غل: زيارة خادم الحرمين إلى تركيا تكتسي أهمية كبيرة.. والعلاقات بين البلدين في تنام مطرد

الرئيس التركي السابق قال لـ «الشرق الأوسط» إن الفتور الذي ساد بين أنقرة والرياض سابقًا انتهى كليًا

الملك سلمان بن عبد العزيز في صورة تعود الى 2013 عندما كان وليا للعهد وزار أنقرة والتقى الرئيس التركي حينها عبدالله غل (أ.ف.ب)
الملك سلمان بن عبد العزيز في صورة تعود الى 2013 عندما كان وليا للعهد وزار أنقرة والتقى الرئيس التركي حينها عبدالله غل (أ.ف.ب)
TT

غل: زيارة خادم الحرمين إلى تركيا تكتسي أهمية كبيرة.. والعلاقات بين البلدين في تنام مطرد

الملك سلمان بن عبد العزيز في صورة تعود الى 2013 عندما كان وليا للعهد وزار أنقرة والتقى الرئيس التركي حينها عبدالله غل (أ.ف.ب)
الملك سلمان بن عبد العزيز في صورة تعود الى 2013 عندما كان وليا للعهد وزار أنقرة والتقى الرئيس التركي حينها عبدالله غل (أ.ف.ب)

رأى الرئيس التركي السابق عبد الله غل أن حكمة خادم الحرمين الشريفين وتوجهاته إلى العمل الجماعي وأيضا تطوير العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، كانت عاملا مهما جدا في تطوير العلاقات التركية السعودية، معتبرا أن «السعودية هي أكبر رقم في المعادلة في دول الخليج العربي، وبين الدول العربية، من هذا المنطلق لها أهمية كبيرة في تركيا».
وقال الرئيس غل لـ«الشرق الأوسط» إن التطور الذي يحصل حاليا في العلاقات بين البلدين قد بني على أسس متينة، مبديا امتنانه لهذه التطورات الكبيرة جدا في العلاقات بين البلدين الشقيقين، ومؤكدا أنه لم يكن هناك تنافس بين البلدين في أي وقت من الأوقات، حتى عند حصول المقاربات المختلفة لبعض القضايا.
وفيما يأتي نص الحوار:
* ما هو تقييمكم للزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى تركيا؟
- أوليت اهتماما كبيرا في جميع المناصب التي توليتها للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا، وزيارة خادم الحرمين الشريفين باعتبارها زيارة رسمية لتركيا تكتسب أهمية كبيرة جدا في تطوير وتنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين بعد نوع من الجمود الذي ساد بعض العلاقات بين البلدين، ولكن حكمة خادم الحرمين الشريفين وتوجهاته إلى العمل الجماعي، وأيضا تطوير العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، كان عاملا مهما جدا. وزيارته الرسمية لتركيا ومشاركته في قمة منظمة التعاون الإسلامي أمر مهم جدا، رحبت به كثيرا وسررت لهذا التطور الكبير.
السعودية هي أكبر رقم في المعادلة في دول الخليج العربي، وبين الدول العربية، من هذا المنطلق لها أهمية كبيرة، وعلاقات تركيا مع المملكة أراها متنامية ومطردة. وأثناء تولي رئاسة الجمهورية، زارنا المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز، مرتين، وقد قدمت الدعوة في تلك الفترة للملك سلمان عندما كان وليا للعهد، وزارنا، وتم التوقيع على كثير من الاتفاقيات، سواء في الشؤون الاقتصادية أو التصنيع العسكري أو الصناعات الدفاعية، وانطلقت هذه المبادرات كثيرا.
* وما رأيك بالتطور الحاصل في العلاقات؟
- أرى أن التطور الذي يحصل حاليا قد بني على أسس متينة حصلت في تلك الظروف، من هذا المنطلق أنا ممتن جدا لهذه التطورات الكبيرة جدا في العلاقات بين البلدين الشقيقين.
* ما نظرتك لمستقبل العلاقات التركية السعودية بعد هذه التطورات والانفتاح الكبير؟
- يمكن تطوير هذه العلاقات وتنميتها أكثر وأكثر. فالبنية الحقوقية والبنية الخلفية الأساسية لهذه العلاقات المتنامية قد بدأت واستكملت في فترة وجيزة، وهذه التطورات التي تحصل هي أيضا إضافات ممتازة سواء بالنسبة للشؤون الاقتصادية أو التصنيع العسكري. كما تعلمون فقد وقعت اتفاقيات في تلك الفترة، بالنسبة للتدريب العسكري بيننا وبين السعودية، والتعاون في الصناعات الدفاعية واتفاقيات استراتيجية أخرى.
* نحن رأينا تطورا لافتا في العلاقات.. فهل انتقلنا إلى مرحلة التحالف والتكامل؟
- في الحقيقة لم يكن هناك تنافس في هذا الموضوع ولا بالنسبة لأمور المنطقة، ولكن قد تكون هناك مقاربات مختلفة حصلت في بعض الظروف. من هذا المنطلق رأى البعض أن هناك نوعا من التنافس، لكن لم يكن هناك تنافس إطلاقا، بل على العكس كانت هناك مقاربات جيدة بين البلدين بشكل خاص. وصحيح أن هناك بعض الفتور الذي نشأ بسبب بعض وجهات النظر المختلفة لقضايا سياسية معينة، ولكنني ممتن جدا لأن هذه النظرة قد مسحت من الوجود، وأتصور أن الجميع أدرك أن الخيار البديل هو التعاون وعلاقات الود والصداقة، وهذا أمر يفرحني جدا.
* كيف تنظرون إلى المخاطر التي تحيط بدول الخليج ومسألة التدخل الإيراني؟
- كانت هناك مرحلة حصل فيها حالة من عدم الاستقرار بين بعض الدول العربية، وبهذا السبب كان هناك توجسات معينة أيضا بالنسبة لموضوع الاستقرار والتهديدات الخارجية الموجودة، هذا شأن تراه بعض الدول صحيحا من منظورها، وهناك مقاربات أخرى قد تحصل في هذا الموضوع. ولكن صحيح أن هذه الدول قد شعرت بمخاطر معينة، ولكنني بعد الاتفاق النووي مع إيران وبعد تصالح الإيرانيين مع الغرب أرى أنه يجب أن تنعكس هذه المسائل على موضوع الاستقرار بهذه المنطقة وعدم وجود تهديدات خارجية لجميع دول هذه المنطقة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».