عززت حركة حماس في قطاع غزة وجود قواتها الأمنية على طول الحدود بين القطاع والجانب المصري في الأيام الأخيرة. وذلك في أعقاب اللقاءات التي أجراها وفد قيادي بارز من الحركة مع مسؤولين في المخابرات المصرية، بعد قطيعة بين مصر وحماس، استمرت ما يزيد على عامين لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بالاتهامات التي وجهتها جهات مصرية رسمية إلى الحركة بالتدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
وتُعد خطوة تعزيز القوات الأمنية، ونشرها على طول الحدود المجاورة لشبه جزيرة سيناء، التي تشهد يوميا عمليات عسكرية مصرية كبيرة ضد مقاتلين من تنظيم ولاية سيناء التابع لـ«داعش»، جزءا من سلسلة إجراءات، لوحظ اتخاذها من قبل حركة حماس التي تبسط سيطرتها على قطاع غزة، في محاولة لتعزيز علاقاتها مع السلطات المصرية، ولبناء الثقة معها.
وكشفت مصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن المسؤولين السياسيين لحماس أصدروا تعليمات أمنية مشددة، بضرورة ضبط الحدود بين غزة ومصر، ومنع أي شخص من الاقتراب منها، ومنع عمليات التصوير، خشية استغلالها بشكل خاطئ من الجانب المصري، الذي سبق أن عرض على مسؤولين في حماس صورا تظهر أشخاصا يلتقطون صورا لقوات الجيش المصري، على الحدود، مما اعتبرته القاهرة محاولة لرصد تحركات الجيش، بغية استهدافه من قبل مقاتلي حماس.
لكن وفد حماس نفى تماما أن تكون هناك نية لاستهداف الجنود المصريين، وأن عمليات التصوير قامت بها مؤسسات إعلامية فقط.
وبحسب المصادر نفسها، فقد جرى منع بعض أصحاب الأنفاق التجارية المنتشرة على طول الحدود، ممن كانوا يحاولون ترميم أنفاقهم في الأشهر الأخيرة، بهدف إدخال السلع التي يحتاجها القطاع، من دخول المنطقة الحدودية، وأن التعليمات الأمنية في هذا الصدد كانت صارمة بالفعل.
وكان 6 من القيادات الميدانية والنشطاء البارزين في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد انتقلوا عبر الأنفاق من رفح إلى سيناء، وانضموا إلى تنظيم داعش للقتال معه هناك. وقد فاجأ ذلك حماس نفسها، خصوصا أنه وقع بعد يوم واحد فقط من لقاء وفد الحركة مع المسؤولين في المخابرات المصرية.
وتعد الأنفاق الحدودية بين غزة ومصر عاملا مهما لحركة حماس، ليس على الصعيد التجاري وحده، حيث تفرض ضرائب على السلع المهربة وغيرها، بل لأنها تمثل أهمية كبرى أيضا للحركة التي تعتمد عليها في تهريب الأسلحة المختلفة لغزة، مما يجعل من الاتفاق مع الجانب المصري تحديا لحماس في كيفية تجاوز هذه النقطة المهمة، خصوصا أنها نشرت قوات أمنية كبيرة باعتبارها خطوة لبناء الثقة مع السلطات المصرية.
وتأتي خطوة تعزيز الأمن على الحدود استكمالا لخطوات أقدمت عليها حماس في غزة، قبل أسابيع، حين أزالت شعار جماعة الإخوان المسلمين عن «لافتات» تم وضعها مسبقا في شوارع ومفترقات رئيسة في القطاع، بالإضافة إلى إزالة صور الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، من بعض الشوارع والمساجد، وصور لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
وعلى الرغم من نفي بعض قيادات حماس وجود مثل هذه الشعارات والصور سابقا، فإن صورا التقطها مصورون من غزة، قبل اللقاءات مع الجانب المصري وبعدها، أظهرت صحة ما نشرته «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، حول هذه التغيرات.
ويبدو أن الاتفاق بين حماس والجانب المصري، الذي يشمل تشديد المراقبة على الجهاديين في غزة، كان مثمرا، إذ أقدم أمن حركة حماس على اعتقال عدد كبير من العناصر الجهادية النشطة، خصوصا في تنظيم لواء التوحيد، الذي يُعد من أكثر الجماعات الجهادية نشاطا وقوةً في غزة، بعد أن نجح في القضاء على مجلس شورى المجاهدين.
وتشير مصادر جهادية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أمن حركة حماس اعتقل عددا كبيرا من عناصر التنظيمات السلفية الجهادية، قبل أن يطلق سراح عدد منهم ويبقي على آخرين، مشيرةً إلى أنه تم استدعاء العشرات من قيادات لواء التوحيد وعناصره والتحقيق معهم، حول نشاطات التنظيم، وإن كان له أي علاقات مع تنظيم داعش في سيناء.
وتتخوف الجماعات السلفية الجهادية من أن تقوم حركة حماس بتسليم عناصر ناشطة تابعة لها إلى المخابرات المصرية، في حال طلبت منهم ذلك.
وهذا ما أشار إليه قيادي جهادي، يُدعى أبو بكر المقدسي، لفت إلى أن حماس سمحت لمحققين أمنيين من المخابرات المصرية، خلال عهد الرئيس السابق محمد مرسي، بالتحقيق مع عناصر سلفية جهادية من تنظيم مجلس شورى المجاهدين، الذي كان ينشط في غزة وسيناء في حينها، ويطلق الصواريخ تجاه إيلات.
وبينما يرى مراقبون بأن اتفاق حماس مع المخابرات المصرية لن يصمد طويلا، في ظل اعتماد الحركة على الحدود في تهريب الأسلحة والأموال لصالحها، وهو ما ستعده مصر من جديد تدخلا في شؤونها الداخلية، ومحاولة لزعزعة استقرار الأمن والحدود، يعتقد آخرون أن الحركة قادرة على تجاوز هذه الأزمة. ويقول المحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات تهريب السلاح تجري بسرية، من خلال طرق وآليات خاصة بحماس وفصائل المقاومة الأخرى، مشيرا إلى أن حماس ستتعامل بحكمة ودقة أكثر في هذه القضية، بحيث لا تغضب المصريين. ولفت إلى أن قيادة حركة حماس أطلقت في أكثر من مرة تصريحات هادئة تجاه مصر، وهو ما يشير إلى نية الحركة إجراء تغيير، منذ ذلك وضع لافتة إعلانية وسط مدينة غزة، كتبت عليها: «بوصلة المقاومة موجهة نحو القدس فقط».
وبيّن أن نجاح العلاقات الثنائية بين حماس ومصر سيكون له انعكاس على واقع الحياة في غزة، في ظل إغلاق معبر رفح بشكل شبه دائم، مبينا أن ذلك مرتبط باستجابة حماس لمطالب الجانب المصري، في قضايا الأمن وضبط الحدود وغيرها من القضايا المطلوب من حماس العمل عليها، الذي سيقابله جهد مصري لفكفكة الأزمات المتعلقة بالمصالحة والتهدئة مع إسرائيل وحلها.
حماس تنشر قوات لضبط الحدود مع مصر.. وتزيل مظاهر «الإخوان»
واصلت إجراءات «بناء الثقة» لإقناع القاهرة بجدية خطواتها
حماس تنشر قوات لضبط الحدود مع مصر.. وتزيل مظاهر «الإخوان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة