أعلنت أذربيجان اليوم (الأحد)، وقفاً لإطلاق النار «من جانب واحد»، إثر معارك مع القوات الأرمينية في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، لكنها هددت بالرد في حال تعرض قواتها للهجوم.
وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، أن «أذربيجان قررت، إظهاراً منها للنوايا الحسنة، وقف الأعمال القتالية من جانب واحد"، محذرة من أنها «ستحرر كافة الأراضي المحتلة» إذا لم تتوقف القوات الأرمينية عن ممارسة "الاستفزاز".
كما تعهدت باكو، بتعزيز عدة مواقع استراتيجية قالت إنها "حررتها" داخل المنطقة الخاضعة لسيطرة أرمينيا، لكنها معترف بها دوليا على أنها جزء من أذربيجان.
من جهته، قال ديفيد بابايان المتحدث باسم وزارة الدفاع المدعومة من أرمينيا في قره باغ، إن «القتال لم يتوقف على خط الجبهة». وأوضح أن القتال العنيف مستمر في مناطق جنوب غرب وشمال شرق خط الجبهة في قره باغ.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قوات قره باغ أنها استعادت السيطرة على تلة لالا-تيبي الاستراتيجية في قره باغ التي كانت سيطرت عليها قوات أذربيجان السبت.
لكن باكو نفت هذه المعلومات، قائلة: إن «التلة لا تزال تحت سيطرتها وأن قوات المتمردين تعرضت لخسائر كبرى في الأرواح».
,قتل ثلاثون جندياً على الأقل، على حدود اقليم ناغورني قره باغ في معارك اندلعت ليل الجمعة /السبت بين القوات الأذربيجانية والأرمينية، وهي الأكثر حدة منذ انتهاء الحرب بين يريفان وباكو في التسعينات للسيطرة على الاقليم الانفصالي.
وقال الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان في كلمة متلفزة "خلال المعارك مع القوات المسلحة الأذربيجانية، "فقدنا 18 جندياً أرمنياً وأصيب نحو 35". وأضاف "انها المعارك المسلحة الأخطر منذ إرساء وقف لإطلاق النار في 1994".
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، إن "12 جندياً أذربيجانياً على الأقل قتلوا في المعارك، كما أسقطت القوات الأرمينية مروحية أذربيجانية".
وأعلنت يريفان أيضا مقتل فتى في الثانية عشرة من العمر، وإصابة مدنيين اثنين بجروح اثر تعرض قرية أرمينية على الحدود لقصف مدفعي أذربيجاني.
وأشارت سلطات الاقليم الانفصالي التي تدعمها أرمينيا، إلى إصابة سبعة مدنيين، فيما أعلنت باكو مقتل مدني على الجانب الأذربيجاني من الحدود.
وبحسب يريفان، فإن أذربيجان "شنت مساء الجمعة هجوماً واسعاً على حدود ناغورني قره باغ مستخدمة الدبابات والمدفعية والمروحيات"، الأمر الذي نفته باكو على الفور، موضحة أنها لم تفعل سوى الرد على هجوم من الجانب الأرميني.
والسبت قرابة الساعة 18:30 ت غ، قال واقف ديارقكلي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأذربيجانية، "خلال الساعتين الأخيرتين استقر الوضع على خط المواجهة، توقف إطلاق النار".
من جانبها، أكدت يريفان، "أنها أعادت الوضع تحت السيطرة وكبدت (الجيش الأذربيجاني) خسائر كبيرة"، لكن سركيسيان الذي ترأس اجتماعاً طارئاً لحكومته قال إن "الوضع يبقى متوترا".
وحذرت وزارة الدفاع في ناغورني قره باغ من أن "هذا التصعيد الذي تسببت به أذربيجان سيكون له عواقب لا يمكن التكهن بها".
من ناحية أخرى، دانت الحكومة الأميركية أمس (السبت)، التصعيد الجديد للقتال بين أرمينيا وأذربيجان، ودعت الطرفين إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1994.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إن الصراع الإقليمي لن يحل عسكريا، ودعا إلى تسوية سياسية عبر التفاوض.
