وقعت السعودية ومصر أمس، في القاهرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقام بالتوقيع على الاتفاقية الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، فيما وقع عليها من الجانب المصري رئيس الوزراء شريف إسماعيل.
ويأتي توقيع تلك الاتفاقية الهامة والحساسة لتعكس الوصول لقمة التفاهم بين قيادات الدولتين في الفترة الراهنة، بعد أن كان الملف مثار جدل ومناقشات خلال السنوات السابقة، دون أين يتم وضع إطار رسمي وقانوني، وذلك للدور الحيوي والحاسم الذي لعبه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في المفاوضات التي دارت على مدار العام الماضي، منذ تدشينه «إعلان القاهرة»، ليتوج ذلك بإعلان في المؤتمر الصحافي الذي عقده الزعيمان أمس توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية ومصر.
وجاء التوصل إلى هذا الاتفاق بموجب البند السادس من إعلان القاهرة الذي تم التوقيع عليه بين الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته إلى مصر في يوليو (تموز) 2015.
وقال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن «الاتفاق مهم وحسمه أمر ضروري.. ولولا أن العلاقات المصرية السعودية الثنائية في أوج قمتها وهناك اتفاق كبير في القضايا التي تهم الدولتين والأمن القومي العربي بشكل عام، لولا ذلك لما تم الاتفاق». وأوضح سلامة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق لتحديد الحدود البحرية بين السعودية ومصر يأتي من الناحية القانونية وفقا لحالات خاصة في ظل وجود خلجان، فضلا عن قلة المسافة بين الدولتين المتقابلتين أو المتجاورتين عن 24 ميلا بحريا، ومن ثم فالاتفاق الذي تم يراعي هذه المسائل، وذلك خلافا لاتفاقيات تقسيم الحدود البحرية العادية».
وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن «الاتفاق يحسم تحديد حدود الامتدادات البحرية لكلا الدولتين والتي يمكن أن تكون متقاطعة سواء كان ذلك في المناطق البحرية التي يمتد فيها خليج العقبة أو المناطق البحرية المتاخمة لخط عرض 22 الذي يفصل بين مصر والسودان».
واعتبر سلامة أن «الاتفاق الذي لم يحسم على مدار السنوات السابقة يدل على التفاهم القوي الحالي بين قيادات البلدين ومتانة العلاقة، فكافة القيادات السابقة لم تنجح في الوصول إليه، بما يعكس روح الأخوة الحالية».
وشدد على أن أهمية ذلك هي «معرفة كل دولة لحدودها البحرية وسيادتها، ودرء أي نزاعات أو خلافات حالية أو مستقبلية حول الادعاء على سيادة متنازع عليها»، فهو ينزع فتيل أي أزمات مستقبلية حول السيادة في البحر الأحمر وخليج العقبة. وتابع: «الاتفاق أهميته تنبع من أنه بين أكبر دولتين عربيتين يرتكز عليهما الأمن القومي العربي والمصالح العربية المشتركة».
وفي السياق ذاته، قالت هايدي فاروق مستشار قضايا الحدود والسيادة الدولية لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاق بين مصر والسعودية لحسم هذا الملف الحيوي، يُعد ضربة للدول الإقليمية المعادية في المنطقة.. ويؤكد أن هناك سيادة عربية قوية ومتضامنة في هذه النقطة الحيوية من إقليم الشرق الأوسط».
وكانت المفاوضات بين القاهرة والرياض بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر، قد تجددت منذ نحو خمس سنوات، حيث تعود بداية الحديث بشأنها لعام 2010. عندما أصدرت السعودية مرسوما ملكيا بتحديد ما يُعرف في القانون الدولي، بخطوط الأساس البحرية، الخاصة بالمملكة العربية السعودية، في البحر الأحمر وخليج العقبة.
وردت مصر حينها بأنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية بالمرسوم الملكي السعودي، والمقابلة للساحل المصري الممتد شمال خط عرض 22، مؤكدة، في إعلان لوزارة الخارجية، أن هذا لا يمس بالموقف المصري في المباحثات الجارية مع السعودية لتعيين الحدود البحرية بين الطرفين.
قبل أن يخمد الحديث عن القضية مع الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر، ثم يعود ثانية مع تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة والتقارب بينه وبين الرئيس السيسي، والذي توج بتوقيع «إعلان القاهرة» في مفاوضات قادها الأمير محمد بن سلمان. وقالت مصادر سياسية، إن تضمين الاتفاق في إعلان القاهرة ضمن بنود أخرى، منها عزم الدولتين تطوير التعاون العسكري والاقتصادي، جاء في إطار رغبة البلدين في إغلاق هذا الملف نهائيًا حتى لا يصبح عقبة في طريق التقارب بين البلدين.
ترسيم الحدود البحرية يعكس الوصول لقمة التفاهم بين السعودية ومصر
محمد بن سلمان مهندس الاتفاق بدءًا من «إعلان القاهرة»
ترسيم الحدود البحرية يعكس الوصول لقمة التفاهم بين السعودية ومصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة