دليلك إلى 5 وجهات سياحية خلابة في إيطاليا

العرب من بين أكثر السياح الذين يزورونها

ساحل أمالفي الساحر
ساحل أمالفي الساحر
TT

دليلك إلى 5 وجهات سياحية خلابة في إيطاليا

ساحل أمالفي الساحر
ساحل أمالفي الساحر

كانت إيطاليا من بين أبرز الدول المفضلة سياحيا في معرض سوق السياحة العالمي الذي عقد في لندن في نهاية العام الماضي. ومن المتوقع أن تحرز إيطاليا رقما قياسيا جديدا في عدد السياح الغربيين الزائرين لها في موسم 2016. ويمكن للسائح العربي الزائر لإيطاليا هذا العام أن يكتشف فيها خمس وجهات سياحية جديدة تقدم كل منها نكهة خاصة لمنطقة إيطالية كلاسيكية توفر تجربة سياحية من الطراز الأول.
وقد يفاجأ البعض بحجم السياحة في إيطاليا حيث يزورها سنويا نحو 80 مليون سائح، وهي ثاني أكبر دولة سياحية في العام من حيث العوائد وعدد السياح بعد فرنسا التي يزورها 83 مليون سائح سنويا. وتقع الولايات المتحدة في المركز الثالث بنحو 75 مليون سائح.
ويزور السياح إيطاليا من أجل الاستمتاع بفنونها وطعامها وتاريخها وأزيائها وثقافتها. وهي تتمتع بطبيعة ساحرة تتكون من جبال وشواطئ ومروج خضراء وبها كثير من الآثار الرومانية المصنفة تراثيا. وتعد السياحة من أكثر صناعات إيطاليا ربحا ونموا وهي تدر على البلاد نحو 189 مليار يورو سنويا.
وقد آن الأوان لكي يكتشف العرب إيطاليا سياحيا خصوصا وأنهم لا يظهرون من بين 15 جنسية تزور إيطاليا سياحيا يقع في قمتها الألمان وفي قاعها البرازيليون. ويمكن استكشاف ما تقدمه إيطاليا سياحيا عبر استعراض خمس مناطق سياحية تمثل أفضل ما توفره إيطاليا لسياحها:
> توسكاني: وهي منطقة تقع في وسط إيطاليا ويذهب إليها محبو الطبيعة الإيطالية وهؤلاء الذين يستمتعون بالقيادة في إيطاليا وبتذوق الفنون الإيطالية والاستغراق في مباهج المطبخ الإيطالي. ويمكن الإقامة في فيلا خاصة تطل على مروج إيطاليا ومزارعها الخضراء أو اختيار فندق يوفر كافة خدمات الإقامة في كثير من المدن الصغيرة في المنطقة. وتعد مدينة فلورنسا هي عاصمة الإقليم ومهد حضارة عصر النهضة الإيطالي وموقع أهم الكنوز الفنية التراثية في إيطاليا. وتقع في المنطقة أيضا مدينة بيزا التي تشتهر ببرجها المائل. وهي منطقة زاخرة بالتراث الإيطالي الذي تبرزه مدن مثل سيينا واسيسي وبيروجيا والجمال الطبيعي الذي تنعم به مدن مثل ابروزو وهي أكثر مناطق أوروبا خضرة. ويوجد في المنطقة نحو 80 محمية طبيعية يعيش فيها 75 في المائة من فصائل الحيوانات والطيور في أوروبا. ويمكن القيام بكثير من النشاطات في توسكاني من ركوب الدراجات في الطرق الريفية إلى زيارة معالم مدينة فلورنسا ومتاحفها والتعرف على معالم عصر النهضة التي نقل أوروبا من العصور المظلمة إلى الثورة الصناعية. ويمكن مشاهدة كثير من أعمال فناني عصر النهضة مثل ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو وغيرهما. وتضم توسكاني سبعة مواقع تدخل ضمن تصنيف منظمة اليونيسكو كتراث إنساني، معظمها يضم الأحياء القديمة في البلدات المختلفة في الإقليم. ويمكن الطيران المباشر إلى فلورنسا من كثير من الوجهات الدولية أو الوصول إليها عبر طيران داخلي من روما.
> بوليا: وهي منطقة سياحية من الطراز الأول تصلح لزيارة العائلات وبها المزارع الخضراء والشواطئ الرملية الدافئة. وهي تقع في جنوب إيطاليا وتمثل منطقة كعب الحذاء على الخريطة الإيطالية وتطل على البحر الأدرياتيكي بشواطئ تمتد لمسافة 500 كيلومتر. ويمكن العثور بسهولة على مساحات من الشواطئ شبه المهجورة. ويمكن الاستعانة بنصيحة أهالي المنطقة للعثور على أفضل المطاعم والشواطئ. عاصمة الإقليم هي مدينة باري. وتضم بوليا نسبة سبعة في المائة من سكان إيطاليا ولكنها لا توفر إلا نسبة 4.6 في المائة من الدخل القومي. وهي منطقة زراعية ريفية في مجملها وبها بعض المصانع الثقيلة في صناعات الحديد والصلب والبتروكيماويات والصناعات الغذائية والمنسوجات توفر 70 في المائة من الوظائف المحلية. وتوجد أيضا بالقرب من باري كثير من مراكز الأبحاث والصناعات الحديثة والإلكترونيات. وبالمنطقة شبكات مواصلات جيدة وخطوط سكك حديدية وتنتشر الموانئ على شواطئها. وهي منطقة تشتهر بزراعة الزيتون، حيث بها 66 مليون شجرة تنتج 40 في المائة من كل إنتاج إيطاليا وبها أفضل أنواع زيت الزيتون. كما تنتج أفضل أنواع الطماطم في إيطاليا. ويتمتع السياح بكثير من الوجبات الإيطالية الخاصة بالمنطقة والتي تشمل أنواع الباستا والبيتزا وأنواع الجبن. وعلى السواحل يمكن الاستمتاع بكثير من وجبات الأسماك الطازجة.
> ساحل أمالفي: وهو يقع جنوبي مدينة نابولي ويعد من أجمل شواطئ إيطاليا على الإطلاق، خصوصا في المسافة بين مدينتي أمالفي وسورنتو. وهي منطقة تزدحم بالسياح على مدار العام. وبالمنطقة طريق ساحلي يحتاج إلى سائق ماهر في القيادة، نظرًا لصعوبة منحنياته وضيقه وزحام المرور عليه. وتشتهر مدينة سورنتو والمنطقة الساحلية المحيطة بها بأنها أرض الليمون في إيطاليا، حيث تنتشر منتجات الليمون ومشروباته في كل مقاهي ومتاجر الهدايا. من الصابون إلى الشوكولاته ومن الليمونادة إلى مشروب محلي يسمى «ليمون تشيللو» لا يستطيع الزائر أن يهرب من الليمون ورائحته النفاذة. وحتى الهدايا التذكارية التي يفكر الزائر في شرائها قبل عودته تنتشر عليها رسومات الليمون سواء كانت من الأقمشة أو من الفخار. وهي منطقة تمتد الحضارة فيها إلى عصر النهضة الإيطالي الذي تظهر آثاره في القصور التاريخية المحلية كما تساهم السياحة بوجه كبير في الثروة الواضحة على سكان المنطقة. وهناك عشرات من الفنادق الساحلية أو الجبلية التي يمكن الاختيار من بينها، منها ما يوفر مشاهد خلابة على البحر مثل فندق «لامنيرفيتا» الذي يقبع على حافة صخرية تطل على الميناء من ارتفاع شاهق ومع ذلك فهو قريب من منتصف المدينة. أو فندق «إياكارينا» الذي يقع في منطقة سان أغاثا وهي تبعد نحو 20 دقيقة بالباص من منتصف المدينة ولكن الفندق يطل مباشرة على البحر بفضل ارتفاع موقعه. ويوفر الفندق عدة رحلات مجانية صباحية بميني باص إلى المدينة لضيوفه مع باص إضافي مسائي بسعر ستة يوروهات للراكب ذهابا وعودة. أما سيارات الأجرة فهي باهظة التكلفة حيث تصل إلى 40 يورو بين منتصف المدينة ومنطقة سان أغاثا القريبة.
> البحيرات الإيطالية: وهي منطقة رومانسية اختارها النجم السينمائي جورج كلوني لقضاء شهر العسل في فيلا يملكها على بحيرة كومو، وهي فيلا يقال إنها معروضة للبيع في الوقت الحاضر. وتقع البحيرات في شمال إيطاليا بالقرب من جبال الألب. وعلى رغم انتشار كثير من البحيرات، فإن أشهرها أربع بحيرات هي لوغانو وكومو وماغايوري وغاردا. ولكن التوجه إلى بعض البحيرات الأصغر مساحة يمكن أن يوفر مناخا أقل ازدحاما بالسياح وأكثر هدوءا وسكينة. ويتنزه السياح على شواطئ البحيرات ويستقلون الزوارق للإبحار عبرها إلى مطاعم وملاه على الشواطئ المجاورة. وتتنافس القرى المحيطة بالبحيرات على لقب أجمل قرى إيطاليا ولكن قرية بيلاجيو على بحيرة كومو لديها من المعالم ما يضمن لها أكبر نصيب في اللقب. وتنتشر مطاعم الأسماك على شواطئ البحيرات وتقدم الأسماك الطازجة التي يتم صيدها من البحيرات في اليوم نفسه. من الأنشطة الأخرى التي يقوم بها السياح في هذه المنطقة ركوب الدراجات الجبلية والتنزه بها على قمم التلال المحيطة بالبحيرات. ولمن يفضل المزيد من المغامرات هناك مراكز للطيران الشراعي بتكلفة 150 دولارا للفرد للتدريب لمدة ست ساعات على فترتين. ويمكن الاختيار بين كثير من الفنادق التاريخية العتيقة أو تلك الحديثة أو الإقامة في يخت خاص على إحدى البحيرات وهو أغلى الخيارات على الإطلاق. ويمكن الوصول إلى المنطقة بالسفر إلى مطار ميلانو.
> إيمليا رومانا: وهي منطقة في شمال إيطاليا تمتد من ميناء ريميني شرقا إلى مدينة بياسينزا غربا. وهي من أغنى المناطق الزراعية إنتاجا في إيطاليا ويذهب إليها عشاق المطبخ الإيطالي، بالإضافة إلى زوار مدن بارما وبولونيا وعشاق سيارات «فيراري»، حيث مصنعها ومتحفها المفتوح للزيارة في مدينة مودينا. وتنتشر في بولونيا مدارس تعليم الطبخ الإيطالي للسياح في دورات تستمر من يوم واحد إلى عدة أسابيع. وهي منطقة بها كثير من الطرق التاريخية في إيطاليا التي يعود تاريخها إلى الإمبراطورية الرومانية. وفي هذه المنطقة التي تتميز بشبكة طرق عالية الكفاءة ومتصلة بالعاصمة نشأ القول بأن «كل الطرق تؤدي إلى روما». وهناك كثير من البوتيكات في شوارع المدن والقرى الصغيرة والمقاهي التي تنتشر في الميادين العامة التاريخية. وهناك كثير من الفنادق الصغيرة التي توفر إلى جانب الإقامة الكثير من الأفكار السياحية للزائرين الجدد. ويمكن السفر إلى المنطقة عبر مطار بولونيا الذي يمكن الوصول إليه عبر مطار روما برحلة داخلية على الخطوط الإيطالية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».