خريطة جديدة تخفي 1300 عام من التاريخ المقدسي

وزارة السياحة الإسرائيلية تشطب الأقصى ومقدسات إسلامية ومسيحية منها

فلسطينيون أثناء إحيائهم يوم الأرض في الأول من أبريل بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
فلسطينيون أثناء إحيائهم يوم الأرض في الأول من أبريل بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

خريطة جديدة تخفي 1300 عام من التاريخ المقدسي

فلسطينيون أثناء إحيائهم يوم الأرض في الأول من أبريل بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
فلسطينيون أثناء إحيائهم يوم الأرض في الأول من أبريل بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن خريطة توزعها وزارة السياحة الإسرائيلية على السياح الذين يصلون إلى القدس الشرقية، تظهر موقعا إسلاميا واحدا وخمسة مواقع مسيحية فقط، وتطمس مئات المواقع الأخرى. وبالمقابل، تظهر العشرات من بيوت اليهود والكنس والمدارس الدينية اليهودية.
وتشمل الخارطة المرسومة، المكتوبة باللغة الإنجليزية، قائمة بأسماء 57 موقعا للزيارة في البلدة القديمة. وإلى جانب كنيسة القيامة وحائط المبكى و«جبل الهيكل» (هكذا يسمون الحرم القدسي)، تظهر في الخريطة أماكن مثل بيت فايطنبرغ، بيت الياهو، بيت الجيش، بيت دانون، بيت حبرون، بيت رعوت، بيت غوري، بيت حباد، وغيرها، وكلها بيوت في الحي الإسلامي اشتراها اليهود، غالبا بواسطة جمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية. ولا تشمل الخريطة أي ذكر للمسجد الأقصى، أو أي موقع إسلامي آخر، باستثناء قبة الصخرة. ومن بين 57 موقعا، هناك خمسة مواقع مسيحية فقط.
ويلاحظ أن جهودا كبيرة بذلت من قبل من أعدوا الخريطة من أجل شطب الأسماء العربية للمواقع في القدس. هكذا مثلا جرى تسجيل الأسماء العبرية للمواقع في الحرم القدسي: جبل الهيكل، وجبل موريا، ولم تستخدم الأسماء التي يعرفها سكان البلدة القديمة: الحرم الشريف أو الأقصى. وعلى الرغم من ظهور رسم للمسجد الأقصى على الخريطة، فإن اسمه لا يذكر، وقد كتب إلى جانبه اسم «إسطبلات سليمان»، بدل اسم المسجد المرواني كما يسميه الفلسطينيون. وعندما تظهر الأسماء العربية لبعض المواقع، فإنها تكتب بشكل خاطئ، فبدلا من «Silwan» (سلوان)، كتب «Silean». وتصل الخريطة إلى قمة العبث حين تتطرق إلى كل بيت من البيوت التي يسكنها اليهود داخل الحي الإسلامي، فمن بين 57 موقعا للزيارة ذكرت في الخريطة هناك ما لا يقل عن 25 بيتا يهوديا، كنيسا أو مدرسة دينية، وهي في قسمها الأكبر غير معروفة حتى للمرشدين السياحيين المجربين في المدينة، ولا تنطوي على أية أهمية بالنسبة للسائح. وفي المقابل، لا تظهر الخريطة كثيرا من الأماكن المسيحية بالغة الأهمية في المدينة، ككنيسة «سانت آنا» بالقرب من بوابة الأسود، أو كنيسة المخلص التي ترتفع فوقها أعلى قبة في البلدة القديمة. ورغم أنه جرت الإشارة إلى طريق الآلام، فإن الخريطة لم تذكر أي محطة من محطاته التي يسير فيها ملايين الحجاج المسيحيين كل سنة. كما لا تظهر مبانٍ هامة أخرى للسياح المسيحيين، كمبنى البطريركية اليونانية الأرثوذكسية، أو دير سان سلفادور الفرنسيسكاني. وتغيب المواقع الإسلامية كلها تقريبا عن الخريطة. فعلى الرغم من وجود الكثير من المواقع الإسلامية التي يزورها السياح في البلدة القديمة التي تعتبر نقاطا تاريخية هامة في المدينة، فإنه لا يظهر إلا قبة الصخرة، تحت اسم «جبل الهيكل». وقال الباحث الدليل السياحي، د. شيمعون غات، إن الخريطة تتجاهل «37 مدرسة، وسبلا للمياه، وقصر الست طنشق الذي يعتبر من أكبر البنايات في البلدة القديمة». ويضيف حسون أن تشويه الصورة لصالح المستوطنين اليهود ينعكس خارج حدود البلدة القديمة أيضا. فعلى جبل الزيتون يظهر اسم المستوطنة اليهودية «معاليه زيتيم» التي تعيش فيها 100 عائلة يهودية، من دون أي ذكر لعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».