مجلس الأمن يعبر عن «قلقه» لخفض المغرب بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية

الرباط تعد القرار «سياديًا لا رجعة فيه»

مجلس الأمن يعبر عن «قلقه» لخفض المغرب بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية
TT

مجلس الأمن يعبر عن «قلقه» لخفض المغرب بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية

مجلس الأمن يعبر عن «قلقه» لخفض المغرب بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية

قال مندوب أنغولا بالأمم المتحدة، إسماعيل جاسبر مارتنز، الذي يرأس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر للصحافيين، إن الأعضاء «عبروا عن قلق عميق بشأن التطورات» في الصحراء الغربية بعد أن قرر المغرب خفض بعثة المنظمة الدولية هناك.
كان وزير خارجية المغرب قال، أمس (الخميس)، إن قرار المغرب خفض البعثة سيادي و«لا رجعة فيه»، لكن الحكومة ملتزمة بالتعاون العسكري مع المنظمة الدولية لضمان وقف إطلاق النار هناك.
كان المغرب طلب هذا الشهر من الأمم المتحدة سحب عشرات الموظفين المدنيين من أفراد بعثة «مينورسو» لحفظ السلام بعد انتقاد الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون لاستخدامه كلمة «احتلال» لوصف ضم المغرب للمنطقة.
وقال مارتنز إن أعضاء المجلس على علم بمخاوف الأمم المتحدة بشأن الأثر السلبي المحتمل لسحب أفراد من بعثة «مينورسو».
ولم يصدر المجلس أمرا صريحا للمغرب ليعدل عن قراراته، ولم يتطرق إلى استخدام بأن لكلمة «احتلال».
لكن مارتنز أشار إلى أن أعضاء المجلس «أكدوا أهمية التعامل بأسلوب بناء وشامل ومتعاون مع الملابسات التي قادت إلى الوضع الحالي حتى تستأنف بعثة مينورسو العمل بكامل طاقتها لتنفيذ مهامها».
وقال الوزير صلاح الدين مزوار للصحافيين في الرباط إن قرار المغرب سيادي ولا رجعة فيه، مشيرا إلى أن الاتصالات العسكرية مع بعثة الأمم المتحدة لم تتوقف، وأن المغرب ملتزم بالتعاون لضمان استمرار وقف إطلاق النار.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ووزير الاتصال، مصطفى الخلفي، إن «المغرب ليس في مشكلة مع الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، لكن في مشكلة مع مواقف الأمين العام للأمم المتحدة عبر عنها، وكان لا بد من الرد عليها بصرامة».
وأضاف الخلفي «أن المغرب متمسك بوقف إطلاق النار ويدافع عنه وفي الوقت نفسه نواصل سلسلة اتصالاتنا مع كل الدول الصديقة في مجلس الأمن».
والصراع في الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في أفريقيا منذ ضم المغرب المنطقة بعد انتهاء الاستعمار الإسباني في عام 1975، لتتأسس جبهة البوليساريو، وتطالب بانفصال المنطقة الغنية بالثروة السمكية والفوسفات، ويعتقد أن بها احتياطيات نفطية ضخمة.
ولم يتوقف إطلاق النار إلا في عام 1991 بعد تدخل الأمم المتحدة التي شكلت بعثة «مينورسو» لمراقبة وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء على مصير المنطقة. لكن جمود الموقف أجل إجراء الاستفتاء لسنوات.
ودعا مسؤولون بالأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي مرارا إلى التعبير عن دعمه للأمين العام وقوة «مينورسو». واتهمت الرباط بأن بالتخلي عن موقف الأمم المتحدة الحيادي من النزاع، وهو ما ينفيه مسؤولو المنظمة الدولية، قائلين إن تصريحات الأمين العام مجرد رد فعل انفعالي بعد لقائه لاجئين من الصحراء الغربية.
وقال الوزير المغربي إن بلاده مستعدة للدخول في محادثات جادة لا تغفل الأسباب التي أدت إلى الموقف الراهن.
ويقول ممثلو البوليساريو إن المغرب يعرض وقف إطلاق النار للخطر بطرد موظفي الأمم المتحدة، والسعي لإجهاض الاستفتاء الذي سيتناول قضية الاستقلال. ويعرض المغرب منح المنطقة حكما ذاتيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».