مون يعتذر للحكومة المغربية بشأن استخدامه مصطلح «احتلال» الصحراء

الأمين العام للأمم المتحدة يجري مباحثات مع الرئيس التونسي حول الأزمة الاقتصادية

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتوسط الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال زيارتهما إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتوسط الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال زيارتهما إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

مون يعتذر للحكومة المغربية بشأن استخدامه مصطلح «احتلال» الصحراء

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتوسط الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال زيارتهما إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتوسط الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال زيارتهما إلى تونس أمس (أ.ف.ب)

أعرب أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، عن اعتذاره بسبب سوء الفهم الذي لاقته كلمة «احتلال» التي استعملها وصفًا للحالة في الصحراء ، وقال الناطق الإعلامي باسمه، ستيفان دوجاريك: «لا، لا شيء مما قاله (الأمين العام) أو فعله في أثناء تلك الرحلة، كان يقصد منه الإساءة أو التعبير عن العداء تجاه المملكة المغربية، فهي عضو مهم في الأمم المتحدة». مضيفا أننا «نعتذر لما لسوء الفهم ونتائجه التي أثارها التعبير الشخصي لكي مون»، مشددا على أن الأمم المتحدة «تسعى لتشجيع الطرفين على التفاوض دون شروط مسبقة وبحسن نية، للتوصل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين. والنقطة الثالثة، حسب التوضيح، أن «موقف الأمم المتحدة لم يتغير. فلم يفعل الأمين العام شيئا أو قال أي شيء، خلال زيارته لشمال أفريقيا، كان من المقصود منه الإشارة إلى أي تحول في النهج الذي تتبعه المنظمة (الأمم المتحدة) بشأن قضية الصحراء». وأضاف دوجاريك موضحا «من المفيد أن نفهم ظروف استخدام الأمين العام لكلمة (الاحتلال)، فقد استخدمها مرة واحدة ردا على سؤال للصحافة،عند الإشارة إلى الحزن لرؤيته الظروف القاسية للذين يعيشون (في المخيمات) منذ عقود. ولم يكن استخدام هذه الكلمة مخططا له أو متعمدا. بل كان (عبارة عن) رد فعل شخصي من تلقاء نفسه». وأعرب الناطق الإعلامي عن أسفه بسبب استخدام كلمة «احتلال» وقال: «نحن نأسف لسوء الفهم ونتائجه التي أثارها التعبير الشخصي عن مواساته، فإن هدف الزيارة والغرض الرئيسي للأمين العام كان التركيز على الحاجة إلى (إيجاد) وسيلة مقبولة للطرفين للمضي قدما، الذي من شأنه وضع حد لمحن اللاجئين».
وكان الناطق الإعلامي قد أشار أيضا إلى بيان مجلس الأمن الصحافي، حيث توصل المجلس إلى «موقف توافقي» بشأن الأزمة التي حصلت بين المغرب والأمم المتحدة بشأن الصحراء. وكان المغرب قد طلب من بعثة (مينورسو)، مغادرة العيون، وهو الأمر الذي أدى إلى مغادرة 73 موظفا، وتقول الأمم المتحدة، إن ذلك أثر بشكل سلبي على عمل المكون العسكري الذي بقي موجودا في الصحراء.
وكان رد فعل الأمين العام بان كي مون على البيان الصحافي للمجلس، «أنه لاحظ أن أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم العميق إزاء التطورات الأخيرة، خصوصا من حيث صلتها وتأثيرها على الأداء الفعال للبعثة».
وأشار كي مون إلى أن مجلس الأمن هو الذي نشر عمليات حفظ السلام وغيرها من البعثات لتنفيذ المهام التي تعد بالغة الأهمية للحفاظ على السلام والأمن. مضيفا (أي كي مون) أنه ينبغي لجميع الدول الأعضاء والجهات الفاعلة الأخرى أن تلتزم بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
وقال كي مون إن «المهم الآن هو التغلب على الصعوبات الحالية وتمكين البعثة (مينورسو) من استئناف قدراتها الكاملة لتنفيذ المهام المكلفة بها من قبل المجلس». مضيفا أنه ومبعوثه الشخصي، كريستوفر روس، على استعداد لبذل مزيد من الجهود لمساعدتها على القيام بذلك بطريقة بناءة وتعاونية، وشاملة، كما طلب من أعضاء المجلس.
وكانت الحكومة المغربية قد طلبت من المكون المدني للبعثة، التي تدعى بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو)، مغادرة مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، وهو الأمر الذي أدى إلى مغادرة 73 موظفا، إما إلى بلدانهم وإما إلى مدينة لاس بالماس الإسبانية. وتقول الأمم المتحدة، إن ذلك أثر بشكل سلبي على عمل المكون العسكري الذي بقي موجودا في الصحراء.
من جهة ثانية وصل الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون في زيارة رسمية إلى تونس أمس، تستمر يومين، هدفها الأساسي تقديم الدعم إلى الاقتصاد التونسي، والمساهمة في تحقيق الانتقال الاقتصادي بعد نجاح الانتقال السياسي في تونس، علاوة على دعم الحكومة في بحثها المتواصل عن التوازن بين الحفاظ على الأمن ومقاومة الإرهاب، ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية، والتحفيز على خلق فرص عمل باعتبارها الطريق الأسلم لضمان الأمن والاستقرار.
وتعد هذه الزيارة الثالثة لبان كي مون إلى تونس منذ اندلاع الثورة في يناير (كانون الثاني) من سنة 2011، غير أنها تختلف هذه المرة عن بقية الزيارات، اعتبارا للأوضاع الإقليمية السائدة، والوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب داخل تونس. ووصفت الزيارة من قبل وسائل الإعلام التونسية بأنها الأهم في طريق استعادة انتعاشة الاقتصاد التونسي، بينما انتقدت أحزاب سياسية يسارية على وجه الخصوص ومنظمات نقابية هذه الزيارة واعتبرتها «حلقة جديدة ضمن تعميق مديونية تونس تجاه هياكل التمويل العالمية». ووفق تصريحات لأطراف سياسية تونسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن هذه الزيارة تكتسي أهمية بالغة في حلحلة الملف الليبي المتعثر، خصوصا بعد أن قدمت منظمة الأمم المتحدة الدعم لحكومة التوافق الليبي برئاسة فائز السراج، وأكدت أن المنظمتين الدوليتين (الأمم المتحدة والبنك الدولي) زارتا تونس لدراسة كلفة التدخل العسكري في ليبيا على دول الجوار، ومن بينها تونس التي تأثرت بصفة مباشرة خلال التدخل الذي أطاح بالنظام الليبي سنة 2011.
وخلال هذه الزيارة سيلتقي بان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والحبيب الصيد رئيس الحكومة ومحمد الناصر رئيس البرلمان، ثم يتوجه الضيفان إلى متحف باردو، غرب العاصمة التونسية، ليضعا إكليلا من الزهور تخليدا لذكرى ضحايا الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم 18 مارس (آذار) من السنة الماضية، وخلف 23 قتيلا. كما سيلتقي بان كي مون وكيم يونغ جيم رباعي الحوار الوطني، الحائز على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015 في رسالة تدعم توجه التوافق السياسي المتبع في تونس، بينما سيحضر بان كي مون مؤتمر الحوار الوطني حول التشغيل، الذي يشرف عليه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ويعرف المؤتمر مشاركة رئيس البنك الدولي ورئيس مكتب العمل الدولي في هذه الجلسات. ويناقش مؤتمر التشغيل القدرة التشغيلية للاقتصاد التونسي وأزمة البطالة، باعتبارهما من أعقد الملفات المطروحة على الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة، ومن المنتظر أن يتوج هذا المؤتمر بالاتفاق حول «الإعلان التونسي من أجل التشغيل» بعد الانتهاء اليوم (الثلاثاء) من أشغال اللجان وتقديم نتائجها



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».