نتنياهو يتبجح بقبضته الحديدية.. وفتح ترد: يحاول الاستفزاز وسترتد إليه

إسرائيل حائرة ما إذا كانت الانتفاضة توقفت أو مستمرة.. وتحلل أسباب تراجعها

فلسطيني يرفع يافطة كتب عليها «لينته الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري في الخليل» خلال مسيرة داخل المدينة (أ ف ب)
فلسطيني يرفع يافطة كتب عليها «لينته الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري في الخليل» خلال مسيرة داخل المدينة (أ ف ب)
TT

نتنياهو يتبجح بقبضته الحديدية.. وفتح ترد: يحاول الاستفزاز وسترتد إليه

فلسطيني يرفع يافطة كتب عليها «لينته الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري في الخليل» خلال مسيرة داخل المدينة (أ ف ب)
فلسطيني يرفع يافطة كتب عليها «لينته الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري في الخليل» خلال مسيرة داخل المدينة (أ ف ب)

تجتهد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية على السواء، هذه الأيام، في تحليل ما إذا كانت الانتفاضة الفلسطينية الحالية (انتفاضة المدى)، انتهت ووضعت أوزارها، أخيرا، بعد 6 أشهر حافلة بالعمليات الجماعية والفردية والقتلى من الجانبين.
وفي حين ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى نهايتها، مستندا إلى تقارير للشاباك الإسرائيلي، لكنه حذر من إمكانية استئنافها أو استمرارها بوتيرة منخفضة ومتقطعة. مع ذلك، تبجح بأن الفضل يعود فقط إلى القوة العسكرية الإسرائيلية. وردت عليه فتح بقولها، إنها قوة سترتد إليه.
وتقول التقارير الأمنية والإحصاءات الأخيرة، إن الانتفاضة تراجعت بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكن إعلان نهايتها لم يحن بعد.
وألقى مسؤول كبير في الشاباك الإسرائيلي، بيانا موجزا أمام وزراء الحكومة، كشف فيه عن بيانات حول «موجة العمليات» الحالية، التي بدأت في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مستعرضا الإحصاءات الشاملة لها. وقال المسؤول: «نُفذت نحو 270 عملية ومحاولة لتنفيذ عملية حقيقية، وتضمن معظمها عمليات إطلاق نار، وطعن، ودهس». ونتيجة لهذه العمليات، قُتل 29 إسرائيليا (مدنيين وجنود)، وأربعة مواطنين أجانب، وأصيب أيضا نحو 250 آخرين.
وفي المقابل قضى من الفلسطينيين حوالي 209، بينهم 45 طفلًا.
وأضاف: «كانت العمليات في معظمها عمليات نفذها شبان. وكان الدافع لتنفيذ بعضها قوميا. لكن معظمها وقع لدوافع شخصية، مثل الحالة الاقتصادية/ الشخصية الصعبة». وكشف المسؤول أنه بموازاة «عمليات الأفراد» كانت هناك محاولات مؤسسية أكثر لتنظيمات، وعلى رأسها حماس، لتنفيذ عمليات كبيرة في الضفة الغربية، من بينها عمليات اختطاف وعمليات انتحارية، من أجل تسريع التصعيد ميدانيا.
وفقا للمسح، منذ بداية عام 2015، أحبط الشاباك والقوى الأمنية في إسرائيل، نحو 290 «عملية حقيقية»، من بينها 25 عملية تخطيط لاختطاف، و15 محاولة لتنفيذ عمليات انتحارية. أحبِط معظم العمليات في نصف السنة الماضية.
وقال المسؤول في الشاباك أيضًا، إنه إلى جانب ما قيل بخصوص عمليات الفلسطينيين، يمكننا أن نرى فاعلية كبيرة في إحباط الإرهاب اليهودي، مع التركيز على كشف الشبكة التي نفذت عملية دوما وعمليات أخرى، مثل إشعال كنيسة «الخبز والسمك». وقد أسهم هذا أيضا في تهدئة الأوضاع. ومع ذلك ما زال يسود شعور من التوتر الكبير ميدانيا، وهناك عناصر مختلفة تحاول العمل بلا كلل لتقويض الاستقرار في المنطقة.
وبحسبه، فإنه بالإضافة إلى عمليات الشاباك والقوى الأمنية الإسرائيلية، فإن أحد العوامل المساعدة في الحفاظ على التهدئة والاستقرار هو الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تعمل بقبضة حديدية ضد المنظمات في الضفة، وتساعد إسرائيل في منع العمليات.
وجاء حديث المسؤول الأمني الإسرائيلي، بعد ساعات من صدور إحصاءات سجلت انخفاضا تدريجيا في الهجمات في الأراضي الفلسطينية طوال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، وما زال مستمرا في أبريل (نيسان) الحالي.
لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي تحدث بحذر حول ضعف «موجة الإرهاب«، وفق تسميته، لم يعترف بأي جهود أو أسباب سوى قوته العسكرية. وتحدث نتنياهو عن إفشال أجهزته للعمليات، ومنع تأثيرها في شبان آخرين كان يمكن أن ينجروا لتنفيذ عمليات، محذرا من استئنافها.
لكن حركة فتح رفضت تصريحات نتنياهو جملة وتفصيلا. وقالت في بيان أمس، إن ما يُقدم عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه الأثناء، من موجة اعتقالات واسعة ومداهمات للمدن والقرى الفلسطينية، ما هو إلا انعكاس حقيقي لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال، في تباهيه أمام العالم بوتيرة القتل والتنكيل المُمارسة من قبل جيشه في المدن والقرى الفلسطينية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.