لعرض تدابير جديدة تم إدراجها في قانون العقوبات، تتعلق بردع الرعية (الجزائري والأجنبي المقيم بالجزائر)، إذا ثبت تورطه في الانخراط في جماعة إرهابية بالخارج.
وجرت الوقائع المتعلقة بقضية خليل في شركة «سوناطراك»، المملوكة للدولة، بمناسبة صفقات أبرمت مع مؤسسة «سايبام»، فرع عملاق الطاقة الإيطالي «إيني». وقال النائب العام بالجزائر في مؤتمر صحافي، عقده في 12 من أغسطس (آب) 2013. إن قيمة الرشى فاقت 200 مليون دولار، وتم اتهام، أيضا، فريد بجاوي، ابن شقيق وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي، الذي صرح للصحافة مؤخرا بأنه لا علم له بهذه الفضيحة.
وأظهر لوح انزعاجا من إصرار البرلمانيين على معرفة إن كانت السلطات القضائية قد تخلت عن متابعة شكيب خليل، بما أنها لم تلغ مذكرة اعتقاله رسميا. فيما صرح برلماني بأن الوزير السابق «لص»، بينما ذكر آخر بأنه «مرتشي».
ومن جهته رد لوح بنبرة غاضبة «إلى أين نحن ذاهبون بهذه التصرفات؟ إذا كان كل واحد يؤدي دور القاضي، ويوجه الاتهامات كما يحلو له، فإن الأمور ستنفلت ولن يستطيع أحد التحكم فيها». ودعا البرلمانيين المحتجين إلى «عدم التشويش على القضاء، وتركه يؤدي مهمته في هذه القضية، طبقا لما ينص عليه الدستور ومن دون تدخل أي طرف من خارج مرفق العدالة».
وبحسب لوح، فإن الجزائر «خاضت منذ سنوات معركة من أجل تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، وقد تمكنت من ذلك على خلفية مراجعة الدستور»، التي تمت مطلع العام الحالي. وأضاف الوزير موضحا أن «القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية، والقاضي مستقل أيضا.. فهل لدي الحق بالتدخل في شؤون العدالة؟ طبعا لا».
وحذر لوح البرلمانيين من «هذا الميل المفرط إلى ضرب مصداقية القضاة والقضاء والهيئات التشريعية، لأن القاضي حقا مستقل ولا يخضع لسلطة وزارة العدل»، وطالب البرلمانيين بـ«تفادي التشهير بالقضاة عن طريق ذكر أسمائهم.. إنه تصرف غير لائق». واحتج البرلمانيون بشدة على هجوم الوزير عليهم، ودعوه إلى الرد على سؤال يشغل قطاعا واسعا من الجزائريين، يتمثل في معرفة هل لا يزال شكيب خليل متابعا بتهمة الفساد، أو تم إسقاط التهمة عنه؟ لكن لوح رفض الخوض في القضية، وغادر البرلمان غاضبا.
وقال برلماني «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامية) الأخضر بن خلاف لـ«الشرق الأوسط» «كان على ممثل حكومة الرئيس بوتفليقة أن يعطينا تفسيرا عن فضيحة خليل، بدل أن يهاجمنا محاولا التهرب من تحمل مسؤوليته كجهة مسؤولة عن القضاء، في هذا الملف». وأضاف موضحا: «لقد صرح السيد خليل بعد عودته أنه بريء من تهمة الفساد، قبل أن يسأله القاضي ويصدر حكمه، فكيف يزعم الوزير أن القضاء مستقل، في حين يتضح جليا أن جهة عليا في الدولة أعطت ضمانات لخليل بأنه لن يتابع، بدليل أنه عاد إلى البلاد ولم يتعرض للاعتقال؟».
جلسة ساخنة بالبرلمان الجزائري حول وزير متهم بالفساد
وزير العدل دعا إلى تمكينه من قرينة البراءة
جلسة ساخنة بالبرلمان الجزائري حول وزير متهم بالفساد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة