كشف مصدر مطلع ووثيق الصلة بالمباحثات الجانبية الجارية لتشكيل حكومة عراقية جديدة عن ضغوط تمارسها الولايات المتحدة الأميركية باتجاه تمرير الكابينة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الأسبوع الماضي، إلى البرلمان العراقي، باعتبارها جزءا من دعمها المؤكد له في مواجهة خصومه وشركائه معا.
وقال المصدر المطلع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، إنه «بعد فشل السفير الأميركي ستيوارت جونز في تقريب وجهات النظر بين أربيل وبغداد وأيضا مع القوى السنية بهدف التوصل إلى اتفاق مرضٍ يؤدي إلى تشكيل حكومة عراقية جديدة برئاسة العبادي نفسه، فقد أوفد الرئيس الأميركي باراك أوباما مبعوثه الخاص للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بريت ماكغورك، واضعا أمام الكتل السياسية ثلاثة شروط وهي: أولا بقاء العبادي رئيسا للحكومة، وثانيا في حال الإصرار على تغيير العبادي فإن الولايات المتحدة الأميركية ستعيد النظر في الحرب ضد (داعش) وستقتصر مشاركتها في دعم إقليم كردستان في مواجهة التنظيم، وثالثا عدم تجاوز العبادي للتكنوقراط السياسي الذي ترشحه الكتل السياسية، وهو ما يعني أن الأميركيين وضعوا شرطين لمصلحة العبادي وشرطا واحدا لمصلحة كل شركائه بمن فيهم خصومه».
وأضاف المصدر المطلع والوثيق الصلة أن «الكابينة الوزارية التي قدمها العبادي بدأت تترنح لأسباب مختلفة، يتعلق قسم منها بشمول البعض بإجراءات المساءلة والعدالة، بينما لدى البعض منهم ملفات لم تحسم، كون بعضهم لا يزال مديرا عاما في هذه الوزارة أو تلك، بينما هناك من انسحب، وبالتالي فإن المرشحين الوحيدين الذين ربما ينالون الثقة في جلسة التصويت الاثنين المقبل هم المرشحون الذين قدمهم التيار الصدري، وهم ليسوا صدريين، بل مستقلون، لا توجد على الأغلب خلافات بشأنهم، ومن بينهم وزيرا الصحة (علاء مبارك)، والثقافة والشباب (عقيل مهدي)، بينما يرى الكرد والسنة أن من تم ترشيحهم باعتبارهم كردا وسنة في الوزارة لا يمثلونهم، وهو ما يعني إما القبول بما يرشحونه من قبلهم طبقا للوصفة الأميركية (تكنوقراط سياسيون)، وإما الاتفاق بين الأكراد والسنة مع المرشحين باسمهم للتفاهم فيما إذا أصبحوا وزراء لا بد أن يقدموا تعهدات في أن يمثلوهم، وهو ما يعني فقدان أهم شرط من شروط التكنوقراط وهو الاستقلالية».
وردا على سؤال حول الموقف الإيراني الغامض من العبادي مقابل وضوح الموقف الأميركي، قال المصدر الوثيق الصلة إن «إيران لم تعد في وارد دعم هذا أو رفض ذاك، ما دام منصب رئاسة الوزراء بيد الشيعة، وهو ما يعني أن إيران لم يعد يهمها التحرك لدعم شخص بعينه، وهو ما يعني تاليا أن كل ما يجري تداوله الآن من أسماء بديلة للعبادي مثل طارق نجم، وهو مرشح المالكي الدائم، ليس أكثر من بالونات اختبار».
من جهته، أقر عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية ظافر العاني بوجود خلافات داخل الكتلة. وكان تحالف القوى (الكتلة السنية الأكبر) أعلن أمس، أن موقف ائتلاف «متحدون» المنضوي ضمنه، المعلن حول مقاطعة الحكومة المرتقبة أو التحول للمعارضة، إنما يمثله وحده وليس موقف كتل اتحاد القوى. وقال بيان للكتلة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «الأغلبية النيابية والسياسية لاتحاد القوى، التي تضم ما يزيد على أربعين نائبا، ﻻ يمكن أن تختزل بموقف ائتلاف (متحدون)». وأضاف البيان أنه «في الوقت الذي نجتهد فيه مع شركائنا في التحالف الوطني والكردستاني، للوصول إلى مخرجات وطنية مقبولة لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وتصحيح مسارات العملية السياسية بإنتاج حكومة تكنوقراط وطني بمعايير دولية، فإن اتحاد القوى العراقية سيبذل كل جهوده في إنضاج مشروع الإصلاح الشامل، ولن يكون سببا معرقلا بأي شكل من اﻷشكال».
وقال العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خلافات داخل تحالف القوى العراقية، لكنها هي نفسها المشكلات والخلافات التي تحصل كل مرة عند تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي فإنها يمكن أن تندرج في إطار الخلافات في وجهات النظر التي تتعلق بكيفية تشكيل الحكومة والآليات الخاصة بذلك بما فيها اختيار الوزراء». وأشار إلى أنه «من غير المتوقع حدوث خلافات واسعة ما دام هناك اتفاق على المبادئ العامة وأبرزها أن يكون الوزير مستقلا ومهنيا».
في السياق نفسه، أكد الوزير وعضو مجلس الحكم والبرلمان العراقي السابق القاضي، وائل عبد اللطيف، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأحزاب والكتل السياسية لا تريد التخلي عن حصصها في الوزارات بعد أن وصلوا إلى مراحل متقدمة في كل شيء، سواء على مستوى الفساد المالي أو الهيمنة على كل مرافق الدولة». وأضاف عبد اللطيف أن «الحقبة التي تولى فيها المالكي الوزارة مرتين حصلت فيها أمور كثيرة وخطيرة في الوقت نفسه، منها تراجع مستوى الكفاءات في كل مفاصل الدولة، بالإضافة إلى قضايا الفساد المالي واسعة النطاق وتمدد «داعش»، بدءا من ضياع الموصل، وهو ما يعني أنه بات من الصعوبة إصلاح الأوضاع بمجرد الحديث عن حكومة تكنوقراط، مشيرا إلى أنه «لا توجد منظومة عمل صحيحة، بما في ذلك عدم وجود قانون للوزارات، كما لم تحصل عملية نقل فعلي للصلاحيات إلى المحافظات، وهو ما جعل الدولة مترهلة على كل المستويات».
واشنطن تضغط لتمرير تشكيلة العبادي الوزارية.. وتضع ثلاثة شروط أمام الكتل السياسية
حذرت من أنها ستعيد النظر في مشاركتها في الحرب ضد «داعش»
واشنطن تضغط لتمرير تشكيلة العبادي الوزارية.. وتضع ثلاثة شروط أمام الكتل السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة