النظام السوري يعرض المشاركة في محاربة الإرهاب.. وواشنطن تشكك في قدرته على القيادة

مدير الاستخبارات الأميركية أكد ضرورة رحيل الأسد من أجل تسهيل انتقال سياسي

النظام السوري يعرض المشاركة في محاربة الإرهاب.. وواشنطن تشكك في قدرته على القيادة
TT

النظام السوري يعرض المشاركة في محاربة الإرهاب.. وواشنطن تشكك في قدرته على القيادة

النظام السوري يعرض المشاركة في محاربة الإرهاب.. وواشنطن تشكك في قدرته على القيادة

استغل النظام السوري نجاحه المزعوم باستعادة مدينة تدمر الأثرية مؤخرا، مدعومة بغارات جوية روسية، ووجه رسالة غزل إلى واشنطن، فحواها أنه مستعد للمشاركة في تحالف دولي ضد الإرهاب، «ولكن فقط إذا نسقت الولايات المتحدة العمل مع دمشق بشكل لم تفعله حتى الآن»، فيما جاء الرد من واشنطن، على لسان جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مرحبا بنجاح القوات الحكومية السورية في استعادة مدينة تدمر الأثرية من سيطرة تنظيم داعش، نافيا أن يكون الترحيب باستعادة تدمر، «اعترافا بقدرة بشار الأسد على قيادة الحرب ضد الإرهاب».
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «استعادة مدينة تدمر من سيطرة داعش هو أمر جيد، ولا يمكن أن ننسى ما قام به (داعش) من تدمير للتاريخ الإنساني في هذه المدينة، ونعتقد أن انسحاب داعش من المدينة هو أمر جيد».
وتابع مضيفا: «لا يمكن جلب السلام إلى سوريا تحت قيادة بشار الأسد، فالأسد هو المسؤول عن الحرب الأهلية التي أدت إلى صعود تنظيم داعش، لكننا نعتقد أن انسحاب داعش من تدمر هو أمر جيد». وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إلى أن عرض موسكو لمساعدة منظمة اليونيسكو على الدخول إلى المدينة الأثرية تدمر هو أمر جيد وتسانده واشنطن أيضا.
وكانت الحكومة السورية قد حاولت استغلال نجاحها في استعادة مدينة تدمر في تعزيز موقفها التفاوضي في محادثات السلام في جنيف والدفع للإيحاء بأن الحكومة السورية هي شريك ضروري في المعركة ضد «داعش». وأعلن المبعوث السوري إلى محادثات جنيف بشار الجعفري في مقابلة تلفزيونية، أمس، أن سوريا مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة في التحالف الدولي ضد الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة السورية، وهو الأمر الذي رفضته الإدارة الأميركية.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية أنه ليس متأكدا أن استعادة القوات الحكومية السورية لمدينة تدمر سيكون له تأثير على محادثات السلام بين النظام والمعارضة.
وحول نتائج محادثات جنيف ومصير الأسد الذي لم يتم حسمه خلال المحادثات والخطوات التالية في التعاون بين موسكو وواشنطن، قال كيربي: «وزير الخارجية الأميركي جون كيري متفائل بما توصلت إليه محادثات جنيف من تفاهمات فيما يتعلق بالعملية الانتقالية وسبل تنفيذها، وسنستمر في استغلال الزخم الذي نتج عن المحادثات غير المباشرة بين النظام والمعارضة واتفاق الطرفين على عدد من المبادئ». وشدد كيربي على أن استمرار المحادثات غير المباشرة في جنيف لمدة أسبوعين، وتوصل النظام والمعارضة إلى اتفاق مبادئ يعد إنجازا لم يتم التوصل إليه منذ خمس سنوات.
وأكد أن المشاورات بين موسكو وواشنطن مستمرة حول حسم مصير الأسد الذي لم تخرج المحادثات في جنيف بموقف حاسم حول الدور الذي يلعبه الأسد في المرحلة الانتقالية ومصيره. وقال كيربي: «المحادثات مستمرة». وقال وزير الخارجية كيري إن الروس ليسوا متمسكين بالأسد، ونعمل على تفاصيل ماهية دوره خلال الفترة الانتقالية ومصيره، وموقفنا ثابت لم يتغير، وهو أنه لا يوجد للأسد دور في مستقبل سوريا وأنه فقد شرعيته، وما أوضحه الوزير كيري خلال اجتماعاته بموسكو، أننا «نتطلع أن تكون المرحلة المقبلة من المحادثات السورية هي محادثات مباشرة».
إلى ذلك، أكد دين بويد، مدير مكتب وكالة الاستخبارات المركزية للشؤون العامة، قيام مدير الوكالة جون برينان بزيارة موسكو في بداية شهر مارس (آذار) الحالي، وقال: «سافر مدير الاستخبارات الأميركية جون برينان إلى روسيا في مطلع شهر مارس، وأجرى محادثات مع المسؤولين الروس حول أهمية أن تقوم روسيا ونظام الأسد بالمضي قدما في الاتفاقات والتعهدات لتنفيذ وقف إطلاق النار ووقف القتال في سوريا».
وأضاف بويد، في بيان صباح أمس الاثنين: «برينان أكد خلال محادثاته مع المسؤولين الروس دعم الحكومة الأميركية المستمر لتحقيق انتقال سياسي حقيقي في سوريا، وضرورة رحيل الأسد من الحكم من أجل تسهيل انتقال سياسي يعبر عن إرادة الشعب السوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».