انخفاض حاد في مبيعات المنازل الأميركية خلال فبراير

زيادة الإقبال الخليجي على عقارات الولايات المتحدة لتراجع المخاطر

مبيعات المنازل الأميركية القائمة هبطت بشكل حاد في فبراير الماضي (رويترز)
مبيعات المنازل الأميركية القائمة هبطت بشكل حاد في فبراير الماضي (رويترز)
TT

انخفاض حاد في مبيعات المنازل الأميركية خلال فبراير

مبيعات المنازل الأميركية القائمة هبطت بشكل حاد في فبراير الماضي (رويترز)
مبيعات المنازل الأميركية القائمة هبطت بشكل حاد في فبراير الماضي (رويترز)

أظهرت بيانات أميركية، الأسبوع الماضي، هبوط مبيعات المنازل الأميركية القائمة بشكل حاد في فبراير الماضي، في مؤشر على متاعب محتملة لاقتصاد الولايات المتحدة الذي يبدي متانة في مواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي.. لكن في المقابل، أظهرت تقارير أخرى متخصصة زيادة إقبال المستثمرين الخليجيين على التوجه إلى أسواق الولايات المتحدة وأوروبا، نظرا لانخفاض المخاطر.
وقال الاتحاد الوطني الأميركي للعقاريين الأسبوع الماضي إن مبيعات المنازل القائمة انخفضت 7.1 في المائة، إلى معدل سنوي قدره 5.08 مليون وحدة مسجلة، وهو أدنى مستوياتها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي 2015.
وشهدت المبيعات تقلبات، وتأرجحت صعودا وهبوطا في الأشهر الماضية، إثر استحداث قواعد جديدة للرهن العقاري في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015. وتهدف تلك القواعد لمساعدة مشتري المنازل على معرفة خيارات القروض المتاحة لهم واختيار الأنسب لأوضاعهم المالية.
وتراجعت المبيعات بأنحاء الولايات المتحدة في فبراير الماضي، بما في ذلك انخفاض بلغ 17.1 في المائة في شمال شرقي الولايات المتحدة.
وتوقع الاقتصاديون هبوط مبيعات المنازل القائمة بنسبة 2.8 في المائة، إلى معدل يبلغ 5.32 مليون وحدة الشهر الماضي. وزادت المبيعات 2.2 في المائة عليها قبل سنة. بينما زاد متوسط سعر المنزل 4.4 في المائة، إلى 210 آلاف و800 دولار، عنه قبل عام.
وعلى صعيد متصل، كانت وزارة التجارة الأميركية قد قالت في تقرير سابق لها إن مبيعات المنازل ارتفعت بنسبة 20 في المائة، وبنسبة معدلة موسميا بلغت 512 ألف وحدة خلال شهر فبراير الماضي. وتم تنقيح مبيعات المنازل الجديدة في يناير (كانون الثاني) الماضي، لتظهر انخفاضا بنسبة 7.0 في المائة، إلى 502 ألف وحدة فقط، من القراءة السابقة التي بلغت انخفاضا بنسبة 9.2 في المائة. وكان المحللون يتوقعون ارتفاعا بنسبة 3.2 في المائة من العدد الأولي في يناير الماضي، والبالغ 510 آلاف وحدة.
في غضون ذلك، نقلت تقارير صحافية ومتخصصة في مجال العقارات ارتفاع معدل ثقة المستثمرين من دول الخليج بشكل ملحوظ لشراء عقارات سكنية وتجارية وفندقية في السوق العقارية بالولايات المتحدة وأوروبا، بحيث يرى الخبراء أنها الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وكان مصرف «إنفستكورب» للاستثمارات البديلة البحريني، أعلن في بيان له الأسبوع الماضي، عن استحواذه على محفظة من خمسة عقارات سكنية في الولايات المتحدة في اثنتين من أسرع المناطق نموًا بولايتي فلوريدا ومينيسوتا، بقيمة إجمالية بلغت نحو 220 مليون دولار.
وقال محمد الشروقي، الرئيس التنفيذي المشارك لـ«إنفستكورب» في البيان: «تتماشى صفقتا الاستحواذ الجديدتان مع استراتيجيتنا التي تركز على الاستثمار في عقارات مرغوبة وعالية الجودة، في أسواق تتسم بقوة الطلب وتتمتع بمقومات تتيح تحقيق عوائد نقدية جذابة»، مضيفا أنه «مع تراجع نسبة امتلاك المنازل في الولايات المتحدة، يزداد الطلب على العقارات المخصصة للإيجار، مع توافر نمو ثابت في أسعار الإيجارات، ومعدلات إشغال عالية».
وبحسب بيانات صادرة عن مؤسسة «ريل كابيتال أناليتكيس» للدراسات والأبحاث، تعتبر «إنفستكورب» من ضمن المؤسسات الأجنبية العشر الأكثر استثمارًا في سوق العقارات الأميركية، على مدى السنوات العشر الماضية.
وتتجاوز قيمة العقارات التي استحوذ عليها المصرف المدرج في بورصة البحرين، في الولايات المتحدة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، نحو 1.5 مليار دولار، وبلغ عدد صفقات الاستثمار العقاري التي نفذها خلال السنوات العشرين الماضية، أكثر من 400 صفقة بقيمة إجمالية تتجاوز 13 مليار دولار.
وكانت مجموعة «جي إف إتش» المالية البحرينية، قد انضمت إلى ركب الاستثمار العقاري في أميركا خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد استحواذها على محفظة للعقارات الصناعية في ست مناطق مختلفة بالولايات المتحدة، بلغت قيمتها 125 مليون دولار. وبحسب إحصاءات حديثة، يقدّر حجم الاستثمارات الخليجية في السوق العقارية الأميركية بنحو خمس مليارات دولار سنويًا، وتبيع الشركات العقارية الخليجية العاملة في الولايات المتحدة خمسين ألف وحدة سنويًا.
وأظهرت بيانات «ريال كابيتال أنالاتيكس»، التي تم تحليلها من قبل وكالة العقارات البريطانية «سافيلس»، أن مستثمرين خليجيين اشتروا ملكيات عقارية في بريطانيا بمبلغ يفوق 5.9 مليارات دولار بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، مقابل 4.8 مليارات دولار نهاية الفترة المماثلة في عام 2014.
وضخ المستثمرون الخليجيون نحو 45 مليار دولار في العقارات السكنية والتجارية بالسوق البريطانية بين 2007 و2013، وهو ما يفوق حجم الاستثمارات العقارية المحلية في الشرق الأوسط بسبعة أضعاف، بحسب بيانات شركة «سي بي آر آي» المتخصصة بالقطاع العقاري في بريطانيا.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».