الاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت يتفاعل سياسيًا وقضائيًا وإعلاميًا

الأجهزة الأمنية توقف معظم المتورطين وتبدأ استجوابهم بإشراف النائب العام التمييزي * وزير العدل لـ «الشرق الأوسط»: سأتابع القضية حتى توقيف كل من شارك في الاعتداء

الاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت يتفاعل سياسيًا وقضائيًا وإعلاميًا
TT

الاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت يتفاعل سياسيًا وقضائيًا وإعلاميًا

الاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت يتفاعل سياسيًا وقضائيًا وإعلاميًا

تفاعلت قضية الاعتداء على مكتب صحيفة «الشرق الأوسط» في بيروت سياسيًا وقضائيًا وأمنيًا، حيث بدأ القضاء تحقيقاته في الحادث، وسطّر استنابات إلى الأجهزة الأمنية أمر فيها بتوقيف المعتدين وإحالتهم إلى المحاكمة، فيما كانت الحادثة موضع متابعة بين وزير العدل أشرف ريفي والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود والمراجع الأمنية المختصة، والتشديد على الإسراع في توقيف المعتدين. كما قصد صحافيون من مؤسسات إعلامية لبنانية مختلفة مكتب الصحيفة في منطقة الأشرفية في بيروت، عبروا عن تضامنهم مع المؤسسة والعاملين فيها، وسجّلوا تقارير عمّا حصل. فيما اتصل وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الصحة وائل أبو فاعور بمكتب الصحيفة، واستنكرا الاعتداء، وشددا على «ضرورة ملاحقة المتورطين في اقتحام مكتب الجريدة».
وعلى أثر توقيف القوى الأمنية بيار الحشاش أحد الذين اشتركوا في اقتحام مكتب الصحيفة والاعتداء عليها، جرت مداهمات لمنازل باقي المشتركين في العملية، ما دفعهم إلى تسليم أنفسهم إلى فصيلة الأشرفية في قوى الأمن الداخلي، باستثناء أبرزهم عباس زهري الذي لا يزال موضع ملاحقة وهو من كان أطلق حملة التحريض على إقفال المكتب. وقد بدأت التحقيقات مع الموقوفين من قبل قائد السرية الإقليمية الثالثة في شرطة بيروت العميد حسين خشفة الذي قاد القوة الأمنية التي نفذت عمليات الدهم والملاحقة.
النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الذي يشرف على التحقيقات، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «التوقيفات ستطال كل المعتدين من دون استثناء». وأوضح أن «النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر هو من يشرف على الإجراءات التي تتولاها القوى الأمنية». وقال: «على أثر انتهاء التحقيقات الأولية سنتخذ الإجراءات اللازمة».
مصادر أمنية متابعة للقضية أعلنت لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى الأمنية أوقفت معظم المشاركين في الاعتداء على الصحيفة، وهي تتعقب آخرهم (زهري) وتعمل على توقيفه». وقالت: «إن السلطات الأمنية وعلى أثر وقوع الاعتداء بدأت مطاردتهم بناء على الاستنابات ومذكرات الإحضار الصادرة بحقهم من النيابة العامة»، مؤكدة أن المعتدين «ارتكبوا جرمًا جزائيًا يبدأ بخرق حرمة مؤسسة إعلامية، وتخريب وتحطيم محتوياتها، ويصل إلى تهديد العاملين فيها وإطلاق عبارات تسيء إلى دولة شقيقة (المملكة العربية السعودية) والتلويح بإقفال مكتب الجريدة بالقوة». وأشارت إلى «عملية الملاحقة كانت قيد المتابعة الدقيقة من قبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي».
من جهته، رأى وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، أن «الكاريكاتير الذي صدر في (الشرق الأوسط) مرفوض، لأنه يمسّ بالعلم اللبناني الذي هو رمز لبنان، لكنه في الوقت نفسه لا يعبّر عن سياسة الصحيفة». وأكد ريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكاريكاتير لا يمثل العلاقات اللبنانية السعودية التاريخية، والبيان الذي صدر عن الصحيفة أوضح الأمر وصححه، أما اقتحام مكتب الصحيفة في بيروت، فهو خارج عن أخلاقيات اللبنانيين، كما أنه يشكل عملاً تخريبيًا، واعتداء يستهدف لبنان وبيروت كعاصمة للحريات العامة والحريات الإعلامية». وأضاف وزير العدل: «فور حصول الحادث اتصلت بالنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، وطلبت منه ملاحقة المعتدين وسوقهم إلى القضاء، وسوف أتابع هذه القضية حتى توقيف كل من شارك في الاعتداء»، معتبرًا أن «ما حصل يعطي دليلاً إضافيًا على مضي الدويلة في ممارساتها الميليشياوية التي تعيق نهضة الدولة ومؤسساتها، وتسيء إلى لبنان وتاريخه».
نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي، زار مكتب «الشرق الأوسط»، واجتمع بالموظفين، وعبّر عن إدانته للاعتداء وتضامنه مع المؤسسة والعاملين فيها. وقال في تصريح له: «إذا كان الكاريكاتير الذي نشر في (الشرق الأوسط) غير مقبول، فإن ردّ الفعل كان أسوأ»، مذكرًا بأنّ «الخطأ لا يمكن أن يصحّح بخطأ أكبر».
وأضاف أنّ «المملكة العربية السعودية بلد عزيز على قلب كل لبناني، وهنا أيضًا لا أحد يزايد على محبّة الشعب اللبناني لأهلنا السعوديين والعكس صحيح، وكلما توجهنا إلى المملكة كنا نقول: ليت اللبنانيين يحبّون بلدهم كما يحبّه السعوديون».
وتعليقا على الحادث، استنكر الحزب التقدمي الاشتراكي، في بيان صادر عن مفوضية الإعلام، الاعتداء الذي حصل على مكتب جريدة «الشرق الأوسط» في بيروت، رافضا «التعرض للصحافيين والموظفين في الجريدة»، حيث اعتبر أن «احترام حرية الرأي مهما كان يعلو فوق كل اعتبار»، وعبر عن التضامن مع أسرة تحرير «الشرق الأوسط» وجميع العاملين فيها، كما عبر في الوقت نفسه عن أسفه لإقفال مكتب قناة «العربية» في بيروت.
وأدانت منسقية الإعلام في «تيار المستقبل» الاعتداء الذي تعرضت له مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت، اعتراضًا على كاريكاتير. واعتبرت في بيان لها أمس أن «أي خطأ تتضمنه مادة صحافية أو إعلامية لا يعالج بخطأ مماثل ضد وسائل الإعلام، وأنه يمكن التعبير عن الاعتراض بوسائل أكثر حضارية، أو باللجوء إلى القضاء».
ونوهت منسقية الإعلام في «تيار المستقبل» بـ«مبادرة جريدة (الشرق الأوسط) إلى توضيح اللغط الدائر حول الكاريكاتير المنشور في عددها الصادر أول من أمس الجمعة، والتشديد على احترامها للبنان ولشعبه، وحرصها على انتمائه العربي، وهو ما يعرفه اللبنانيون جيدًا عن هذه الجريدة العربية التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان، وناصرت شعبه، وتبنت قضاياه، وأوصلت صوته إلى العالم العربي والمجتمع الدولي». وأهابت بـ«الأجهزة الأمنية المختصة للعمل على محاسبة الفاعلين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمن مكتب الصحف اللبنانية والعربية، للحؤول دون تكرار ما حصل».
بدوره أدان حزب القوات اللبنانية الاعتداء، وقالت الدائرة الإعلامية في القوات في بيان أصدرته أمس: «تستنكر القوات اللبنانية مبادرة بعض الأشخاص إلى اقتحام مكتب جريدة (الشرق الأوسط) في بيروت والتعرض للعاملين فيها والعبث بالتجهيزات والأثاث، ردًا على رسم كاريكاتيري».
وقالت: «إن الرد على أي إساءة في حال صدورها عن أي صحيفة أو وسيلة إعلامية يكون بالمنطق البياني أو باللجوء إلى القضاء أو باستخدام حق الرد، كما ينص على ذلك قانون المطبوعات، وليس بالاعتداء المادي والتهويل والتهديد». وأسف حزب القوات اللبنانية من جهة ثانية لـ«قرار إدارة محطة العربية بإقفال مكتبها في بيروت، متمنية أن تعيد النظر بقرارها».
إلى ذلك، أصدر مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز» بيانًا استنكر فيه الاعتداء. وقال: «اقتحم بعض الشبان الغاضبين، يوم الجمعة مكتب صحيفة (الشرق الأوسط) في مبنى برج الغزال في منطقة التباريس في بيروت، احتجاجا على نشر الصحيفة لكاريكاتير مسيء إلى الدولة اللبنانية؛ إذ يصفها بعبارة (دولة لبنان كذبة أول نيسان) مكتوبة على العلم اللبناني. ووقع سجال بين الموظفين وبين المقتحمين الذين عمدوا إلى بعثرة محتويات المكتب ورمي الأغراض والأوراق على الأرض».
وأضاف أن «مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز) يستنكر اقتحام مكتب (الشرق الأوسط) من قبل أي جهة وتحت أي ذريعة كانت، ويطالب القضاء بمحاسبة المعتدين دون أي إبطاء، لا سيما وأن بعضهم معروف بالصوت والصورة»، مطالبًا الأجهزة الأمنية بـ«تأمين الحماية اللازمة للمكتب والموظفين فورا، لئلا يتكرر الاعتداء، وعدم الاكتفاء بالقيام بتحقيق سطحي وإقفال المحضر». وختم «سكايز» بيانه قائلاً إن «أي تخاذل في اتخاذ الإجراءات الرادعة يفتح المجال لممارسات مشابهة ضد وسائل إعلامية أخرى بحجج مختلفة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.