قبرص تحقق مع خاطف الطائرة المصرية.. والقاهرة تطالب بتسليمه

المتهم يؤكد أن هدفه كان رؤية عائلته بعد غياب 24 عامًا

مصطفى سيف الدين محمد الذي خطف الطائرة المصرية أثناء مغادرته المحكمة في قبرص أمس (أ.ف.ب)
مصطفى سيف الدين محمد الذي خطف الطائرة المصرية أثناء مغادرته المحكمة في قبرص أمس (أ.ف.ب)
TT

قبرص تحقق مع خاطف الطائرة المصرية.. والقاهرة تطالب بتسليمه

مصطفى سيف الدين محمد الذي خطف الطائرة المصرية أثناء مغادرته المحكمة في قبرص أمس (أ.ف.ب)
مصطفى سيف الدين محمد الذي خطف الطائرة المصرية أثناء مغادرته المحكمة في قبرص أمس (أ.ف.ب)

قررت النيابة القبرصية أمس تمديد حبس المواطن المصري مصطفى سيف الدين، خاطف الطائرة المصرية، لثمانية أيام، وذلك لاستكمال التحقيق معه، فيما أرسلت القاهرة طلبا رسميا لتسلمه ومحاكمته.
وأرغم الخاطف طائرة «مصر للطيران»، صباح أول من أمس (الثلاثاء)، المتجهة من مطار «برج العرب» بمدينة الإسكندرية إلى العاصمة القاهرة في رحلة داخلية، على تحويل وجهتها إلى قبرص، زاعما أنه يرتدي حزاما ناسفا، قبل أن يتضح لاحقا أنه حزام وهمي، وذلك بعد حصار قوات الأمن القبرصية له، حيث استسلم وأفرج عن كل الرهائن دون أن يلحق بهم أذى.
وكانت طائرة «إيرباص 320» تقل 81 شخصا، من بينهم 4 هولنديين، و8 أميركيين، وبلجيكيان، و4 بريطانيين، وراكب من كل من فرنسا وسوريا وإيطاليا، بالإضافة إلى 15 من أفراد طاقم الطائرة، وعنصر أمن.
وقالت شركة «مصر للطيران» إن «الجهات الأمنية في قبرص أكدت أن الحزام الناسف الذي كان يرتديه خاطف الطائرة (زائفا)»، في حين ذكرت مصادر أمنية أن «الخاطف كان يريد توجيه رسالة إلى مطلقته القبرصية».
وقال مكتب النائب العام المصري المستشار نبيل أحمد صادق، أمس، إنه أرسل طلبا إلى السلطات القبرصية لاتخاذ إجراءات تسليم المتهم إلى السلطات المصرية للتحقيق معه في واقعة قيامه باختطاف الطائرة المصرية، والهبوط بها بمطار لارنكا بدولة قبرص. واستند الطلب، الذي تقدمت به النيابة العامة المصرية، إلى الاتفاقية الثنائية لتسليم المجرمين المبرمة بين الدولتين والموقعة في 25 مارس (آذار) 1996، وكذا الاتفاقيات الدولية النافذة والمعمول بها في هذا الشأن، وهي اتفاقية مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات، الموقعة في 16 ديسمبر (كانون الأول) 1970، والاتفاقية الخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني، الموقعة في 23 سبتمبر (أيلول) 1971، والاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن، الموقعة في 17 ديسمبر 1979.
وقال مصدر قضائي إن الجانب القبرصي وافق على طلب تسليم المتهم عقب الانتهاء من إجراءات التحقيق معه، ونقلت صحيفة «سيبرس ميل» القبرصية عن خاطف الطائرة قوله خلال التحقيقات التي أجرتها معه النيابة القبرصية إن «رؤية عائلته كانت الدافع وراء ما فعله».
واقتيد مصطفى إلى سيارة تابعة للشرطة عند خروجه من مبنى المحكمة، وظهر وهو يرفع علامة النصر من نافذة السيارة. وأضافت الصحيفة أن جلسة أمس أجريت وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور مكثف من الصحافيين. وبحسب الصحيفة، فقد حضر المتهم دون محام، ولم يبد أي اعتراض بعد صدور حكم حبسه.
وتشمل الاتهامات الموجهة إلى مصطفى «القرصنة، وحيازة متفجرات بصورة غير مشروعة، والاختطاف، والإرهاب».
ونقلت الصحيفة عن المتهم قوله: «عندما لا يرى الشخص عائلته لمدة 24 عاما.. وهو يريد رؤية زوجته وأولاده والسلطات المصرية تمنعه، ماذا يفعل؟». ولدى المتهم أربعة أبناء؛ مات أحدهم منذ عشر سنوات. وقد غادر مصطفى قبرص عام 1994.
وأوردت الصحيفة تفاصيل ما حدث أثناء فترة الاختطاف، حيث نهض المتهم من مقعده بعد 15 دقيقة من إقلاع الطائرة، وتوجه إلى الجزء الخلفي منها، حيث أظهر لأحد أفراد طاقم الطائرة الحزام الذي كان يرتديه، وهو مكون من مجموعة أسطوانات وعدة أسلاك ليظهر أنه حزام ناسف، وبعد ذلك طلب من الركاب تسليم جوازات سفرهم، ثم قدم مذكرة لأحد أفراد الطاقم؛ ليبلغ قائد الطائرة بأنه خطف الطائرة، طالبا منه الهبوط بالطائرة؛ إما في تركيا أو اليونان أو قبرص، موضحا أنه يفضل الأخيرة.
وأضافت الصحيفة أنه هدد في المذكرة بتفجير الطائرة إذا هبطت على أي جزء من الأراضي المصرية، وأنه سلم بعد الهبوط في مطار لارناكا، ظرفا يحمل اسمًا وتفاصيل عن امرأة قبرصية، اتضح أنها زوجته السابقة. وبحسب الصحيفة، فقد احتوت الرسالة «طلبا بالإفراج عن 63 سيدة محتجزة في السجون المصرية، بسبب آرائهن السياسية».
ونقلت الصحيفة عن أحد أفراد طاقم الطائرة، قوله: «لقد صدقنا بالفعل أن لديه متفجرات في حزامه، وبدا أنه شخص سوي ومستقر وأنه سينفذ تهديده».
وأوضحت الصحيفة أنه بعد الإفراج عن جميع الركاب «خرج المتهم من الطائرة وحاول الهرب، لكن الشرطة اعتقلته». وتابعت أن الشرطة اكتشفت بعد تفتيشه أن الحزام لا يحتوي على أي مواد متفجرة.
وأضافت الصحيفة أنه خلال تفتيش المتهم وجدت على جسمه وشوم، سيجري التحقيق في معانيها، وقالت إنه عثر على متن الطائرة على حقيبة تخصه بها أوراق باللغة العربية، وزجاجة تحتوي على سائل ما سيتم التحقق منه.
وبحسب الصحيفة، فقد كان المتهم متعاونا مع الشرطة، وأجاب عن كل التساؤلات، موضحة أن التحقيقات أجريت بالتعاون مع الإنتربول الدولي. وأرجعت الشرطة رغبتها في بقاء المتهم بالحجز الاحتياطي، إلى خوفها من تأثيره على شهادة البعض ممن تنوي التحقيق معهم، وكذلك لوجود مخاوف من اختفائه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».