معهد الصناديق السيادية: اكتتاب «أرامكو» يدر 106 مليارات دولار على الحكومة

خبير اقتصادي: حصة اكتتاب الشركة تقدر بما لا يقل عن 300 مليار دولار

معهد الصناديق السيادية: اكتتاب «أرامكو» يدر 106 مليارات دولار على الحكومة
TT

معهد الصناديق السيادية: اكتتاب «أرامكو» يدر 106 مليارات دولار على الحكومة

معهد الصناديق السيادية: اكتتاب «أرامكو» يدر 106 مليارات دولار على الحكومة

قدّر معهد الصناديق السيادية، أن يحقق صندوق الاستثمارات العامة نحو 106 مليارات دولار (398 مليار ريال) من بيعه لحصة 5 في المائة من أسهم شركة «أرامكو السعودية»، وهي الخطة التي أشار إليها ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في حوار أجراه مع وكالة بلومبيرغ العالمية للأخبار المالية والاقتصادية.
وقال المعهد الدولي، ومقره الولايات المتحدة، في تقرير: «إن تقديراته لهذه الحصة جاءت بناء على تقديره قيمة الشركة على أساس سعر نفط عند 10 دولارات للبرميل». وأضاف المعهد، أن اكتتاب شركة «أرامكو» سيجذب إليها المستثمرين أصحاب النظرة بعيدة المدى، مثل صندوق التقاعد الكندي أو الصناديق السيادية الآسيوية. وقال المعهد الذي يراقب الصناديق السيادية في العالم: «إن خبر اكتتاب (أرامكو) هو سار لكل مديري الأصول في العالم، في حالة ما إذا قامت الحكومة بإعادة استثمار المال الذي ستحصل عليه من الاكتتاب بدلا من استخدامه في تمويل عجز الميزانية».
وكان ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قد صرح لبلومبيرغ الخميس قبل الماضي، بأن بلاده تنظر في نقل ملكية شركة «أرامكو السعودية» وبعض من الأصول الوطنية الأخرى إلى صندوق الاستثمارات العامة، ليدير أصولا تتجاوز تريليونَي دولار، ويكون الصندوق السيادي الأكبر في العالم. إلا أن أرقام معهد الصناديق السيادية لا تبدو مقنعة بالنسبة لبعض الخبراء المحليين، مثل الدكتور جون اسفاكياناكيس، الذي يعمل مديرا للأبحاث الاقتصادية في مركز الخليج للأبحاث.
يقول اسفاكياناكيس لـ«الشرق الأوسط»: «في نظري، أن تقييم أصول «أرامكو» في هذه المرحلة تمرين صعب لأي مختص؛ لأننا لا نعلم ما هي الأصول التي نقوم بتقييمها». وأوضح اسفاكياناكيس، الذي عمل سابقا لمصارف سعودية عدة، وعمل مستشارا للحكومة السعودية، أن تقييم «أرامكو» عند 10 دولارات للبرميل هو تقييم «متحفظ جدا»، وبخاصة أننا نتكلم الآن عن أسعار نفط منخفضة. وتوقع اسفاكياناكيس، أن تكون قيمة حصة 5 في المائة من «أرامكو السعودية» عند 300 مليار دولار بناء على سعر نفط عند 20 دولارا للبرميل، وهذه فقط القيمة الاسمية للأسهم، بينما ستكون القيمة أعلى من هذا عند طرحها للاكتتاب.
