تجاوزت شعبية المرشح دونالد ترامب لدى الناخبين الجمهوريين الأميركيين كل التوقعات، حيث صوتت له مختلف الشرائح الاجتماعية. لكن يبقى أكثر المتحمسين له هم عموما من البيض، الذين لا يحملون إجازات جامعية، والذين يتملكهم شعور بأنهم مهمشون في أميركا تشهد تغيرات.
وحسب النتائج التي حصل عليها حتى الآن فإن القاعدة الشعبية الناخبة لدونالد ترامب تتوزع في كل أنحاء البلاد، بما فيها المناطق الريفية، وقد نال ترامب حتى الآن تأييد 37 في المائة من ناخبي الحزب الجمهوري في قرابة 30 عملية اقتراع، ضمن الانتخابات التمهيدية للسباق الرئاسي، وصوّت له الفقراء والأغنياء، البيض والسود، والشباب والمسنون.
وقد مكنت استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، وكذلك تحاليل الخبراء السياسيين، من رسم نموذج لناخبيه، حيث تبين أنهم في الغالب أميركيون قلقون، يرغبون في إيصال مرشح إلى الرئاسة، لكي يقوم بترجيح الكفة الاقتصادية لصالحهم.
وفي هذا السياق، تبين أن المجموعة السكانية التي ينال فيها دونالد ترامب أعلى نسبة تأييد هي بشكل منهجي شريحة الجمهوريين الذين لم يحصلوا على إجازات جامعية، وهي تتركز في شمال شرقي البلاد (47 في المائة في نيوهامشير)، أو في عمق ولايات الجنوب (56 في المائة في مسيسيبي). لكن هذا لا يعني أن خريجي الجامعات يقاطعونه، حيث حل ترامب في معظم الأحيان في المرتبة الأولى ضمن هذه المجموعة أيضا. لكن حاملي إجازات الدراسات العليا يوزعون أصواتهم بين المرشحين. وعلى سبيل المثال ففي فرجينيا هزمه ماركو روبيو لدى الشريحة التي تابعت دراسات لأكثر من أربعة أعوام.
وبما أن الحزب الجمهوري يعد غالبيته من البيض، فإن القاعدة الأقوى للملياردير هي بالتالي لدى البيض، الذين لم يحصلوا على إجازات جامعية، ونصفهم عموما صوت له حتى الآن. وهناك عامل آخر لنجاح ترامب يتمثل في شريحة المواطنين المقيمين في منازل نقالة. فقد ربط محللو صحيفة «نيويورك تايمز» على مستوى الدوائر بين معدل المنازل النقالة والنتائج التي نالها دونالد ترامب في صناديق الاقتراع.
وتوصل المحللون إلى نتيجة مفادها بأنه كلما كانت المنطقة واقعة ضمن إطار الاقتصاد «القديم»، أي تلك التي يمارس سكانها الأعمال في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والبناء، يُرجح أنها تصوت لترامب، وكذلك الشأن بالنسبة لشريحة الراشدين العاطلين عن العمل، أو الذين توقفوا عن البحث عن وظيفة. كما أن الشعور بتراجع المستوى الاجتماعي بدا واضحا في ردود الناخبين حول تحديد وضعهم المالي، حيث أقر في 15 مارس (آذار) الحالي مواطن من أصل خمسة بأنه يواجه صعوبات في تدبر أموره، وتبين أن نصفهم صوتوا لدونالد ترامب.
في هذا السياق، كتب الخبيران السياسيان جون سايدس ومايكل تيسلر، في مقالة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، أن «ترامب يقول على الدوام للناخبين بأن عظمته الشخصية ستقود إلى الازدهار.. وهذه الرسالة تلاقي أصداء قوية لدى الأميركيين الذين يشعرون بأنهم لم يحققوا نجاحا في حياتهم».
وفي المقابل فإنه من الصعب تقييم تداعيات تصريحات ترامب المناهضة للمهاجرين المثيرة للجدل على نجاحه. فقد لاقى اقتراحه بإغلاق الحدود الأميركية أمام المسلمين مؤقتا تأييدا واسعا، ليس فقط لدى مناصريه، بل لدى الجمهوريين بمجملهم، وقلة هم من الجمهوريون الذين يعارضون خطته لطرد 11 أو 12 مليون مهاجر غير شرعي موجودين في الولايات المتحدة. لكن باحثين لفتوا إلى أن ترامب يثير حماسة كبرى بشكل خاص لدى الأميركيين القلقين من التنوع الإثني في الولايات المتحدة، حيث يتزايد عدد المتحدرين من أصول لاتينية بشكل كبير.
وبحسب دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للدراسات في يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنه كلما أعطى الناخبون أهمية لـ«هويتهم كبيض»، معتبرين أن التمييز بحق البيض يتزايد، زادت فرص تصويتهم لترامب.
وفي المجال الاقتصادي تتناقض مواقف دونالد ترامب مع عقيدة المحافظين حول دور الدولة، ذلك أن رؤيته حول الرأسمالية تتمثل في اقتصاد قوي تتولى فيه دولة قوية تنظيم الأسواق لحماية العمال الأميركيين. وعلى سبيل المثال فإنه يعارض المبدأ المطلق بحرية التبادل الاقتصادي، ويهدد الصين والمكسيك بفرض رسوم جمركية. كما يريد أيضا إعطاء دور قوي للدولة الفيدرالية لضمان تأمين صحي شامل، أو إعادة الاستثمار في البنى التحتية المتهالكة في البلاد. وفي المقابل فإن الناخبين الذين يعتبرون أنفسهم «محافظين جدا» يفضلون عليه سيناتور تكساس تيد كروز، المرشح الذي يمثل عقيدة المحافظين، والذي يحتل المرتبة الثانية في الانتخابات التمهيدية خلف ترامب.
أما بخصوص قضية الإجهاض التي أثارت جدلا كبيرا في أميركا، فقد سبق لترامب أن دافع في الماضي عن حق الإجهاض، وهناك رابط بين هذه المسألة وناخبيه أيضا، ظهر في دراسة أجراها باحثو جامعة بنسلفانيا، ونشرها موقع «فايف ثيرتي أيت».
ويقول دان هوبكينز وديانا موتز اللذان يتابعان منذ عام 2007 عينة من الناخبين الأميركيين، إن المناصرين الحاليين لدونالد ترامب كانوا من مؤيدي الإجهاض عام 2007 أكثر من هؤلاء الذين يصوتون اليوم لتيد كروز.
من هم ناخبو دونالد ترامب.. ولماذا تتجاوز شعبيته كل التوقعات؟
تصوت له مختلف الشرائح الاجتماعية أملاً في تحسين وضعها المادي
من هم ناخبو دونالد ترامب.. ولماذا تتجاوز شعبيته كل التوقعات؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة