بمساندة طيران التحالف.. قوات عدن تدخل المنصورة وتسيطر عليها بالكامل

نائب وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط» : توجهات جديدة لبناء أجهزة أمن حديثة تواكب التطورات

أفراد من شرطة عدن يستقلون إحدى السيارات بعد طرد المجموعات المسلحة والسيطرة على مديرية المنصورة بوسط المدينة  (أ.ف.ب)
أفراد من شرطة عدن يستقلون إحدى السيارات بعد طرد المجموعات المسلحة والسيطرة على مديرية المنصورة بوسط المدينة (أ.ف.ب)
TT

بمساندة طيران التحالف.. قوات عدن تدخل المنصورة وتسيطر عليها بالكامل

أفراد من شرطة عدن يستقلون إحدى السيارات بعد طرد المجموعات المسلحة والسيطرة على مديرية المنصورة بوسط المدينة  (أ.ف.ب)
أفراد من شرطة عدن يستقلون إحدى السيارات بعد طرد المجموعات المسلحة والسيطرة على مديرية المنصورة بوسط المدينة (أ.ف.ب)

تمكنت قوات الأمن والجيش والمقاومة الجنوبية أمس الأربعاء من السيطرة كاملا على مدينة المنصورة، وسط عدن، بعد إطلاقها حملة أمنية وعسكرية مسنودة من قوات التحالف، الأمر الذي مكنها من دخول بنجاح عدد من المرافق الحكومية والأسواق العامة بينها سجن المنصورة وسوق القات والخضراوات. وانتشر العشرات من الجنود على طول «كالتكس» و«خط التسعين»، وقامت القوات الأمنية فور سيطرتها بنصب نقاط تفتيش في هذه الأماكن والشوارع.
وتعد العملية هي الأولى من نوعها التي مكنت قوات الأمن من الوصول إلى السجن المركزي والسيطرة على أحياء المدينة كاملة، بعد أن نفذت عمليات محدودة خلال الفترة المنصرمة.
وقالت مصادر في المقاومة الجنوبية في المنصورة لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة نفذتها قوات من المقاومة مسنودة بمدرعات وأطقم عسكرية وبالتنسيق مع قوة تابعة لقوات التحالف. وأكدت الأجهزة الأمنية ضبطها 21 مشتبها بهم، بعد عمليات مداهمة لأوكار الجماعات المسلحة وضبطها لمسلحين ودراجات نارية. وقالت إن المشتبه بتنفيذهم أعمال اغتيالات تم إيداعهم السجن المركزي، الذي كان تحت سيطرة العناصر المسلحة قبل اقتحامه من قوات تابعة للمقاومة وأمن عدن فجر أمس الأربعاء. وكشفت المصادر عن أن القوة الأمنية بدأت انتشارها عند الساعة الواحدة من فجر أمس الأربعاء ونصبت نقاط تفتيش وأوقفت مشتبهًا بهم ونفذت عمليات مداهمة لعدد من الأوكار داخل مديرية المنصورة وسط عدن، بعد اشتباكات محدودة مع تلك العناصر التي تسيطر على السجن، مشيرة بهذا السياق من تمكن بعضهم من الإفلات والفرار.
وحذرت الشباب من مغبة قيادتهم للدراجات وحملهم للسلاح وإخفاء وجوههم بأغطية رأس سوداء، مشيرة بهذا السياق إلى أن أي شخص يقود دراجة ويحمل سلاحًا أو يغطي وجهه سيتم إيقافه واعتقاله. وأضافت أن قوات أمنية وبمساعدة من قوات التحالف بدأت عملية واسعة النطاق، مشيدة بتجاوب المواطنين معها.وأطلقت قوات الأمن أمس الأربعاء تنبيها هاما لسكان مديرية المنصورة بعدن عقب ساعات من الحملة الأمنية، وأوضحت أنه وفي حالة الاشتباه في قيام أشخاص بأعمال مسلحة، فإنها لن تتردد بإطلاق النار دفاعا عن النفس، ولفتت إلى أن مسلحين هاجموا قوات ونقاطا أمنية خلال الفترة الماضية وكانوا خلالها يرتدون أوشحة سوداء ويحملون أسلحة على دراجات نارية أو سيارات.
وظلت المدينة طوال الأشهر التالية لتحرير مدينة عدن من الميليشيات التابعة للحوثي وصالح في منتصف يوليو (تموز) مسرحا لعمليات قتل وتقطعات واسعة طالت مواطنين وعاملين في أجهزة الأمن والمقاومة.