وبحسب تقديرات معهد الصناديق السيادية، فإن صندوق الاستثمارات العامة يتحكم في حصص في شركات محلية وعالمية بقيمة 87 مليار دولار، ومن بين هذه الشركات الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» و«البنك الأهلي التجاري». وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، قام صندوق الاستثمارات العامة بالاستحواذ على 38 في المائة من شركة «بوسكو» الكورية للهندسة والإنشاءات، في صفقة بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار. كما وقع الصندوق مؤخرا اتفاقية شراكة مع صندوق الاستثمارات المباشرة الروسية لاستثمار نحو 10 مليارات دولار في روسيا.
وسيشهد صندوق الاستثمارات العامة، كما أوضح الأمير محمد بن سلمان، تحولات مهمة، مثل جعله منافسا عالميا على الاستحواذات والاستثمارات، فيما أضاف الأمين العام للصندوق، ياسر الرميان، بعض التفاصيل عن تطورات عمل الصندوق خلال الحوار مع بلومبيرغ. وقال الأمير «الطرح العام الأولي لـ(أرامكو) وتحويل أسهمها إلى صندوق الاستثمارات العامة سيجعلان الاستثمارات من الناحية الفنية هي مصدر الإيرادات للحكومة السعودية وليس النفط». وأضاف: «ما تبقى الآن بعد ذلك هو تنويع الاستثمارات. ولهذا فخلال 20 سنة سنكون، اقتصادا أو دولة، لا تعتمد بصور رئيسية على النفط».
ويتطلع الصندوق في الفترة القادمة إلى الاستحواذات الخارجية في القطاع المالي، حيث يقوم الصندوق حاليا بتقييم الاستثمار في فرصتين لم يكشف عنهما الأمير، لكنه أوضح، أن الصندوق عازم على إنهاء واحد منهما على الأقل. وأضاف الأمير محمد، أن الخطة الخارجية للصندوق طموحة جدا، ولكن الصندوق سيتوسع محليا كذلك، وأول هذه التوسعات ستكون بإضافة «أرامكو» إليه. أما بالنسبة لبعض تفاصيل الصندوق، فقال ياسر الرميان، الذي كان يعمل سابقا مديرا لشركة «الفرنسي كابيتال» الذراع الاستثمارية للبنك السعودي الفرنسي: «نحن نعمل على أكثر من جبهة حاليا».
وأضاف الرميان: «تقوم الدولة حاليا بتحويل بعض أصولها وأراضيها وشركاتها لنا. لدينا عديد من المشاريع السياحية التي سنستثمر فيها، إضافة إلى بعض الصناعات الجديدة التي سيتم تقديمها للمرة الأولى في المملكة». وأوضح الرميان، أن الصندوق الذي يركز على الاستثمار محليا، سيزيد نسبة الاستثمارات الأجنبية لديه، حيث ستصل حصة الاستثمارات الأجنبية من إجمالي استثمارات الصندوق إلى 50 في المائة بحلول عام 2020 بدلا من الحصة الحالية البالغة 5 في المائة. ولهذا السبب، فإن الصندوق وظف مؤخر عديدا من الجهات الاستشارية وخبراء في مخاطر الاستثمار.
وأكد الأمير محمد بن سلمان: «من دون شك سيكون الصندوق هو الأكبر على وجه الأرض. وسيحدث ذلك بمجرد ما أن يتم طرح (أرامكو) للاكتتاب».



شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
TT

شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)

تواجه صناعة الطيران العالمية تحديات كبيرة في ظل التأخير المستمر في تسليم الطائرات ومشكلات سلسلة التوريد التي تؤثر بشكل ملحوظ في الإيرادات والتكاليف. ومع ذلك، تبرز منطقة الشرق الأوسط مثالاً على النجاح في هذا المجال، حيث تمكنت شركات الطيران في المنطقة من تحقيق أداء مالي متميز في عام 2024 بفضل استثمارات كبيرة في البنية التحتية والسياسات الحكومية الداعمة. وبينما تواجه شركات الطيران العالمية ضغوطاً متزايدة، تواصل الناقلات الخليجية تعزيز مكانتها في السوق، مستفيدةً من فرص النمو التي تقدمها البيئة الاقتصادية والجيوسياسية.

الشرق الأوسط يحقق أفضل أداء مالي

حققت منطقة الشرق الأوسط أفضل أداء مالي في 2024 على صعيد المناطق الجغرافية، حيث سجلت شركات الطيران في المنطقة أعلى ربح صافي لكل راكب بلغ 23.1 دولار، مع توقعات بنمو هذا الرقم بنسبة 8.2 في المائة ليصل إلى 23.9 دولار في العام المقبل.

واستفادت المنطقة من استثمارات كبيرة في البنية التحتية، والسياسات الحكومية الداعمة. كما كانت الوحيدة التي شهدت زيادة في عائدات الركاب في عام 2024، بدعم من أعمال قوية طويلة المدى.

وعلى الرغم من الحرب في غزة، ظلت الناقلات الخليجية غير متأثرة إلى حد كبير. ولكن من الممكن أن تتأثر أهداف النمو الطموحة لعام 2025 بقضايا سلاسل التوريد مع التأخير في تسليم الطائرات ومحدودية توافر المحركات، حسب «إياتا».

وفي هذا السياق، قال المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي ويلي والش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مساهمة صافية أعلى لكل راكب قادم من منطقة الشرق الأوسط مما يوحي بأن هذه الشركات لم تتأثر بالاضطرابات الكبيرة التي حدثت في المنطقة». وأوضح أن «هناك شركات طيران في المنطقة تعاني بشدة بسبب الوضع الراهن، وتواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الظروف الحالية، في حين أن هناك شركات أخرى تحقق أداءً جيداً بوضوح.

وبيّن والش أن «السبب الرئيسي وراء تركيز الأرقام على الربحية الصافية لكل راكب يعود إلى أن المحاور العالمية في المنطقة تتمتع بنسب عالية من الركاب المميزين، مما يعزز حركة المرور، بالإضافة إلى المساهمة الكبيرة لشحنات البضائع في هذه الأرباح».

وأوضح أن شركات الطيران السعودية تستفيد بشكل كبير من قطاع الشحن الجوي رغم الأوضاع الجيوسياسية.

وأشار والش إلى أن «من المحتمل أن يكون إغلاق المجال الجوي الروسي قد عاد بالفائدة على المنطقة، حيث يتدفق الركاب عبر المحاور الرئيسية في المنطقة مثل دبي وأبوظبي والدوحة بدلاً من الرحلات المباشرة من أوروبا. كما أن قلة النشاط المباشر بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى استفادة هذه المحاور من حركة المرور القادمة من أميركا إلى الصين».

وأضاف: «مع ذلك، هناك شركات في المنطقة تأثرت بشكل كبير بالأحداث في غزة، حيث لا تستفيد بنفس القدر من حركة المرور التي تمر عبر المحاور الكبرى في المنطقة، كونها لا تمتلك مراكز تشغيل محورية كبيرة».

تأثيرات سلبية على صناعة الطيران

على الصعيد العالمي، تعاني شركات الطيران العالمية جراء تأخير تسليمات الطائرات، وهي مشكلة يرجّح الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) استمرارها في العام المقبل والتي ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف والحد من النمو».

ويكافح عملاقا الطيران «بوينغ» و«إيرباص» من أجل تحقيق أهداف تسليمات طائراتها وسط تحديات سلسلة التوريد. وإذ يتوقع «إياتا» ارتفاع تسليمات الطائرات في العام المقبل إلى 1802 طائرة، فإنه قال إن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من توقعاته السابقة البالغة 2293 طائرة بداية العام، متوقعاً استمرار مشكلات سلسلة التوريد الخطيرة في التأثير على أداء شركات الطيران حتى عام 2025.

وتسبب مشكلات سلسلة التوريد إحباطاً لكل شركة طيران، وتؤثر سلباً في الإيرادات والتكاليف والأداء البيئي، وفق ما قال والش. وأضاف: «بلغت عوامل التحميل مستويات قياسية مرتفعة ولا شك أنه إذا كان لدينا مزيد من الطائرات، فيمكن نشرها بشكل مربح، وبالتالي فإن إيراداتنا معرَّضة للخطر. وفي الوقت نفسه، فإن الأسطول القديم الذي تستخدمه شركات الطيران لديه تكاليف صيانة أعلى، ويستهلك مزيداً من الوقود، ويتطلب مزيداً من رأس المال لإبقائه في الخدمة».

