«ريسما» المغربية تبحث بيع فنادق وإعادة تركيز نشاطها

تمتلك 27 فندقًا يعمل تحت العلامات الست لمجموعة «أكور» الفرنسية

«ريسما» المغربية تبحث بيع فنادق وإعادة تركيز نشاطها
TT

«ريسما» المغربية تبحث بيع فنادق وإعادة تركيز نشاطها

«ريسما» المغربية تبحث بيع فنادق وإعادة تركيز نشاطها

تبحث شركة «ريسما» المغربية بيع مجموعة من الفنادق في مدن مختلفة من المغرب في إطار إعادة تركيز نشاطها، وقال أمين الشرقي، رئيس مجلس إدارة «ريسما»: «اليوم أصبحت مرحلة الاستثمارات الضخمة وراءنا، والمرحلة المقبلة ستكون مرحلة ترشيد المحفظة الاستثمارية والتركيز على المناطق وفروع النشاط الأكثر مردودية وحيوية».
وأوضح الشرقي، الذي كان يتحدث أمس خلال لقاء صحافي حول النتائج السنوية للشركة، قائلا: «هذا لا يعني أننا توقفنا عن الاستثمار، فنحن مقبلون على بناء ثلاثة فنادق جديدة من صنف (إبيس) في الرباط والدار البيضاء، ولكن بالنسبة لنوعية (سوفياتيل)، فقد غطينا كل المدن المغربية التي تتطلب إنجاز مثل هذا النوع من الفنادق».
وأشار الشرقي إلى أن «ريسما»، وهي شركة مدرجة في البورصة المغربية، وتملك مجموعة أكور الفرنسية حصة 30 في المائة من رأسمالها، استثمرت 4.6 مليار درهم (460 مليون دولار) بالمغرب في ظرف 15 سنة، وأصبحت تمتلك 27 فندقا توفر أكثر من 4 آلاف غرفة في 12 مدينة، وتستقطب 8 في المائة من التدفق السياحي على الفنادق المغربية، وتتوزع هذه الفنادق بين 8 فنادق فاخرة و3 متوسطة و16 اقتصادية من نوعية «إبيس».
ودخلت الشركة أخيرا مجال الاستثمار في نوع جديد من المؤسسات الترفيهية تحت علامة «سو -لونج»، وأطلقت منها أربعة ملاهي في كل من أغادير ومراكش والصويرة والرباط، وتخطط لافتتاح مؤسسة مماثلة في الدار البيضاء.
وحول أداء الشركة خلال 2015، أشار إلى أنها تأثرت بشكل أقل من باقي القطاع السياحي بالأزمة التي تعرفها السياحة؛ نظرا لسلسلة الأحداث التي عرفتها المنطقة خلال العام الماضي، خصوصا سلسلة الهجمات الإرهابية في باريس وتونس، والتي نتج عنها تراجع النشاط في الفنادق المغربية بنسبة 6.3 في المائة، وانخفضت نسبة إشغال الفنادق إلى 40 في المائة في 2015 بدلا من 44 في المائة في 2014.
وأضاف الشرقي أن «ريسما» أبدت مقاومة أكبر تجاه تداعيات أزمة السياحة، وانخفضت نسبة إشغال فنادقها من 67 في المائة إلى 64 في المائة.
وقال: «للمقارنة، فإن المعدل العام للقطاع السياحي المغربي عاد إلى مستوى 2012. أي 40 في المائة، فيما كان مستوى إشغال فنادق ريسما في 2012 زهاء 55 في المائة، أي أننا حققنا تقدما كبيرا مقارنة مع باقي مكونات القطاع السياحي، والفضل في ذلك يرجع إلى ارتباطنا بمجموعة أكور واشتغالنا تحت علاماتها المعروفة عالميا».
وبخصوص النتائج المالية للشركة، أوضح الشرقي أنها تأثرت من جهة بتراجع النشاط السياحي، ومن جهة ثانية باكتشاف تجاوزات مالية واختلالات في حساب فندقين آخرين للشركة في أغادير، والتي كلفتها مبلغ 127 مليون درهم (12.7 مليون دولار).
وقال إن الأمر يتعلق بمصاريف غير مصرح بها في حسابات الشركة ما بين 2011 و2015، مشيرا إلى أن الفندقين يتم إدارتهما من طرف الأشخاص أنفسهم. وأوضح الشرقي أن هذه الخسارة ضمنتها الشركة في حسابات 2015، وأن القضية معروضة على القضاء.
ونزل رقم معاملة الشركة بنسبة 5 في المائة خلال سنة 2015 ليبلغ 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار)، ساهمت فيها الفنادق الفاخرة بحصة 72 في المائة، والفنادق المتوسطة بحصة 8 في المائة، والفنادق الاقتصادية بحصة 20 في المائة، أما النتيجة الصافية للمجموعة فأظهرت خسارة بقيمة 59 في المائة نتيجة آثار الاختلالات والتجاوزات المالية لفندقي الشركة في أغادير.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.