المعطف الواقي من المطر.. زاد جمالاً وأناقة رغم مرور أكثر من قرن على ولادته

يقيك مزاجية الطقس وتقلبات الموضة

المعطف الواقي من المطر.. زاد جمالاً وأناقة رغم مرور أكثر من قرن على ولادته
TT

المعطف الواقي من المطر.. زاد جمالاً وأناقة رغم مرور أكثر من قرن على ولادته

المعطف الواقي من المطر.. زاد جمالاً وأناقة رغم مرور أكثر من قرن على ولادته

رجل اليوم لا يبقى في مكان واحد؛ فهو إن لم يكن شابًا مغامرًا يرغب في اكتشاف الجديد وزيارة أماكن بعيدة، فهو رجل يحب السفر ويعتبره مهمًا للتعرف على ثقافات أخرى أو للهرب من روتين الحياة اليومية أو فقط للاستجمام والتسوق. هذا الرجل يثير اهتمام صُنّاع الموضة منذ زمن، إلى حد أنهم بدأوا يغيرون بعض تفاصيلها ويفصلونها على مقاسه لنيل رضاه، بطرحهم قطعًا كلاسيكية لا تعترف بزمان أو مكان، يمكنه استعمالها خريفًا وصيفًا. أي أن تخدمه أينما كان، مع مراعاتهم أن تكون بتصاميم أنيقة وتقنيات عالية.
من هذه القطع، التي تبرز في هذا الوقت تحديدًا من كل عام، نذكر المعطف المضاد للمطر. فحلول الربيع وتفتح الأزهار على دفء أشعة الشمس، لا يعني بالضرورة تحسن الطقس وصفاءه الدائم، إذ هناك دائمًا مفاجآت، تأخذ شكل زخات مطرية بين الفينة والأخرى أو انخفاض ملموس في درجات الحرارة مساء، الأمر الذي يجعل حاجة الرجل إلى قطعة تتميز بالعملية والأناقة؛ بأن تكون خفيفة على العين، ومن ناحية الوزن أيضًا. فالخفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار قدرة القطعة على أن ترافقه في كل وجهاته من دون أن تثقل كاهله أو حقيبة سفره. وهذا تحديدًا ما نجح فيه هذا المعطف، بالنظر إلى أنه عندما يُطوى يبدو وكأنه مجرد إيشارب من الكشمير. ولأن العديد من هذه المعاطف تُغطي الفترة الواقعة بين الربيع والصيف، وفي بعض البلدان الأوروبية، تمتد إلى الخريف والشتاء، فإن صناعها يحرصون على استعمال أقمشة تتنفس لتمنح صاحبها الانتعاش حتى وإن كانت مبطنة. قد تكون دار «بيربري» أكثر من ارتبط اسمها بهذه القطعة الأيقونية، لأنها أكثر من أبدع فيها من الناحية الجمالية، كما أنها تدخل ضمن جيناتها، مما يجعلها تعود إليها في كل موسم لتجديدها وتطويرها. وتأكيدًا منها على أهمية هذا المعطف، وكيف غزا كل الثقافات إضافة إلى ديمقراطيته، رفعت أخيرًا شعارًا قويًا يقول: «يُصنع في بريطانيا ويستعمل في كل أنحاء العالم». ديمقراطيته بالنسبة لها تعود إلى أن ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية ظهرت به في عدة مناسبات سابقًا، كما ظهر به النجم براد بيت والنجمة الفرنسية كاثرين دونوف وهلم جرا من الشخصيات العالمية. وتزامنًا مع افتتاح ثاني محل لها في «مول الإمارات» بدبي، الذي تعتبره الأكبر مساحة، 15 ألف قدم مربع، وأيضًا أهمية في المنطقة العربية، إذ ستوفر فيه الدار كل تصاميمها، إلى جانب مستحضرات التجميل والعطور، إلا أنها، من ناحية الأزياء، ستعتمد على معطفها لكسب ود زبون المنطقة. والدليل أنها ستحتفل به في فعالية ضخمة بعنوان «فن الترانش» Art of the Trench تتزامن مع افتتاح المحل، وهي فعالية تجند لها منذ العام الماضي شخصيات عربية فنية واجتماعية، لإبراز جماليته ومناسبته للبيئة العربية. فقد تكون السوق العربية الأكثر مقاومة للمعطف لحد الآن، ربما لأن فكرة معطف وواقٍ من المطر غير واردة في بيئة لا تتساقط فيها الأمطار لعدة أشهر. بيد أن الدار البريطانية العريقة مصممة على أن تغير هذه النظرة وتدخلها خزانة الرجل والمرأة في المنطقة، من باب الأناقة والألوان والأقمشة المترفة، من الصوف والقطن إلى الدانتيل والبروكار وغيرها من الخامات والألوان التي تعشقها المنطقة. الجميل أنها منحت كل شخصية ظهرت به في حملتها حرية ارتدائها بالطريقة التي تتوافق مع متطلبات حياته اليومية، لهذا ارتداها بعض الرجال مع جينز أو مع الثوب، وبعض الفتيات فوق عباءة أو قفطان أو مع فستان أو تنورة. في كل الحالات كانت النتيجة مثيرة، تؤكد قوة هذه القطعة من الناحيتين الجمالية والعملية ومرونتها، أيًا كانت الثقافة والبيئة.
هذا التنوع تحديدًا هو ما يفسر القوة المتزايدة لهذا المعطف، فنظرة خاطفة إلى السوق وصفحات المجلات، تشير إلى أنه على الرغم من التغيرات الكثيرة التي تعرضت لها الموضة عبر العقود، بقي تصميمه صامدًا لم يتغير في أساسياته، كما ظل القطعة التي يتفق عليها الأبناء مع الأجداد والآباء بالنظر إلى تاريخها الطويل. وإلى الآن فإن صورته التي تظهر على منصات ميلانو هي نفسها التي تظهر على منصات نيويورك أو باريس أو لندن، وهي أيضًا الصورة نفسها التي رسمها السيد توماس بيربري في عام 1856، وصممها من أجل المحاربين الإنجليز في الحرب العالمية الأولى. ما يفرق بين تصميمه وباقي التصاميم الحالية أنه لم يبق مصنوعًا من قماش الغاباردين الذي يتميز بخفة فضلاً عن كونه يمنح الدفء في الشتاء، ويتنفس في الصيف فقط، وأدخل عليه كريستوفر بايلي مصمم «بيربري» أقمشة أخرى مثل البروكار، الدانتيل، الصوف وغيرها، مستغلاً تطور التكنولوجيا ومحترمًا متطلبات السوق.
في عصر توماس بيربري، لم تكن هذه التكنولوجيا متوفرة، ومع ذلك فإنه كان مبتكرًا، لأن الغاباردين كان جديدًا في ذلك الوقت، حيث اكتشف أنه يحمي المزارعين من تقلبات الطقس، ففكر أن يطوعه للجنود الذين كانوا يحفرون الخنادق ليختبئوا فيها خلال الحرب، ومن تم جاء اسمه «ترانش» وتعني الخندق.
ومع ذلك، لا يمكن القول إن توماس بيربري هو أول من مصمم هذا المعطف أو فكّر فيه؛ فقد سبقه إلى ذلك تشارلز ماكنتوش الذي كان، في الحقيقة، أول من قدمه من المطاط والنايلون المقاوم للمطر. كان واسعًا بعض الشيء وطويلاً إلى الكاحل. ويبدو أن بداية القرن العشرين كان فترة حاول فيها العديد من الخياطين اكتشاف خامات جديدة. وفي حين نجح بعضهم فشل البعض الآخر، لكنهم في كل الأحوال زرعوا الفكرة وعبّدوا الطريق للمزيد من الاختبارات والتطوير ركزت غالبًا على الخامات، إما باستعمال غشاء خفيف لتغليفه من الخارج أو بإدخال ألياف طبيعية أو بطلائه بمادة الراتينغ والشمع، بينما أدخل البعض الآخر مادة النايلون، وما شابها من مواد، للرفع من قدرته على المقاومة. ولحد الآن لم تتوقف عمليات التطوير وأغلبها يتم في معامل بريطانية أو سويسرية أو إيطالية مجهزة بآليات متطورة، كما توظف حرفيين مهرة يؤمنون بضرورة إرضاء الزبون حتى يبقى راضيًا ووفيًا لها. رضا الزبون، حسب قناعتهم، يأتي بحمايتهم له من الأمطار والرياح في الخريف، والإبقاء عليه منتعشًا في الربيع والصيف، مع الإبقاء على تصميمه الأساسي. فالتغييرات هنا تشمل تعديلات طفيفة، مثل الجيوب، أو إدخال تفاصيل على شكل طيات أو تطريزات على الظهر أو تحديد الخصر والأكتاف أو اللعب بأحجام وألوان الأزرار. ورغم أن ولادته كانت في بريطانيا، فإن شعبيته امتدت لكل أنحاء العالم، وبات مصممون آخرون يتبنونه بالتدريج، بمن فيهم الإيطاليون والفرنسيون. «بريوني» الإيطالية، مثلاً، التي تخاطب الرجل الكلاسيكي، أصبحت تطرحه بتصميم واسع بعض الشيء، تمزج فيه الحرير بالنايلون، بينما تقدمه «كانالي» على شكل سترات، نظرًا لطوله القصير، وتستعمل فيه المواد نفسها مع إمكانية ارتدائه على الوجهين، أما «برونيلو كوتشينيللي» فتقدمه حاليًا من الحرير المطلي بالراتينغ وبتصميم كلاسيكي. فالملاحظ أن القاسم المشترك بين البيوت الإيطالية، من «بريوني» و«كانالي» إلى «كوتشينيللي»، أنها تطمح لإرضاء الرجل والاستحواذ على اهتمامه، وإمكانياته طبعًا، بإغناء خزانته وتوفير كل القطع التي يمكن أن يحتاج إليها، لكن من دون أن تخضه أو تخض ما تعود عليه منها من تصاميم كلاسيكية. طبعا هناك إيطاليون آخرون من أمثال جيورجيو أرماني، سالفاتوري فيراغامو وغيرهم، لم يبخلوا عليه بتصاميم أكثر جرأة من حيث تبنيها الأسلوب الشبابي الذي يتجسد في جاكيتات قصيرة أو ألوان متوهجة أو خامات من البلاستيك المعالج. العنصر الثاني الذي لا يقل أهمية، وأصبح واضحًا أكثر رغم أنه ليس جديدًا، هو الأسلوب «السبور». فأغلب المصممين يحرصون عليه حاليًا ويتبارون على التميز فيه معتمدين على التكنولوجيا. المصمم البريطاني كريستوفر رايبورن، مثلاً قدم مجموعة بالتعاون مع شركة «فيكتورينوكس» السويسرية، أقل ما يمكن وصفها به أنها مزيج من الدقة والفنية والعملية، إضافة إلى مرونة تأخذ عدة أشكال، بما في ذلك ارتداؤها بأكثر من وجه.