كما ارتفعت أسعار التأجير أكثر من أسعار الفائدة، حيث أدت المنافسة بين شركات الطيران إلى تكثيف التنافس لإيجاد كل طريقة ممكنة لتوسيع السعة. وبالنسبة إلى والش، فإن «هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه شركات الطيران إلى إصلاح ميزانياتها العمومية المتهالكة بعد الوباء، لكن التقدم مقيد فعلياً بقضايا سلسلة التوريد التي يحتاج المصنعون إلى حلها».

شعار اتحاد النقل الجوي الدولي «إياتا» (الشرق الأوسط)

عائدات ضخمة

وفي توقعات متفائلة ولكنها مليئة بالتحديات، يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تتجاوز عائدات صناعة الطيران تريليون دولار بحلول عام 2025، مصحوبةً بأرقام قياسية في أعداد المسافرين. ومع ذلك، فإن نمو الصناعة يعوقه في الوقت الحالي التأخير الكبير في تسليم الطائرات من «بوينغ» و«إيرباص».

ويتوقع والش أن تحقق شركات الطيران أرباحاً بقيمة 36.6 مليار دولار في 2025، بفعل عوامل كثيرة، بما في ذلك الاستفادة من انخفاض أسعار النفط، وتحقيق مستويات تحميل تفوق 83 في المائة، بالإضافة إلى السيطرة على التكاليف والاستثمار في تقنيات إزالة الكربون. لكنه لفت إلى أن هذه الأرباح ستكون محدودة بسبب التحديات التي تتجاوز سيطرة شركات الطيران، مثل القضايا المستمرة في سلسلة التوريد، والنقص في البنية التحتية، والتشريعات المعقدة، وزيادة الأعباء الضريبية.

ومن المرجح أن تسجل صناعة الطيران أرباحاً تشغيلية تبلغ 67.5 مليار دولار، مع هامش ربح تشغيلي قدره 6.7 في المائة، وهو تحسن طفيف عن التوقعات لعام 2024 البالغة 6.4 في المائة، وأن تحقق الصناعة عائداً على رأس المال المستثمَر بنسبة 6.8 في المائة في 2025، وهو تحسن من نسبة 6.6 في المائة المتوقعة لعام 2024.

ويتوقع أيضاً أن يشهد قطاع الطيران نمواً في العمالة، إذ من المتوقع أن يصل عدد موظفي شركات الطيران إلى 3.3 مليون شخص في 2025، ليشكلوا جزءاً من سلسلة القيمة العالمية للطيران التي تشمل 86.5 مليون شخص وتساهم بمبلغ 4.1 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، ما يعادل 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وعلى صعيد حركة الركاب، يتوقع «إياتا» أن يتجاوز عدد الركاب في العام المقبل 5.2 مليار للمرة الأولى، بزيادة قدرها 6.7 في المائة مقارنةً بعام 2024، وأن ينمو حجم الشحن الجوي بنسبة 5.8 في المائة ليصل إلى 72.5 مليون طن في الفترة ذاتها.

وفيما يتعلق بالشحن الجوي، يتوقع أن تبلغ إيرادات الشحن 157 مليار دولار في 2025، حيث ستنمو الطلبات بنسبة 6.0 في المائة، مع انخفاض طفيف في العائدات بنسبة 0.7 في المائة، رغم أن المعدلات ما زالت تتفوق على مستويات ما قبل الجائحة.

وستنمو تكاليف الصناعة بنسبة 4.0 في المائة في 2025 لتصل إلى 940 مليار دولار.

ومن أبرز التكاليف غير المتعلقة بالوقود، توقعت «إياتا» زيادة كبيرة في تكاليف العمالة، إلى 253 مليار دولار في 2025، وبنسبة 7.6 في المائة عن العام السابق. كما رجحت أن ترتفع تكاليف الوقود بنسبة 4.8 في المائة إلى 248 مليار دولار، رغم انخفاض أسعار النفط إلى 87 دولاراً للبرميل في 2025، وهو انخفاض من 99 دولاراً 2024.

وأشارت البيانات أيضاً إلى أن المخاطر السياسية والاقتصادية، مثل النزاعات الجيوسياسية والحروب التجارية، قد تؤثر في التوقعات المالية للقطاع، خصوصاً في ظل الاضطرابات المستمرة في أوروبا والشرق الأوسط.