واشنطن تضغط لتمرير تشكيلة العبادي الوزارية.. وتضع ثلاثة شروط أمام الكتل السياسية

حذرت من أنها ستعيد النظر في مشاركتها في الحرب ضد «داعش»

رئيس الوزراء، حيدر العبادي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء، حيدر العبادي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تضغط لتمرير تشكيلة العبادي الوزارية.. وتضع ثلاثة شروط أمام الكتل السياسية

رئيس الوزراء، حيدر العبادي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء، حيدر العبادي (أ.ف.ب)

كشف مصدر مطلع ووثيق الصلة بالمباحثات الجانبية الجارية لتشكيل حكومة عراقية جديدة عن ضغوط تمارسها الولايات المتحدة الأميركية باتجاه تمرير الكابينة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الأسبوع الماضي، إلى البرلمان العراقي، باعتبارها جزءا من دعمها المؤكد له في مواجهة خصومه وشركائه معا.
وقال المصدر المطلع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، إنه «بعد فشل السفير الأميركي ستيوارت جونز في تقريب وجهات النظر بين أربيل وبغداد وأيضا مع القوى السنية بهدف التوصل إلى اتفاق مرضٍ يؤدي إلى تشكيل حكومة عراقية جديدة برئاسة العبادي نفسه، فقد أوفد الرئيس الأميركي باراك أوباما مبعوثه الخاص للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بريت ماكغورك، واضعا أمام الكتل السياسية ثلاثة شروط وهي: أولا بقاء العبادي رئيسا للحكومة، وثانيا في حال الإصرار على تغيير العبادي فإن الولايات المتحدة الأميركية ستعيد النظر في الحرب ضد (داعش) وستقتصر مشاركتها في دعم إقليم كردستان في مواجهة التنظيم، وثالثا عدم تجاوز العبادي للتكنوقراط السياسي الذي ترشحه الكتل السياسية، وهو ما يعني أن الأميركيين وضعوا شرطين لمصلحة العبادي وشرطا واحدا لمصلحة كل شركائه بمن فيهم خصومه».
وأضاف المصدر المطلع والوثيق الصلة أن «الكابينة الوزارية التي قدمها العبادي بدأت تترنح لأسباب مختلفة، يتعلق قسم منها بشمول البعض بإجراءات المساءلة والعدالة، بينما لدى البعض منهم ملفات لم تحسم، كون بعضهم لا يزال مديرا عاما في هذه الوزارة أو تلك، بينما هناك من انسحب، وبالتالي فإن المرشحين الوحيدين الذين ربما ينالون الثقة في جلسة التصويت الاثنين المقبل هم المرشحون الذين قدمهم التيار الصدري، وهم ليسوا صدريين، بل مستقلون، لا توجد على الأغلب خلافات بشأنهم، ومن بينهم وزيرا الصحة (علاء مبارك)، والثقافة والشباب (عقيل مهدي)، بينما يرى الكرد والسنة أن من تم ترشيحهم باعتبارهم كردا وسنة في الوزارة لا يمثلونهم، وهو ما يعني إما القبول بما يرشحونه من قبلهم طبقا للوصفة الأميركية (تكنوقراط سياسيون)، وإما الاتفاق بين الأكراد والسنة مع المرشحين باسمهم للتفاهم فيما إذا أصبحوا وزراء لا بد أن يقدموا تعهدات في أن يمثلوهم، وهو ما يعني فقدان أهم شرط من شروط التكنوقراط وهو الاستقلالية».
وردا على سؤال حول الموقف الإيراني الغامض من العبادي مقابل وضوح الموقف الأميركي، قال المصدر الوثيق الصلة إن «إيران لم تعد في وارد دعم هذا أو رفض ذاك، ما دام منصب رئاسة الوزراء بيد الشيعة، وهو ما يعني أن إيران لم يعد يهمها التحرك لدعم شخص بعينه، وهو ما يعني تاليا أن كل ما يجري تداوله الآن من أسماء بديلة للعبادي مثل طارق نجم، وهو مرشح المالكي الدائم، ليس أكثر من بالونات اختبار».
من جهته، أقر عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية ظافر العاني بوجود خلافات داخل الكتلة. وكان تحالف القوى (الكتلة السنية الأكبر) أعلن أمس، أن موقف ائتلاف «متحدون» المنضوي ضمنه، المعلن حول مقاطعة الحكومة المرتقبة أو التحول للمعارضة، إنما يمثله وحده وليس موقف كتل اتحاد القوى. وقال بيان للكتلة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «الأغلبية النيابية والسياسية لاتحاد القوى، التي تضم ما يزيد على أربعين نائبا، ﻻ يمكن أن تختزل بموقف ائتلاف (متحدون)». وأضاف البيان أنه «في الوقت الذي نجتهد فيه مع شركائنا في التحالف الوطني والكردستاني، للوصول إلى مخرجات وطنية مقبولة لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وتصحيح مسارات العملية السياسية بإنتاج حكومة تكنوقراط وطني بمعايير دولية، فإن اتحاد القوى العراقية سيبذل كل جهوده في إنضاج مشروع الإصلاح الشامل، ولن يكون سببا معرقلا بأي شكل من اﻷشكال».
وقال العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خلافات داخل تحالف القوى العراقية، لكنها هي نفسها المشكلات والخلافات التي تحصل كل مرة عند تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي فإنها يمكن أن تندرج في إطار الخلافات في وجهات النظر التي تتعلق بكيفية تشكيل الحكومة والآليات الخاصة بذلك بما فيها اختيار الوزراء». وأشار إلى أنه «من غير المتوقع حدوث خلافات واسعة ما دام هناك اتفاق على المبادئ العامة وأبرزها أن يكون الوزير مستقلا ومهنيا».
في السياق نفسه، أكد الوزير وعضو مجلس الحكم والبرلمان العراقي السابق القاضي، وائل عبد اللطيف، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأحزاب والكتل السياسية لا تريد التخلي عن حصصها في الوزارات بعد أن وصلوا إلى مراحل متقدمة في كل شيء، سواء على مستوى الفساد المالي أو الهيمنة على كل مرافق الدولة». وأضاف عبد اللطيف أن «الحقبة التي تولى فيها المالكي الوزارة مرتين حصلت فيها أمور كثيرة وخطيرة في الوقت نفسه، منها تراجع مستوى الكفاءات في كل مفاصل الدولة، بالإضافة إلى قضايا الفساد المالي واسعة النطاق وتمدد «داعش»، بدءا من ضياع الموصل، وهو ما يعني أنه بات من الصعوبة إصلاح الأوضاع بمجرد الحديث عن حكومة تكنوقراط، مشيرا إلى أنه «لا توجد منظومة عمل صحيحة، بما في ذلك عدم وجود قانون للوزارات، كما لم تحصل عملية نقل فعلي للصلاحيات إلى المحافظات، وهو ما جعل الدولة مترهلة على كل المستويات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».