* همسات

- تصاميمه الكلاسيكية تركز على الألوان الداكنة والطبيعية مثل الأزرق الغامق، والكحلي والأسود والبيج بكل درجاته، بينما التصاميم الشبابية تستعمل درجات ألوان من الطبيعة مثل الأخضر والأزرق والأحمر والأصفر. ولا يقتصر استعمال هذه الألوان المتوهجة على مصممين شباب بل أيضًا على أسماء مخضرمة في هذا المجال، مثل «بيربري» و«ماكنتوش». هذه الأخيرة قد تكون بقيت مخلصة لاستعمالها القطن المخلوط بالمطاط، لكنها لم ترَ مانعًا في إضافة جرعة لا بأس بها من الألوان الفاتحة، مثل الأحمر والأصفر.
- مهما اختلفت تصاميمه، لا يمكن القول إنه غير رسمي. فمهمته أن يقي الرجل من عوامل الجو، وفي الوقت ذاته أن يحمي ما يرتديه تحته، سواء كان بدلة مفصلة من الصوف أو بلايزر من الحرير، حتى إذا وصل إلى وجهته، ظهر متألقًا.
- يمكن القول إنها القطعة الأنسب في فصل الشتاء في بلداننا العربية حيث يكون الطقس دافئا رغم المطر، كما أنها الأنسب في الدول الأوروبية في الخريف والربيع، حيث تكون أشعة الشمس خادعة، تسمح للمطر بأن يتسلل من بينها في أي لحظة دون سابق إنذار.
- رغم أنه يأتي بأطوال مختلفة، يبقى الأضمن والأكثر أناقة هو ذلك الذي يغطي الركبة ببعض سنتمترات أو يجلس فوقها ببعض السنتيمترات.
- اختياره بحزام أو دون حزام، مسألة خاصة تتعلق بذوق صاحبه، لكن لا بأس من الإشارة إلى أن الحزام يناسب الرجل القصير أكثر، بينما التصميم المنسدل دون حزام يناسب الرجل المائل إلى السمنة أو يعاني من بروز الكرش.
- قد يعتقد الرجل الطويل أنه أكثر حظًا من غيره، لكن عليه هو الآخر أن يتجنب المعطف الذي يصل إلى الكاحل أو القصير جدًا. الأفضل بالنسبة له هو أن يصل إلى الركبة.

