البرلمان العراقي يعتبر الأنبار محافظة منكوبة ويفتح باب الإغاثة الدولية

قبل أيام من زيارة بان كي مون ورئيسي البنك الدولي والإسلامي * قائمقام الفلوجة لـ «الشرق الأوسط» : نعاني الأسوأ

أحد البيوت المتضررة ويبدو حوله الدمار الذي حل نتيجة القتال شرق مدينة الرما\ي ضد تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
أحد البيوت المتضررة ويبدو حوله الدمار الذي حل نتيجة القتال شرق مدينة الرما\ي ضد تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
TT

البرلمان العراقي يعتبر الأنبار محافظة منكوبة ويفتح باب الإغاثة الدولية

أحد البيوت المتضررة ويبدو حوله الدمار الذي حل نتيجة القتال شرق مدينة الرما\ي ضد تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
أحد البيوت المتضررة ويبدو حوله الدمار الذي حل نتيجة القتال شرق مدينة الرما\ي ضد تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)

فتح البرلمان العراقي، أمس، أبواب الإغاثة الدولية لإعادة تأهيل البنى التحتية للمدن التي تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش وذلك بالتصويت على عد محافظة الأنبار بوصفها «منكوبة».
ويأتي تصويت البرلمان العراقي بعد أقل من عشرة أيام من زيارة قام بها إلى العراق أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ورئيسا البنك الدولي جيم يونغ كيم والإسلامي أحمد محمد علي إلى العراق وإعلانهما عن تقديم مساعدات مالية للعراق بحدود 250 مليون دولار من أجل إعادة الاستقرار في المناطق «المحررة من تنظيم داعش»، في وقت أبدى رئيس البنك الإسلامي استعداد البنك لعقد اجتماع دولي لإعادة الاستقرار للمناطق «المحررة» بالعراق. وكانت القوات العراقية تمكنت من إعادة السيطرة على مدينة الرمادي خلال شهر يناير (كانون الثاني) عام 2016 بعد معارك ضارية مع تنظيم داعش في وقت خلف فيه التنظيم دمارا واسع النطاق في المدينة في البنية التحتية بالإضافة إلى تهجير أكثر من مليون مواطن من ساكنيها. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي شكل لجنة برئاسة رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم وعضوية وزير الكهرباء قاسم الفهداوي ومحافظ الأنبار صهيب الراوي لإعادة نازحي الأنبار بعد تحريرها من «داعش» في وقت تفجرت فيه مشاكل عشائرية تتعلق بالأفراد الذين انتموا إلى تنظيم داعش من أبناء عشائر المحافظة. وفي هذا السياق أعلن قائمقام قضاء الفلوجة سعدون عبيد الشعلان وهي إحدى أكثر مدن الأنبار المنكوبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفلوجة منكوبة مرتين.. مرة بكونها لم يتم تحريرها حتى الآن وهو ما يعني احتمال عدم شمولها بما سوف يترتب من نتائج على صعيد الإغاثة الدولية ومرة كونها تعيش حصارا كاملا من قبل تنظيم داعش الذي اختطفها من الجميع ويعمل على تجويع أهلها بطريقة منظمة وممنهجة». وأضاف أن «الفلوجة في النهاية جزء من الأنبار التي تعاني من دمار شامل على صعيد كل ما يتصل ببنيتها التحتية سواء كانت منازل مواطنين أو منشآت حكومية أو شوارع وطرق وجسور وبالتالي فإن الوصف الذي أعطاه مجلس النواب لهذه المحافظة كونها منكوبة أمر يعد مخففا لما عانت ولا تزال تعاني منه وهو ما يضاعف مسؤولية المجتمع الدولي حيال ما حصل من دمار جراء احتلال داعش» مشيرا إلى أن «الغالبية العظمى من الدواعش هم ليسوا من أهالي الفلوجة أو الأنبار بل هم أجانب من طاجيكستان وأفغانستان وحتى أوروبيون وبالتالي فإن الحرب ضد داعش هي ليست مسؤولية العراق فقط بل هي مسؤولية العالم أجمع». وحول ما