ألقى شريف إسماعيل، رئيس الوزراء المصري، بيان حكومته أمام البرلمان، أمس، للحصول على ثقة نواب المجلس. ورغم إعلان إسماعيل حتمية «اتخاذ كثير من القرارات الصعبة»، يعتقد طيف واسع من النواب والمراقبين أن رئيس الوزراء سيحصل في النهاية على ثقة المجلس. وأحال رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال بيان الحكومة وبرنامجها إلى لجنة خاصة، لإعداد تقرير خلال 10 أيام لرفعه إلى الجلسة العامة والبت فيه خلال 20 يوما.
ويقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء «سيمضي هذه الفترة القانونية مطمئنا.. لكن الوضع السياسي سيبقى هشا»، ويضيف أن «المجلس سيمنح رئيس الحكومة الثقة التي جاء من أجلها فمن غير المرجح أن يدفع النواب باتجاه صدام مبكر مع الرئيس (عبد الفتاح السيسي)، لكن العلاقة ستبقى قلقة بين المجلس والحكومة التي تعتزم اتخاذ تدابير مؤلمة ربما أكبر من قدرة النواب على ابتلاعها».
يتفق الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مع ما قاله نافعة لكنه يستبعد أن تتمكن «هذه الحكومة أو غيرها من استكمال فترتها الدستورية.. فالتشظي داخل البرلمان وغياب أغلبية تدعم الحكومة سيؤديان إلى تنامي معدل الاستياء من قرارات اقتصادية صعبة منها خروج ملايين المصريين من منظومة الدعم».
وعرض إسماعيل بيان الحكومة الذي عنونه بـ«نعم نستطيع» خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، مؤكدا أن برنامج الحكومة لن يتحقق إلا بتضافر كل القوى والجهود، قائلا: «نسير على الطريق الصحيح رغم الصعاب، وأمامنا الكثير من تحقيق الأهداف المنشودة، ومن باب المصارحة هناك تحديات كثيرة تواجهنا وهذا الوضع لا يخفى على البرلمان». وتابع إسماعيل: «هناك تحديات كبيرة ولكنها لن تعوقنا عن مواجهة مسيرتنا»، لافتًا إلى عدد من المبادئ التي تلتزم بها الحكومة لتحقيق الإصلاح في جميع المستويات، في ظل التعاون بين الحكومة والبرلمان».
ويعتقد مراقبون أن إشارات إسماعيل لتعاون البرلمان مع الحكومة تأتي على خلفية رفض المجلس لقانون الخدمة المدنية الذي يمس بمصالح نحو 6 ملايين موظف عام، وهو القانون الذي عولت عليه الحكومة كثيرا لإعادة ضبط الجهاز الإداري وخفض عجز الموازنة عبر تقليص بند الأجور.
ورغم ترجيح حصول رئيس الحكومة على ثقة النواب بدت أجواء التوتر حاضرة في المشهد بعد أن تقرر عدم بث الجلسة مباشرة، رغم مطالبة عدد من النواب ببث البيان على الهواء، وهو ما برره نواب داعمون للحكومة باعتباره التزاما من المجلس بقرار صدر في وقت سابق بمنع بث الجلسات على الهواء. وبث التلفزيون الرسمي بيان الحكومة مسجلا في وقت لاحق.
وقال إسماعيل إن حكومته سوف تتخذ الكثير من القرارات الصعبة للنهوض من الوضع الحالي، لافتا إلى أن تلك القرارات أرجئت طويلا حتى باتت حتمية، وأوضح أن الإجراء الإصلاحي لا بد من توافر موارد لتمويله حتى يخرج للنور، وأن الحكومة ستعمل مع البرلمان على محاربة الفساد للقضاء عليه وتجفيف منابعه، مع تعظيم دور القطاع الخاص ومعالجة البيروقراطية.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن برنامجه يحتاج إلى استثمارات ضخمة، ويرسم خطة حتى يونيو (حزيران) 2018. يراعي فيها الأمن القومي لبلاده وترسيخ الرؤية لمصر الحديثة وتبني برنامج متوافق عليه.
ويرى الدكتور عبد الفتاح أنه أمام النواب ثلاثة سيناريوهات؛ أولها قبول البرنامج في شكله الحالي، أو رفضه، وهما خياران استبعدهما، مرجحا أن يطالب النواب بإدخال تعديلات على البرنامج، للتخفيف من حدة الإجراءات المزمع اتخاذها.
وكان الرئيس السيسي بعث أمس برسالة إلى مجلس النواب تلاها رئيس المجلس الدكتور عبد العال. وقال السيسي في رسالته المقتضبة: «نرجو من الله أن تحظى الحكومة بثقة الشعب الذي يمثله النواب، وأن يكون بداية للتعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية».
ويعطي الدستور المصري الذي أقر عام 2014 الحق لمجلس النواب في رفض بيان الحكومة، والتصدي لتشكيل حكومة تعبر عن الأغلبية البرلمانية.
ونجح تيار داعم للرئيس السيسي داخل مجلس النواب في تشكيل ائتلاف من مستقلين وأحزاب حصل على الأغلبية، لكن الدكتور نافعة أشار إلى أن «ائتلاف دعم مصر» ظهر في أكثر من مناسبة هشا وغير قادر على تمرير أجندته.
وتبدت أمس سحب أزمة جديدة في البرلمان بعد أن طالب نواب بإيضاح أسباب اختيار نواب بعينهم في اللجنة الخاصة المشكلة لبحث بيان الحكومة. ويعمل المجلس حاليا استرشادا باللائحة القديمة في انتظار إقرار اللائحة الجديدة التي ستتشكل بموجبها اللجان النوعية.
رئيس الوزراء المصري يعلن حتمية «قرارات صعبة» في بيانه أمام البرلمان لنيل الثقة
مراقبون: شريف سيمضي مطمئنًا.. لكن الوضع السياسي سيبقى هشًا
رئيس الوزراء المصري يعلن حتمية «قرارات صعبة» في بيانه أمام البرلمان لنيل الثقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة