ليبيا: العاصمة طرابلس تعيش أجواء ترقب انتظارًا لوصول حكومة السراج

فتح المجال الجوي بعد تعليقه لساعات ومجلس النواب يدعو أعضاءه لطبرق

ليبيا: العاصمة طرابلس تعيش أجواء ترقب انتظارًا لوصول حكومة السراج
TT

ليبيا: العاصمة طرابلس تعيش أجواء ترقب انتظارًا لوصول حكومة السراج

ليبيا: العاصمة طرابلس تعيش أجواء ترقب انتظارًا لوصول حكومة السراج

استمر أمس الغموض بشأن موعد دخول حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة رجل الأعمال الطرابلسي فايز السراج إلى العاصمة الليبية طرابلس للبدء في ممارسة مهام عملها على الأرض، بينما صعدت ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني الموالية للميليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة منذ نحو عامين، من وتيرة عدائها لحكومة السراج بعدما أغلقت مجالها الجوي وأوقفت حركة الطيران بمطار معيتيقة شرق طرابلس. وجاءت هذه التطورات، فيما حث رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، أعضاء المجلس على المشاركة في جلسة سيعقدها المجلس اليوم بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، للنظر في استحقاق مؤجل يتعلق بالتصويت بمنح الثقة أو حجبها عن حكومة السراج.
وأعلن ناطق إعلامي باسم عقيلة أنه دعا أعضاء المجلس لحضور جلساته اليوم وغدا، لكنه لم يكشف عن المزيد من التفاصيل، علما بأن البرلمان الشرعي فشل منذ مطلع العام الجاري في عقد جلسة التصويت بسبب عدم توافر النصاب القانوني المطلوب. وعلى ما يبدو فقد أحبطت أمس حكومة طرابلس التي يترأسها خليفة الغويل محاولة جديدة من حكومة السراج لدخول العاصمة، حيث منعت لأسباب أمنية وبشكل مؤقت لبضع ساعات، حركة الطيران في المطار تحسبا لوصول السراج. وقال مسؤول على صلة بحكومة الغويل في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة غير الشرعية والتي لا تحظى بأي اعتراف دولي، اتخذت هذه الخطوة بعد معلومات وصلتها حول عودة محتملة للسراج برفقة بعض أعضاء المجلس الرئاسي لحكومته وعدد من الوزراء على متن طائرة خاصة قادمة من تونس.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه «إغلاق المطار كان محاولة لمنع هذه الحكومة من الدخول، أعتقد أن هذا الإجراء قد يتكرر لاحقا في الأيام المقبلة».
وبينما تدور لعبة القط والفأر بين الحكومتين، حول موعد دخول حكومة السراج إلى العاصمة التي يقطنها نحو 1.5 مليون نسمة، فإن حكومة السراج المدعومة من بعثة الأمم المتحدة تلتزم الصمت وترفض الحديث عن أي مواعيد محتملة.
وقال مسؤول في حكومة السراج لـ«الشرق الأوسط»: «نعم الحكومة ستدخل مدينة طرابلس، إنها عاصمة البلاد ومن الطبيعي أن نتواجد فيها، لكن الموعد الرسمي لن نكشف عنه الآن».
وتابع: «البعض في حكومة طرابلس لا يريدنا وهذا أمر مفهوم، لكننا مع ذلك سندخل وقريبا جدا».
في المقابل، طالب قادة ميليشيات ومن وصفتهم سلطات طرابلس بالثوار المجلس الرئاسي لحكومة السراج بعدم تفريق صف الثوار وبث الفتنة بينهم في سبيل سعيه الحثيث وراء السلطة.
كما طالبوه في بيان نقلته قناة «النبأ» الموالية لجماعة الإخوان المسلمين بتوضيح ما إذا كان مفهوم محاربة الإرهاب سيشمل مجلسي شورى ثوار بنغازي ودرنة وغيرهما من التشكيلات المسلحة، التي تخوض معارك عنيفة ضد قوات الجيش الليبي الذي يقوده الفريق خليفة حفتر.
وطبقا لما أعلنه رئيس مصلحة الطيران المدني الليبية يوسف قصيعة، فقد استؤنفت عصر أمس حركة الطيران التي توقفت بمطار معيتيقة لبضع ساعات.
ونفى قصيعة الذي أرجع إغلاق المجال في غرب البلاد، «لأسباب متعلقة بالأمن والسلامة»، في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية محلية، صدور تعليمات من حكومة الغويل بإغلاق الأجواء الليبية وحركة الطيران بالمطار. وقالت شركة «الخطوط الجوية الليبية» الحكومية على صحفتها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «نحيطكم علما بأنه تم تعليق كافة الرحلات التابعة لنا اليوم، وذلك لأسباب تتعلق بالمراقبة الجوية». وأعلنت شركة «الخطوط الجوية الأفريقية» على صفحتها في «فيسبوك» أن هناك «تعليمات صادرة عن الطيران المدني الليبي بغلق الأجواء أمام حركة الطيران المدني القادمة والمغادرة». وأكد قائد طائرة إن «مطار معيتيقة مقفل، قالوا لنا بأنه سيبقى مغلقا لست ساعات بدءا من الثامنة صباحا» وأضاف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية «ذهبت إلى معيتيقة هذا الصباح، وشاهدت قربه مجموعات مسلحة وسيارات نصبت على متنها رشاشات مضادة للطيران». وتابع: «لا يريدون أن يهبط (فايز) السراج هنا». وتخضع طرابلس منذ أكثر من عام ونصف لسلطة حكومة لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، يساندها تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا». وترفض هذه الحكومة تسليم السلطة إلى حكومة وفاق وطني يترأسها رجل الأعمال فايز السراج، وهي حكومة منبثقة عن اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة وقعه نهاية العام الماضي برلمانيون بصفتهم الشخصية. ورغم ذلك، فقد أعلنت رئاسة حكومة السراج أنها ستنتقل للعمل من العاصمة «خلال أيام»، من دون أن توضح كيفية تحقيق ذلك في ظل رفض السلطات الحاكمة لها والتي أعلنت «حالة الطوارئ القصوى» في المدينة. ويخشى سكان طرابلس أن يؤدي دخول حكومة الوفاق إلى المدينة من دون موافقة السلطات فيها إلى اشتباكات بين الجماعات المسلحة المؤيدة لهذه السلطات والجماعات التي قد تندفع نحو تأمين الحماية لحكومة السراج.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.