الأسد يتلاعب على مفهوم الحكم الانتقالي.. والمعارضة تصحح

قال في مقابلة نشرتها وكالة «ريا نوفوستي» الروسية إنه لا شيء أنجز في جنيف

تلاميذ داخل مدرستهم ببلدة دوما بريف دمشق الذي دمره قصف الطيران الحربي طول سنوات الحرب (رويترز)
تلاميذ داخل مدرستهم ببلدة دوما بريف دمشق الذي دمره قصف الطيران الحربي طول سنوات الحرب (رويترز)
TT

الأسد يتلاعب على مفهوم الحكم الانتقالي.. والمعارضة تصحح

تلاميذ داخل مدرستهم ببلدة دوما بريف دمشق الذي دمره قصف الطيران الحربي طول سنوات الحرب (رويترز)
تلاميذ داخل مدرستهم ببلدة دوما بريف دمشق الذي دمره قصف الطيران الحربي طول سنوات الحرب (رويترز)

اعتبر الرئيس بشار الأسد أن الحكومة الانتقالية يجب أن تشمل النظام الحالي والمعارضة، فيما قالت المعارضة السورية إن سوريا بحاجة إلى هيئة حكم انتقالي بصلاحيات وسلطات تنفيذية كاملة، وليست حكومة مشاركة تخضع لسلطة الرئيس بشار الأسد. وقال الأسد في مقابلة نشرتها وكالة «ريا نوفوستي» العامة الروسية، أمس، من «المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة وللقوى المعارضة وللقوى الموالية للدولة».
وأضاف الأسد أن الانتقال السياسي «لا بد أن يكون تحت الدستور الحالي حتى يصوت الشعب السوري على دستور جديد»، مبينا أن «الحديث عن هيئة انتقالية غير دستوري وغير منطقي».
وتابع: «صياغة الدستور ربما تكون جاهزة خلال أسابيع، الخبراء موجودون.. هناك مقترحات جاهزة يمكن أن تجمع. ما يستغرق وقتا هو النقاش، يبقى هنا السؤال ليس كم تستغرق من الوقت صياغة الدستور، السؤال هو ما هي العملية السياسية التي سنصل من خلالها لمناقشة الدستور».
ونصت ورقة جنيف التي وزعتها الأمم المتحدة خلال جولة المفاوضات بين النظام والمعارضة الأسبوع الماضي على أن «الانتقال السياسي في سوريا يشمل آليات حكم ذي مصداقية وشامل.. وجدولا زمنيا وعملية جديدة لأعداد الدستور وتنظيم انتخابات» على أن «يشارك فيها جميع السوريين بمن فيهم السوريون المغتربون المؤهلون للتصويت».
وتابع الرئيس السوري: «حتى الآن لا نستطيع أن نقول إن هناك شيئا أنجز في محادثات جنيف، ولكن بدأنا الآن بالأشياء الأساسية وهي وضع مبادئ أساسية تبنى عليها المفاوضات».
إلى ذلك، اعتبر الأسد أن معظم الأكراد في سوريا يريدون العيش ضمن سوريا «موحدة»، ويعارضون النظام الفيدرالي الذي أعلن في شمال البلاد. وقال في هذا السياق «لا أعتقد بأن سوريا مهيأة لفيدرالية» مضيفا: «معظم الأكراد يريدون أن يعيشوا في ظل سوريا موحدة بنظام مركزي بالمعنى السياسي وليس فيدراليا».
وقد أعلنت أحزاب سوريا كردية في 17 مارس (آذار) النظام الفيدرالي في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا، في خطوة تراها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وسارعت دمشق والمعارضة إلى رفض الإعلان بقوة.
على صعيد آخر، أوضح الرئيس السوري أن الأضرار التي خلفتها الحرب منذ 2011 تتجاوز مائتي مليار دولار.
وقال إن «الجوانب الاقتصادية يمكن ترميمها مباشرة عندما تستقر الأوضاع في سوريا»، لكن إصلاح مرافق البنى التحتية سيستغرق «وقتا طويلا». وأضاف: «نحن بدأنا عملية إعادة الإعمار حتى قبل أن تنتهي الأزمة». وأوضح أن «عملية إعادة الإعمار هي عملية رابحة (..) نتوقع في هذه الحالة أن تعتمد العملية على ثلاث دول أساسية وقفت مع سوريا خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران».
وبالنسبة للمهجرين، أكد الأسد طبعا «لا توجد أرقام دقيق» إنما «تقريبية لأن هناك أشخاصا ينتقلون داخل سوريا (..) لكن لا أعتقد أن المشكلة تكمن في الرقم (...) المشكلة الأساسية هي الإرهاب».
من جانبها، علقت الهيئة العليا للمفاوضات على الحوار، فنقلت «رويترز» عن جورج صبرا، المفاوض بالهيئة التي تمثل المعارضة السورية في مباحثات السلام بجنيف، قوله إن «الحكومة إن كانت جديدة أو قديمة وما دامت بوجود بشار الأسد فهي ليست جزءا من العملية السياسية، لذلك ما يتحدث عنه بشار الأسد لا علاقة له بالعملية السياسية». وقال أسعد الزعبي، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، إن «ما تريده المعارضة هو ما نص عليه بيان جنيف.. هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات والسلطات التنفيذية بما فيها صلاحيات رئاسة الجمهورية».
واعتبر هادي البحرة، الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني السوري المعارض وكبير المفاوضين الأسبق والاستشاري في وفد المفاوضات الحالي إلى جنيف، كلام الأسد بأن دمشق ستعتمد في حوارها لحل الصراع السوري خلال الجولة المقبلة من المحادثات في جنيف على وثيقة المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، غير جاد. أما الوثيقة التي أصدرها الممثل الدولي الخاص دي ميستورا، فهي تمثل رؤية فريقه لما وجده من مبادئ عامة، مع العلم بأن كل طرف قدم ورقته الخاصة بالمبادئ الأساسية، ودي مستورا أشار إلى أن ورقته لا تمثل اتفاق إطار ولا تشكل بديلاً عن قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرارين «2118» (2013) و«2254» (2015)، اللذين يحددان بشكل واضح أنها تتوجب التنفيذ الكامل لبيان 30 - 6 - 2012 «بيان جنيف» هذا ما يعتمد ويبنى عليه في المفاوضات.
ويتابع البحرة بقوله، إن الأسد يحاول إعطاء الانطباع بأن هناك أمورا حسمت وفق تفسيره للقرارات الدولية، وكل ما تحدث عنه هو قضايا تفاوضية يتم البت فيها على طاولة المفاوضات وبمبدأ التوافق المتبادل. فنص بيان جنيف على تأسيس هيئة حاكمة انتقالية تتمتع بكامل السلطات التنفيذية، ولم ينص على حكومة انتقالية، وهي قد تكون إحدى المؤسسات المنبثقة عن الهيئة الحاكمة الانتقالية التي تشكل من المعارضة والحكومة، وقد يتم ضم أطراف أخرى إليها إن توافق الطرفان على ذلك. أما بخصوص الدستور المنشود والتوافق على مسودته، فهناك عدة طرق لتنفيذ ذلك، لكن أُس العملية هو اعتماد الشعب تلك المسودة عبر عملية استفتاء يشارك فيها أبناء الشعب السوري في الداخل والخارج وفي بيئة آمنة ومحايدة، وهذه هي المهمة الأساسية للهيئة الحاكمة الانتقالية المتوجب عليها تأمينها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».