بشق الأنفس، تم أمس في العاصمة البحرينية المنامة «تمرير» كل ما جاء به مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين للجمعية العمومية السنوية. ورغم المشكلات والاتهامات المتبادلة، أقرت الجمعية البنود الأربعة المدرجة على جدول الأعمال، بعد فشل «المعارضة» في إيقاف قطار التصويت على هذا الاجتماع الفارق في تاريخ أعرق غرفة تجارية في منطقة الخليج.
وتم تثبيت الوضع الراهن لمجلس إدارة الغرفة، رغم وجود صدام بين «جبهتين»، وذلك مع مقاطعة «الرئيس» خالد بن عبد الرحمن المؤيد، وحضور ما لا يقل عن 420 تاجرا، في حين أن المطلوب كان حضور مائتي عضو فقط.
وعقدت هذه الجمعية وسط صراع بين الجبهتين، وإحداها تمثل رئيس وأعضاء هيئة المكتب بتشكيلها القديم، المكون من المؤيد وعثمان شريف وجواد الحواج وعيسى عبد الرحيم ومحمد ساجد وخالد الأمين وأحمد بن هندي، والأخرى بتشكيلها الراهن المكون من المؤيد أيضا، وخالد الزياني نائبا أول للرئيس، وعبد الحميد الكوهجي نائبا ثانيا، وعيسى عبد الرحيم أمينا للصندوق، ومحمد ساجد إظهار الحق نائبا له، وعضوين آخرين.
تعطل ومعارضة
وقبيل الاجتماع، الذي تعطل بفعل إجراءات التسجيل والتحقق من استيفاء الأوراق الثبوتية وتحصيل الاشتراكات السنوية، وذلك لمدة ساعة ونصف الساعة، كان معروفا أن التصادم الذي ظل وشيكا طوال عامين آن له أن يتجلى في ذلك الاجتماع، فما أن ترأس النائب الأول، صاحب ما يسمى بـ«الانقلاب الأبيض»، خالد الزياني الجمعية العمومية في تمام الحادية عشرة والنصف من صباح أمس بتوقيت المنامة، حتى ضجت القاعة بأصوات المعارضة «باطل.. باطل. مسموح بالتدوير وليس مسموح بالانتخاب»، وكان المقصود بالتدوير أن يتم التغيير بـ«التراضي»، وليس بإزاحة مجموعة وانتخاب أخرى.
الحاضر الغائب
خالد الزياني، المحتفظ بهدوئه المعتاد، لم يعلق على الصرخات المدوية للمعارضة التي قادها النائب الأول المطاح به «قانونا» عثمان محمد شريف، لكنه تطرق إلى هيئة الفتوى والتشريع بمجلس الوزراء، والتي أفتت بشرعية هيئة المكتب التنفيذي الجديدة للغرفة. وفي ظل وجود «الرئيس» بوصفه الحاضر الغائب، واجه الزياني الصرخات بالتشريع قائلا: «لا أحد فوق القانون».
ولكن كان لعثمان شريف ورجاله رأي آخر، حيث أخذ الكلمة، وقال: «لا أحد يشك في حرصنا جميعا على مصلحة هذا الوطن العزيز، ولا أحد يستطيع الاختلاف على أن كيان هذه الغرفة هو الممثل الشرعي والوحيد للقطاع الخاص في المملكة، وأن أحدا لا يمكنه التجاوز مثلما حدث في الاجتماع الذي يحمل تاريخ السابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي تم على أثره انتخاب هيئة جديدة للمكتب التنفيذي للغرفة».
وكان لا بد، في نظر شريف، أن تتم الاستقالة من المكتب القديم «طواعية» وليس «جبرا»، موضحا أن ما حدث من مخالفات صارخة في ذلك الاجتماع لا تعطي شرعية للموجودين على المنصة لقيادة هذا الاجتماع. وهنا تعالت الصيحات المعارضة، ورغم قلتها، إلا أن نقطة النظام التي طالب بها عضو الجمعية العمومية فؤاد أبل لم يستجب لها «زعماء» المنصة، وظل الطلب معلقا حتى انتهى الاجتماع بالتصويت على البنود الأربعة المدرجة على جدول الأعمال.