من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس، عن أسفه العميق للمعارك الدائرة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في اقليم ناغورني قره باغ، داعياً الطرفين إلى "أكبر قدر من ضبط النفس" و"الالتزام فوراً وبشكل دائم وشامل بوقف لاطلاق النار".
وقال هولاند في بيان، إن المعارك التي اندلعت ليل الجمعة-السبت قرب خط الهدنة في قره باغ هي "الأكثر خطورة والأكثر دموية منذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 1994 بعدما أوقع النزاع 30 ألف قتيل". وأضاف، أن "الأولوية المطلقة يجب أن تكون للتهدئة"، مشدداً على أنه "لا يمكن أن يكون هناك أي حل آخر غير التفاوض".
وإذ ذكر الرئيس الفرنسي بأنه استضاف في باريس في أكتوبر (تشرين الاول) 2014 نظيريه الأرميني والأذربيجاني، جدد التأكيد على "التزامه في سبيل التوصل إلى حل سلمي في أقرب الآجال".
وفي موسكو، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الطرفين إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى ضبط النفس لتجنب سقوط ضحايا جدد"، حسبما قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.
وأجرى وزيرا الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو الروسيان اتصالات هاتفية بنظيريهما الأذربيجاني والأرميني للعمل على وقف التصعيد.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى "وقف فوري للمعارك"، معرباً عن "قلقه بشكل خاص لاستخدام أسلحة ثقيلة ولسقوط عدد كبير من الضحايا بينهم مدنيون".
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إلى "وقف المعارك على الفور والتقيد بوقف اطلاق النار"، الأمر الذي دعا إليه أيضا الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند.
وفي ألمانيا، قال فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني الرئيس الدوري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في بيان: "لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا النزاع، على الطرفين التحلي بالارادة السياسية لاستئناف المفاوضات في اطار مجموعة مينسك".
كما أعرب الوسطاء الدوليون في مجموعة مينسك الذين يعملون تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في بيان عن "القلق الشديد" ازاء التطورات العسكرية في ناغورني قره باغ.
في المقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اتصال هاتفي "تضامنه" مع نظيره الاذربيجاني الهام علييف، بينما يسود فتور العلاقة بين إردوغان وأرمينيا.
ووعد الرئيس التركي، بدعم أذربيجان حليفة أنقرة "حتى النهاية" في نزاعها مع أرمينيا حول اقليم ناغورني قره باغ.
ونقلت الرئاسة التركية اليوم (الأحد)، عن إردوغان، قوله أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة "نصلي من أجل انتصار أشقائنا الأذربيجانيين في هذه المعارك بأقل خسائر ممكنة".
يذكر ان الأرمن يشكلون غالبية سكان الاقليم الذي ألحق باذربيجان خلال الفترة السوفياتية، إلا أن حرباً ضارية نشبت بين عامي 1988 و1994 بين الطرفين أوقعت 30 ألف قتيل، وأدت إلى نزوح مئات آلاف الأشخاص غالبيتهم من الأذربيجانيين، وإلى سيطرة الأرمن على هذا الاقليم.
ورغم التوقيع عام 1994 على وقف اطلاق النار، لم يوقع أي اتفاق سلام بين الطرفين.
وكان رئيس اذربيجان الهام علييف التقى خلال وجوده في واشنطن الخميس للمشاركة في القمة الدولية للأمن النووي، وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وطالب أمامه أرمينيا بسحب قواتها "فوراً" من الاقليم.
وتتجاوز ميزانية وزارة الدفاع في أذربيجان بكثير كامل موازنة أرمينيا، وسبق أن أعلنت السلطات الأذربيجانية مراراً عزمها على استعادة المنطقة الانفصالية بالقوة إذا لم تسفر المفاوضات عن نتيجة.
وتؤكد أرمينيا المدعومة من روسيا من جهتها أنها مستعدة لمواجهة أي هجوم.
وأعلن ارتسرون هوفانيسيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية، في أواخر ديسمبر (كانون الأول) انه "لا بد لنا من استخدام كلمة (حرب) بما أنه لم يعد هناك وجود لوقف إطلاق النار".