استعدادات معركة الرقة تنطلق لطرد {داعش} بتنسيق عسكري روسي ـ أميركي

مسلم لـ «الشرق الأوسط» : غطاء سياسي دولي لـ«سوريا الديمقراطية».. والحساسيات «غير واقعية»

رجل يجلس أمام مبنى مدمر في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب شمال سوريا (رويترز)
رجل يجلس أمام مبنى مدمر في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب شمال سوريا (رويترز)
TT

استعدادات معركة الرقة تنطلق لطرد {داعش} بتنسيق عسكري روسي ـ أميركي

رجل يجلس أمام مبنى مدمر في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب شمال سوريا (رويترز)
رجل يجلس أمام مبنى مدمر في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب شمال سوريا (رويترز)

انطلقت الاستعدادات العملية لبدء معركة طرد تنظيم داعش من مناطق سيطرته في ريف حلب الشرقي ومعقله في الرقة في شمال سوريا، أمس، إثر «توفّر الغطاء السياسي لقوات سوريا الديمقراطية لبدء الهجوم، والشروع في دراسة الاستعدادات العسكرية»، كما قال رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السوري صالح مسلم لـ«الشرق الأوسط».
وتزامنت تلك الاستعدادات مع تنسيق أميركي - روسي، كشفت عنه وكالة «إنترفاكس» الروسية التي نقلت عن أوليج سيرومولوتوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله أمس الأربعاء إن روسيا والولايات المتحدة تبحثان التنسيق العسكري «الملموس» في سبيل تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة «داعش».
وتشمل الاستعدادات العسكرية لمهاجمة التنظيم، جميع الفصائل المنضوية تحت لواء «سوريا الديمقراطية». وأكد أحمد أبو عمر، القيادي في «جيش الثوار» المنضم إلى قوات «سوريا الديمقراطية»، أن «الاستعدادات استكملت، وننتظر التغطية الجوية من التحالف لبدء الهجوم»، مشيرًا إلى أن التنسيق الروسي - الأميركي سيحدد موعد انطلاق الهجوم.
ولا يبدو أن العملية العسكرية، التي استرعت تنسيقًا روسيًا - أميركيًا، ستتكفل بها جهة عسكرية واحدة، وسط معلومات عن أن قوات النظام السوري ستتولى جزءًا من العملية، كما ستتكفل «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم فصائل عسكرية كردية وعربية، الجزء الآخر في الوقت نفسه، كما قال مصدر سوري معارض مطلع على العملية لـ«الشرق الأوسط».
وأكد المصدر أن قوات النظام «عاجزة عن القيام بالمهمة وحدها، مما يستوجب مشاركة قوات سوريا الديمقراطية أيضًا عبر تقسيم منطقة العمليات إلى قطاعات يتولى كل طرف قطاعًا خاصًا»، مشيرًا إلى أن المخطط لمهاجمة التنظيم «سيطال مناطق سيطرته دفعة واحدة في ريف حلب الشرقي، كما الأمر في تدمر، قبل محاصرته في الرقة التي ستشهد العملية الثانية».
وكشف المصدر أن التنسيق بين قوات النظام و«سوريا الديمقراطية»، أو تقسيم الأدوار بينهما، «سيكون عبر روسيا والولايات المتحدة، بهدف الانقضاض على التنظيم المتشدد»، مرجحًا أن يكون الاجتماع الذي جمع المسؤولين الروس والأميركيين أمس «ناقش هذه العملية ويطال تنسيق الضربات الجوية والإمدادات العسكرية ومؤازرة القوات المهاجمة».
غير أن العملية العسكرية، لا يمكن أن تتم من غير قطع خطوط إمداد التنظيم ومحاصرته، وسط معلومات تبثها مصادر كردية عن أن خط الإمداد الرئيس إلى الرقة، يجري عبر ريف الرقة الشمالي الغربي، وريف حلب الشرقي، حيث «يمتد خط الإمداد من منطقة سيطرة التنظيم في جرابلس (الحدودية مع تركيا) إلى منبج في ريف حلب الشرقي، ويمتد شرقًا عبر ضفاف نهر الفرات إلى الرقة».
ويعزز ذلك الاعتقاد بأن العملية ستبدأ من ريف حلب الشرقي، قبل الوصول إلى الرقة من جهة الغرب.
وتلتقي تلك المعلومات مع ما أكده مسلم لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن «القرار بتحرير الرقة وشمال سوريا من (داعش)، اتخذ، لكن الأولوية الآن للسيطرة على خط إمداد «داعش» من الحدود التركية إلى الرقة، وقطع هذا الشريان الحيوي بالنسبة للتنظيم»، مشددًا على أن انطلاق العملية «حاز على الغطاء السياسي، وينتظر القرار العسكري ذلك أن العملية تعتمد على الإمدادات العسكرية، وتأمين الغطاء الجوي لمؤازرة القوات المهاجمة»، مشيرًا إلى أن القرار بموعد انطلاق العملية «بات مرتبطًا بالتحالف الدولي».
وقال مسلم إن «قوات سوريا الديمقراطية»، «تنسق مع قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب حصرًا»، نافيًا أن يكون هناك أي تنسيق عسكري مباشر مع موسكو، موضحًا أن التنسيق مع سلاح الجو الروسي «سيتم عبر التحالف الدولي حصرًا».
وعن المخاوف من أن تثير العملية حساسيات عربية - كردية كون المنطقة التي سيجري مهاجمتها تسكنها أغلبية عربية، قال مسلم إن الحديث عن الحساسيات «غير واقعي، لأن القوات المهاجمة هي قوات سوريا الديمقراطية التي تتألف من مقاتلين عرب وأكراد، وليس قوات وحدات حماية الشعب الكردي وحدها، وبالتالي هي تحرر أرضا سورية من الإرهاب، مما ينفي أي موجب لإثارة الحساسيات».
ويسيطر «داعش» على مناطق واسعة في ريف حلب الشرقي، تمتد من حدود مارع على الحدود التركية - السورية، باتجاه جرابلس شمالاً، وتمتد جنوبًا باتجاه منبج والباب، وتمتد شرقًا باتجاه الضفة الغربية لنهر الفرات، وصولاً إلى الشدادي بريف الحسكة الجنوبي شرقًا، ومرورًا بالرقة. وتبعد قوات النظام عن الباب مسافة 8 كيلومترات، بينما تبعد قوات «سوريا الديمقراطي» عن منبج مسافة 30 كيلومترًا، وذلك بعدما عبرت الضفة الشرقية لنهر الفرات قبل أربعة أشهر انطلاقًا من ريف كوباني، وتقدمت باتجاه منبج.
ومن جهة الجنوب، تلامس قوات النظام حدود الرقة الإدارية بعد تقدم حققته تحت غطاء جوي روسي، وتقدمت بريف حلب الشرقي على طريق الرقة، بدعم روسي.
أما من جهة شمال الرقة، فتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على قسم كبير من الشريط الحدودي مع تركيا، وتقدمت باتجاه عين عيسى التي تبعد 70 كيلومترًا شرقي الرقة، فيما تواصل تقدمها من جهة الشرق باتجاه الرقة، بعد سيطرتها على منطقة الهال ومنطقة الشدادي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».