من هم ناخبو دونالد ترامب.. ولماذا تتجاوز شعبيته كل التوقعات؟

تصوت له مختلف الشرائح الاجتماعية أملاً في تحسين وضعها المادي

مؤيد للمرشح الرئاسي دونالد ترامب يحمل راية عليها صورة الأخير في فونتين بولاية أريزونا (رويترز)
مؤيد للمرشح الرئاسي دونالد ترامب يحمل راية عليها صورة الأخير في فونتين بولاية أريزونا (رويترز)
TT

من هم ناخبو دونالد ترامب.. ولماذا تتجاوز شعبيته كل التوقعات؟

مؤيد للمرشح الرئاسي دونالد ترامب يحمل راية عليها صورة الأخير في فونتين بولاية أريزونا (رويترز)
مؤيد للمرشح الرئاسي دونالد ترامب يحمل راية عليها صورة الأخير في فونتين بولاية أريزونا (رويترز)

تجاوزت شعبية المرشح دونالد ترامب لدى الناخبين الجمهوريين الأميركيين كل التوقعات، حيث صوتت له مختلف الشرائح الاجتماعية. لكن يبقى أكثر المتحمسين له هم عموما من البيض، الذين لا يحملون إجازات جامعية، والذين يتملكهم شعور بأنهم مهمشون في أميركا تشهد تغيرات.
وحسب النتائج التي حصل عليها حتى الآن فإن القاعدة الشعبية الناخبة لدونالد ترامب تتوزع في كل أنحاء البلاد، بما فيها المناطق الريفية، وقد نال ترامب حتى الآن تأييد 37 في المائة من ناخبي الحزب الجمهوري في قرابة 30 عملية اقتراع، ضمن الانتخابات التمهيدية للسباق الرئاسي، وصوّت له الفقراء والأغنياء، البيض والسود، والشباب والمسنون.
وقد مكنت استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، وكذلك تحاليل الخبراء السياسيين، من رسم نموذج لناخبيه، حيث تبين أنهم في الغالب أميركيون قلقون، يرغبون في إيصال مرشح إلى الرئاسة، لكي يقوم بترجيح الكفة الاقتصادية لصالحهم.
وفي هذا السياق، تبين أن المجموعة السكانية التي ينال فيها دونالد ترامب أعلى نسبة تأييد هي بشكل منهجي شريحة الجمهوريين الذين لم يحصلوا على إجازات جامعية، وهي تتركز في شمال شرقي البلاد (47 في المائة في نيوهامشير)، أو في عمق ولايات الجنوب (56 في المائة في مسيسيبي). لكن هذا لا يعني أن خريجي الجامعات يقاطعونه، حيث حل ترامب في معظم الأحيان في المرتبة الأولى ضمن هذه المجموعة أيضا. لكن حاملي إجازات الدراسات العليا يوزعون أصواتهم بين المرشحين. وعلى سبيل المثال ففي فرجينيا هزمه ماركو روبيو لدى الشريحة التي تابعت دراسات لأكثر من أربعة أعوام.
وبما أن الحزب الجمهوري يعد غالبيته من البيض، فإن القاعدة الأقوى للملياردير هي بالتالي لدى البيض، الذين لم يحصلوا على إجازات جامعية، ونصفهم عموما صوت له حتى الآن. وهناك عامل آخر لنجاح ترامب يتمثل في شريحة المواطنين المقيمين في منازل نقالة. فقد ربط محللو صحيفة «نيويورك تايمز» على مستوى الدوائر بين معدل المنازل النقالة والنتائج التي نالها دونالد ترامب في صناديق الاقتراع.
وتوصل المحللون إلى نتيجة مفادها بأنه كلما كانت المنطقة واقعة ضمن إطار الاقتصاد «القديم»، أي تلك التي يمارس سكانها الأعمال في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والبناء، يُرجح أنها تصوت لترامب، وكذلك الشأن بالنسبة لشريحة الراشدين العاطلين عن العمل، أو الذين توقفوا عن البحث عن وظيفة. كما أن الشعور بتراجع المستوى الاجتماعي بدا واضحا في ردود الناخبين حول تحديد وضعهم المالي، حيث أقر في 15 مارس (آذار) الحالي مواطن من أصل خمسة بأنه يواجه صعوبات في تدبر أموره، وتبين أن نصفهم صوتوا لدونالد ترامب.
في هذا السياق، كتب الخبيران السياسيان جون سايدس ومايكل تيسلر، في مقالة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، أن «ترامب يقول على الدوام للناخبين بأن عظمته الشخصية ستقود إلى الازدهار.. وهذه الرسالة تلاقي أصداء قوية لدى الأميركيين الذين يشعرون بأنهم لم يحققوا نجاحا في حياتهم».
وفي المقابل فإنه من الصعب تقييم تداعيات تصريحات ترامب المناهضة للمهاجرين المثيرة للجدل على نجاحه. فقد لاقى اقتراحه بإغلاق الحدود الأميركية أمام المسلمين مؤقتا تأييدا واسعا، ليس فقط لدى مناصريه، بل لدى الجمهوريين بمجملهم، وقلة هم من الجمهوريون الذين يعارضون خطته لطرد 11 أو 12 مليون مهاجر غير شرعي موجودين في الولايات المتحدة. لكن باحثين لفتوا إلى أن ترامب يثير حماسة كبرى بشكل خاص لدى الأميركيين القلقين من التنوع الإثني في الولايات المتحدة، حيث يتزايد عدد المتحدرين من أصول لاتينية بشكل كبير.
وبحسب دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للدراسات في يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنه كلما أعطى الناخبون أهمية لـ«هويتهم كبيض»، معتبرين أن التمييز بحق البيض يتزايد، زادت فرص تصويتهم لترامب.
وفي المجال الاقتصادي تتناقض مواقف دونالد ترامب مع عقيدة المحافظين حول دور الدولة، ذلك أن رؤيته حول الرأسمالية تتمثل في اقتصاد قوي تتولى فيه دولة قوية تنظيم الأسواق لحماية العمال الأميركيين. وعلى سبيل المثال فإنه يعارض المبدأ المطلق بحرية التبادل الاقتصادي، ويهدد الصين والمكسيك بفرض رسوم جمركية. كما يريد أيضا إعطاء دور قوي للدولة الفيدرالية لضمان تأمين صحي شامل، أو إعادة الاستثمار في البنى التحتية المتهالكة في البلاد. وفي المقابل فإن الناخبين الذين يعتبرون أنفسهم «محافظين جدا» يفضلون عليه سيناتور تكساس تيد كروز، المرشح الذي يمثل عقيدة المحافظين، والذي يحتل المرتبة الثانية في الانتخابات التمهيدية خلف ترامب.
أما بخصوص قضية الإجهاض التي أثارت جدلا كبيرا في أميركا، فقد سبق لترامب أن دافع في الماضي عن حق الإجهاض، وهناك رابط بين هذه المسألة وناخبيه أيضا، ظهر في دراسة أجراها باحثو جامعة بنسلفانيا، ونشرها موقع «فايف ثيرتي أيت».
ويقول دان هوبكينز وديانا موتز اللذان يتابعان منذ عام 2007 عينة من الناخبين الأميركيين، إن المناصرين الحاليين لدونالد ترامب كانوا من مؤيدي الإجهاض عام 2007 أكثر من هؤلاء الذين يصوتون اليوم لتيد كروز.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.