إذا كانت تصل مساعدات إغاثية للفلوجة حاليا قال الشعلان إن «الحل الوحيد الممكن لمأساة الفلوجة وهو ما طالبنا به الحكومة ورئيس الوزراء حيدر العبادي والسفير الأميركي في العراق هي إرسال مساعدات إغاثية من الجو حيث يمكن أن تحل جزءا من المأساة بينما الطرق البرية فهي ليست آمنة لأنها مستهدفة من قبل داعش». وأوضح أن «إعلان الأنبار محافظة منكوبة ومن ضمنها الفلوجة التي بات العالم يعرف مأساتها جيدا يمكن أن يكون خطوة باتجاه حسم هذا الملف الإنساني بالغ الخطورة».
من جهته أكد الشيخ رافع الفهداوي رئيس مجلس العشائر المنتفضة ضد تنظيم داعش في الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التوصيف الذي أطلقه البرلمان على الأوضاع الإنسانية والخدمية في الأنبار عموما وفي مدينة الرمادي خصوصا إنما يرتب مسؤولية مضاعفة على المجتمع الدولي في أخذ دوره حيال ما تعانيه هذه المحافظة من مشاكل وأزمات مختلفة ومركبة جراء ما خلفته المعارك ضد تنظيم داعش الذي اختار سياسة الأرض المحروقة في كل منطقة يدخل إليها ويضطر إلى مغادرتها أثناء القتال». وأضاف الفهداوي أن «مستوى الدمار والتخريب لم يشمل البنى التحتية المادية فقط من حيث المنازل والمنشآت والطرق والجسور بل شمل الجوانب الإنسانية حيث ظهرت لدينا أمراض وأزمات نفسية ولذلك فإننا في الوقت الذي نحتاج فيه إلى جهد مادي فإننا نحتاج إلى جهود اجتماعية ونفسية وطبية». وحول ما إذا كانت عملية الإنفاق للأموال التي سيتم تخصيصها من صناديق المانحين يمكن أن تذهب إلى أصحابها الأصليين أم قد يطالها الفساد قال الفهداوي «المطلوب رقابة صارمة على الأموال من قبل جهات ولجان متخصصة لأننا سبق أن عانينا على صعيد الأموال التي تم تخصيصها للنازحين حيث طال الفساد كل شيء بدء من وزارة الهجرة والمهجرين إلى لجنة النازحين إلى مجلس المحافظة والحكومة المحلية وبالتالي فإننا لا نريد تكرار هذه المأساة».
وكشفت عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائبة لقاء وردي لـ«الشرق الأوسط» أن «المحافظة ساعية لنقل ملف الأنبار إلى دول العالم والمنظمات الإنسانية من أجل المساعدة في إعمار مدن الأنبار التي دمرها تنظيم داعش الإرهابي مما خلّف دمارا هائلا في البنى التحتية لمدن المحافظة وصلت نسبتها إلى أكثر من 80 في المائة. وتم تدمير الكثير من الجسور ومحطات تصفية مياه الشرب والشبكات الكهربائية والآلاف من منازل المواطنين والأبنية الحكومية والجامعات والمدارس والدوائر الخدمية الأخرى، مما مبالغ هائلة وصل تقديرها حسب لجان مختصة إلى أكثر من 20 مليار دولار، وهذا الأمر تعجز عن تقديمه الحكومة المركزية في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية».
وأكدت وردي «بأن الأنبار ستعكف على جمع معلومات وصور دقيقة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية عن حجم الدمار الذي لحق بمحافظة الأنبار المنكوبة من أجل تقديمه إلى دول العالم والمنظمات الدولية، من أجل تقديم مساعدات فورية للمحافظة خصوصًا وإنها بدأت في استقطاب الآلاف من العائلات التي نزحت من مناطقها، حيث سيحتاج الأهالي للخدمات الفورية مثل المدارس والمؤسسات الصحية والخدمية التي دمرت معظمها أثناء غزو داعش للمدينة وجراء العمليات العسكرية». وتناشد الحكومة العراقية التي تعاني من أزمة مالية المانحين الدوليين مساعدتها بإعمار مدينة الرمادي، ويتعين على الحكومة إزالة القنابل التي زرعها تنظيم داعش في الشوارع والمنازل وهو جهد يحتاج إلى أموال لا تتوفر لديها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.