أبدت الاتحادات العمالية (النقابات) المغربية بعض المرونة في ما يتعلق بإصلاح التقاعد، الذي شكل على مدى خمس سنوات، حصان طروادة في علاقتها مع حكومة عبد الإله ابن كيران، التي وضعته على رأس أولوياتها، ما أدى إلى تعطيل الحوار الاجتماعي بين الطرفين حتى أول من أمس.
وقال الميلودي مخارق، أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، أكبر الاتحادات العمالية المغربية: «نحن مع إصلاح التقاعد، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب الموظفين والعمال»، موضحا أن الاقتراحات التي تقدمت بها النقابات في هذا المجال تضمنت القبول بالزيادة في واجبات الاشتراك، لكن بشرط أن يتحمل المشغل، سواء الحكومة أو القطاع الخاص، 66.6 في المائة من هذه الزيادة، فيما يتحمل العمال والموظفون 33.3 في المائة. وأضاف مخارق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن النقابات ترفض أي تخفيض في مستوى المعاشات عبر التدابير الحسابية، معتبرا ذلك خطا أحمر.
وبخصوص مسألة الزيادة في سن التقاعد المثيرة للجدل، قال مخارق: «نحن لسنا ضد ذلك، ولكن يجب أن يكون تمديد مدة العمل اختياريا وليس إجباريا». كما أشار مخارق إلى أن التحالف النقابي، الذي يضم الاتحادات العمالية المغربية الأربعة الأكثر تمثيلية والنقابة الوطنية للتعليم العالي، قدمت ملفا مطلبيا مشتركا للحكومة، تصدرته مطالب بالزيادة في الأجور والمعاشات والتعويضات، وتخفيض الضرائب واحترام حرية العمل النقابي. وقال بهذا الخصوص: «نحن نترقب التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الحالي، وإلا فإننا سنعود لمخططنا النضالي وتصعيد احتجاجاتنا ضد الحكومة».
وعادة ما يشكل أبريل (نيسان) في المغرب شهر المفاوضات والاتفاقات بين الحكومة والنقابات في إطار مسلسل الحوار الاجتماعي، الذي اعتمده المغرب منذ منتصف التسعينات، والذي جرت العادة أن تزف فيه النقابات ووزير العمل نتائجه للطبقة العاملة بمناسبة الأول من مايو (أيار) (اليوم العالمي للعمال). غير أن هذه العادة توقفت منذ خمس سنوات. ويعود آخر اتفاق للنقابات مع الحكومة إلى يوم 26 أبريل 2011، الذي وقعته الحكومة السابقة تحت ضغط أجواء الربيع العربي، والذي تتهم النقابات الحكومة الحالية بعدم تطبيق كل بنوده.
وتزامنت عودة الحرارة للعلاقة بين الحكومة والنقابات مع اقتراب موعد اليوم العالمي للعمال، وتلويح النقابات بتنظيم مهرجانات صاخبة والزيادة في تصعيد احتجاجاتها، من جهة، ومع اقتراب نهاية ولاية الحكومة الحالية، وموعد الانتخابات التشريعية المقبلة المرتقبة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، من جهة ثانية.
من جانبه، أبدى رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران تفهما للمطالب النقابية التي وصفها بالواقعية، وعبر عن استعداده للتعامل معها في حدود ما تسمح به متطلبات الحفاظ على التوازنات المالية للحكومة وتنافسية الاقتصاد المغربي.
وفي أفق الموعد المقبل لمواصلة المفاوضات، والمحدد في 19 أبريل، شكل الطرفان لجنة فنية لتقريب وجهات النظر. كما شكلت النقابات لجنة للمتابعة، والتي عقدت أول اجتماعاتها أمس في مقر الاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء.
ويشارك في جولة الحوار الاجتماعي كل من الاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي مستقل)، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب (تابع لحزب الاستقلال المعارض)، والكنفدرالية الديمقراطية للشغل (مقرب من اليسار الراديكالي)، والاتحاد الوطني للشغل (تابع لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة)، والنقابة الوطنية للتعليم العالي.
وللمرة الأولى تستثنى الفيدرالية الديمقراطية للشغل (تابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض) من المشاركة في الحوار الاجتماعي، وذلك بعد تراجع تمثيليتها خلال انتخابات مناديب العمال الصيف الماضي لنزول نتائجها دون السقف المحدد للنقابات الأكثر تمثيلية، حسب القانون.
الاتحادات العمالية المغربية تبدي مرونة بشأن إصلاح نظام التقاعد
مخارق لـ«الشرق الأوسط»: نرفض أي تخفيض في مستوى المعاشات
الاتحادات العمالية المغربية تبدي مرونة بشأن إصلاح نظام التقاعد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة