ابن كيران لـ «الشرق الأوسط»: تجاوزنا الأزمة الحكومية

الحكومة تصادق على تخفيض نسبة العتبة الانتخابية إلى 3 %

ابن كيران
ابن كيران
TT

ابن كيران لـ «الشرق الأوسط»: تجاوزنا الأزمة الحكومية

ابن كيران
ابن كيران

قال عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية إن أحزاب الائتلاف الحكومي قررت تجاوز الأزمة التي نشبت أخيرا على خلفية رسالة وزير الاقتصاد والمالية التي وجهها لرؤساء فرق المعارضة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان)، يقترح فيها حلا لأزمة 10 آلاف أستاذ متدرب، وهو ما يتناقض مع المقترح الرسمي للحكومة الذي عرضته وزارة الداخلية.
وأضاف ابن كيران، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن قادة التحالف قرروا مساء أول من أمس خلال اجتماع لهم بمقر إقامة رئيس الحكومة مواصلة الائتلاف الحكومي لعمله إلى حين إنهاء ولايته الحالية وإجراء الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأضاف ابن كيران أن قادة التحالف اتفقوا على استبعاد أي خيار آخر لحل مشكلة الأساتذة المتدربين غير المقترح الرسمي الذي قدمه وزير الداخلية محمد حصاد، ملتزمين بالدفاع عن الخيار الحكومي الذي يقضي بتوظيف الأساتذة المتدربين عبر دفعتين بعد إجراء مباراتين.
في غضون ذلك، صادقت الحكومة أمس على مشروعين يرومان تعديل قانونين تنظيميين. الأول يتعلق بتعديل القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، ويسمح بإقامة التحالفات الحزبية خلال الاستحقاقات المقبلة، وطرق تمويلها، حيث فتح المشروع الجديد الباب أمام إجراء تحالفات بين الأحزاب في الدوائر الانتخابية، وهو ما لم يكن مسموحا به خلال الانتخابات التشريعية السابقة. كما نص المشروع الذي حصل على موافقة قادة الأحزاب السياسية قبل عرضه مستقبلا على المجلس الوزاري الذي يترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس على طريقة تمويل الحملات الانتخابية، حيث شدد على توزيع الدعم المالي العمومي المخصص لتمويل الحملات الانتخابية المقبلة عبر حصتين الأولى جزافية متساوية بين كل الأحزاب، وحصة ثانية تأخذ بعين الاعتبار النتائج المحصل عليها سواء على مستوى المقاعد أو الأصوات.
وشدد مشروع القانون التنظيمي على ضرورة تقديم الأحزاب السياسية للوثائق المحاسبية التي تبرر نفقاتها خلال الانتخابات، حيث أكد المشروع على تجميد الدعم الموجه لكل حزب لم يلتزم بتقديم فواتير عن مصاريفه الانتخابية إلى المجلس الأعلى للحسابات (أعلى هيئة دستورية لمراقبة صرف المال العام).
ويتعلق المشروع الثاني، الذي صادقت عليه الحكومة قبل إحالته على البرلمان، بتعديل القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى) عبر إدخال تعديلات تهم اللائحة الوطنية للشباب التي كانت مخصصة فقط للذكور. وتضمنت التعديلات الجديدة السماح للشابات الإناث اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة إلى جانب الذكور في اللائحة الوطنية التي تضمن تمثيل 30 شابا في مجلس النواب.
في سياق متصل، كشف محمد حصاد، وزير الداخلية، مجمل التعديلات التي وافقت الحكومة على إدخالها على القوانين الانتخابية بعد مشاوراتها مع قادة الأحزاب السياسية، وأعلن حصاد مساء أول من أمس الأربعاء، خلال انعقاد لجنة الداخلية والجماعات الترابية (البلديات) والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) عن تخفيض نسبة العتبة الانتخابية إلى 3 في المائة بدل 6 في المائة المعمول بها حاليا.
وبرر وزير الداخلية قرار الحكومة تخفيض العتبة الانتخابية بتوسيع دائرة الأحزاب الممثلة في البرلمان.
ويرى المراقبون أن تخفيض العتبة الانتخابية من شأنه أن يقلص هيمنة الأحزاب الثلاثة الكبرى المتمثلة في حزب العدالة والتنمية، متزعم التحالف الحكومي، ذي المرجعية الإسلامية، والحزبين المعارضين الأصالة والمعاصرة، والاستقلال.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».