وأقيم صباح أمس الأربعاء في معسكر الصولبان شرقي مطار عدن الدولي بمدينة عدن، حفل تخرج للدفعة الأولى من القوات الخاصة «الأمن المركزي سابقا» بعد ثلاثة أشهر من الانضمام إلى معسكر التدريب. وألقى نائب وزير الداخلية، اللواء علي ناصر لخشع، كلمة في الخريجين أكد فيها أن خطط الحكومة في تعزيز قوات الأمن سيتواصل، مشيرا إلى أن خطط فتح كلية للشرطة بعدن ستتواصل، حيث سيتم فتح باب التسجيل خلال الشهر القادم.
وقال نائب وزير الداخلية إن تخرج الدفعة الأولى من القوات الخاصة جنوبي البلاد يأتي استكمالا لدفعة سابقة تم تخريجها وإلحاقها بفرع القوات الخاصة في عدن. وأضاف نائب الوزير لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الدفعات الجديدة تأتي تجسيدا للتوجه الجديد الذي تقوم به وزارة الداخلية برعاية مباشرة من الرئيس هادي وبإشراف نائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، لافتا إلى أن هذا التوجه يتمثل في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتنقيتها من الشوائب والسلبيات التي رافقتها خلال الفترات السابقة، وبما يجعلها مواكبة للتطورات الحاصلة في ناحية الجريمة ووسائلها المتبعة.
وأوضح أن تطور الجريمة ووسائلها، خاصة جرائم الإرهاب يحتم على أجهزة الأمن الارتقاء بمنتسبيها وأن تكون عند مستوى التحدي، مشددا أيضا على أن تكون أجهزة الأمن قوة لحماية الشعب ومكتسباته وحقوقه بدلا من أن تظل قوة بيد السلطة وتستخدمها في قمع وقتل من يفترض أنها تحميهم من جشع وجبروت النافذين. وأشاد لخشع بجهود القادة الذين قاموا بتدريب الشباب المنضم في مؤسسة الأمن، داعيا الشباب المنخرط في صفوف الشرطة إلى تأهيل أنفسهم كي يستطيعوا حمل المسؤولية تجاه وطنهم، مؤكدا للشباب أنهم الأداة المثلى لبناء المستقبل الذي ما زال أمامهم، منوها بأن دور القيادات العسكرية والأمنية هو تقديم الخبرة والاستشارة. وألقى العميد فضل باعش قائد القوات الخاصة في محافظات عدن ولحج وأبين كلمة بالمناسبة أكد فيها أن القوة المتخرجة ستكون جزءا من القوات التي ستتولى تأمين عدن.
وكان نائب رئيس الدولة رئيس الحكومة، خالد بحاح، أكد بأهمية تفعيل دور قوات الأمن الخاصة في محافظات عدن ولحج وباقي محافظات الجمهورية، وإعادة تأهيلها وهيكلتها بالشكل الصحيح، على أن تتبع رأسا قيادة الأمن العام في المحافظة، الأمر الذي سيسهم في تطوير أدائها بشكل كبير.
وقالت مصادر في حكومة بحاح لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحملة الأمنية الواسعة تعد بداية لتوجيهات رئيس الحكومة القاضية بإعادة تفعيل أجهزة الأمن»، لافتة إلى أن لقاء بحاح أول من أمس الثلاثاء بنائب وزير الداخلية اللواء ناصر لخشع ومحافظ لحج الدكتور ناصر الخبجي ومدير أمن عدن اللواء شلال شايع ومدير أمن لحج العميد عادل الحالمي، ناقش جملة من القضايا والتطورات الحاصلة في المحافظات المحررة.
وكشفت عن توجهات جديدة تصب في مضمار تعزيز القوات الأمنية في عدن ولحج وبما يمكنها من مواجهة كل التحديات الأمنية، موضحة أن اللقاء أشاد بالعمليات الناجحة لقوات التحالف والتي تمكنت من استهداف الكثير من البؤر التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية في عدن ولحج ومنها مدينة المنصورة التي مثلت منطلقا لهذه الجماعات للقيام بأعمال مخلة للأمن والسكينة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.