* نبذة تاريخية
* إذا كان الفضل في تصميم المعطف الواقي من المطر كما نعرفه اليوم يعود إلى توماس بيربري، فإن فكرة طرح قطعة مضادة للمطر تعود إلى تشارلز ماكنتوش الذي نجح عام 1823 أن يخترع مادة مطاطية لاصقة جمع فيها طبقتين من الأقمشة، بهدف وقاية سائقي عربات النقل والعاملين في الأماكن المفتوحة آنذاك من المطر والبلل. للأسف لم يكن اختراعه ناجحًا مائة في المائة، إذ كانت تنتج عنه رائحة كريهة في الشتاء، وفي الصيف يلتصق بالجسم بشكل غير صحي ومريح، لهذا فقد شعبيته بحلول عام 1830. عام 1854، التقطت شركة «هيليويل» الخيط وطرحته مرة أخرى بتصاميم بوجهين، أكثر أناقة وقوة في مواجهة عوامل الطقس. ورغم أنها تختلف كثيرًا عما طرحه تشارلز ماكنتوش، فإن الشركة أطلقت عليه اسم «ماكنتوش»، وهو لا يزال مستعملاً لحد اليوم رغم أن الشركة حاليًا تملكها شركة يابانية.
- يبدو أن هذه الفترة شهدت اهتمامًا كبيرًا بهذه القطعة وتطويرها، حيث ظهر مصممون آخرون حاولوا ترك بصماتهم عليها، مثل جون إيماري الذي افتتح محل خياطة في «ريجنت ستريت» عام 1851 تحت اسم «أكواسكوتم». «أكوا» ومعناها في اللاتينية الماء، و«سكوتم» الدرع. وسرعان ما بدأت الشركة تصنع معاطف للجنود البريطانيين، وكانت تتميز بطول يصل إلى الكاحل. وكانت تحقق إقبالاً لا يستهان به لولا دخول شاب عمره 21 عامًا، واسمه توماس بيربري على الخط في عام 1856.
كان شابًا متحمسًا ويتمتع بنظرة مستقبلية ورغبة جامحة في الابتكار. ولد بيربري وشب في الريف، الأمر الذي جعله يتنبه إلى أن المزارعين كانوا يستعملون ملابس من الكتان تدفئهم شتاء وتنعشهم صيفًا، فضل أنها كانت خفيفة الوزن، ولا تحدد حركتهم ومقاومة للبلل، لأنها كانت تنكمش بمجرد تعرضها للبلل. وهكذا فكر بأن يستعملها في معاطف واقية من عوامل الطقس للجنود. عام 1870 أصبح توماس بيربري أكبر منافس لـ«أكواسكوتم»، لا سيما بعدما توصل إلى نوع من القطن المصري يُنسج بطريقة تجعله مقاومًا للمطر أطلق عليها «غاباردين» لا يتميز بخفة الوزن فحسب بل لا تنبعث منه أية رائحة عندما يتعرض للماء. الآن أصبح القطعة اللصيقة باسم «بيربري» لأنها لم تتوقف أبدًا عن تطويره وتجميله إلى حد أنه بالنسبة للمرأة يمكن أن يغني عن فستان في حفل حميم أو دعوة غداء.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.