وكانت البنود الأربعة كالتالي، أولا، التصديق على محضر اجتماع الجمعية العامة العادية المنعقد بتاريخ 20 ديسمبر (كانون الأول) 2015. ثانيا، مناقشة وإقرار التقرير السنوي لمجلس الإدارة عن نشاط الغرفة لعام 2015. ثالثا، مناقشة وإقرار الوضع المالي وتقرير مدققي الحسابات عن السنة المالية 2015. ورابعا، تعيين أو إعادة تعيين مدقق الحسابات الخارجي.
علامة الرضا
تم إقرار البنود الأربعة بتصويت سريع، ورغم حالة الهرج والمرج، والتي تداخلت خلالها الكلمات واختلطت فيها الأصوات بالتشنجات، فإن العضو مازن الشهابي تمكن بهدوء أن يتحدث عن أربع نقاط رئيسية:
الأولى: تتعلق باستثمار المبنى القديم للغرفة وعدم إهماله أو إهدار قيمته المالية الكبيرة. والثانية: تحصيل ما بين مليونين إلى ستة ملايين دينار بحريني (ما بين 5.26 إلى 15.79 مليون دولار)، عبارة عن مديونيات للغرفة لدى الغير، ولكن هناك تقاعس واضح في تجميعها. أما النقطة الثالثة فكانت حول الاكتفاء بأعضاء لا يتجاوز عددهم خمسة آلاف عضو بالغرفة، رغم أن القانون هيا لهم عضويات لا تقل عن 80 ألفا ما زالت مهملة، وكأن مجلس الإدارة اكتفى بالآلاف الخمسة.
وتعلقت النقطة الأخيرة بإحياء السوق القديمة بمشاريع دائمة، سواء في العاصمة المنامة أو في مدينة المحرق التاريخية. وهنا اعترف خالد الزياني بالتقصير، قائلا: «نحن لم نفعل شيئا لقطاعنا التجاري لمدة عامين، وإننا بالفعل متقاعسون عن القيام بأي دور يذكر في هذا المقام»، لكنه عاد وألقى بالكرة المشتعلة في ملعب المكتب التنفيذي المطاح به، متهما إياه بالانفراد وحده بالقرار وعدم تمكين مجلس الإدارة من القيام بدوره الطبيعي في خدمة الشارع التجاري.
وانتهى الاجتماع ولكن الاشتباك لم ينفض، حيث أقر التجار البنود المدرجة على جدول الأعمال، لكن لم تنس «المعارضة» البند المسمى بـ«ما يستجد من أعمال».
مستقبل الرئيس
وفي أول تصريح له، أكد خالد الزياني لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يطمع في «الرئاسة»، قائلا: «والله لا أسعى لكي أكون رئيسا».
ولكن في ظل غياب الرئيس، خالد المؤيد، ترى هل ستبقى «الغرفة» بلا رئيس طويلا، أم أن الطريق أصبح ممهدا بما فيه الكفاية لاستقبال رئيس جديد، هو خالد الزياني نفسه، وهو نفسه قائد تحالف «المنصة»؟، خاصة في ظل التباين في التصريحات، بين تأكيدات عدد من أعضاء المجلسين السابق والحالي أنهم يعملون لصالح الوطن، مثل العضو السابق لمجلس إدارة الغرفة خلف حجير وعضو المجلس الحالي أحمد بن هندي، واتهامات آخرين مثل رجل الأعمال عضو المجلس السابق، إبراهيم الدعيسي للجميع بأنهم لا يراعون سوى مصالحهم الخاصة، وأن المصلحة العامة - التي يجب أن تكون فوق الجميع - ما زالت مهملة.