مباحثات هاتفية بين العاهل المغربي ووزير خارجية أميركا حول تطورات ملف الصحراء

الأمم المتحدة تغلق مكتبًا للاتصال العسكري في مدينة الداخلة بطلب من المغرب

مباحثات هاتفية بين العاهل المغربي ووزير خارجية أميركا حول تطورات ملف الصحراء
TT

مباحثات هاتفية بين العاهل المغربي ووزير خارجية أميركا حول تطورات ملف الصحراء

مباحثات هاتفية بين العاهل المغربي ووزير خارجية أميركا حول تطورات ملف الصحراء

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، مباحثات هاتفية مع جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، وقال بيان للديوان الملكي إن هذه المباحثات «تمحورت بالخصوص حول قضية الصحراء المغربية».
وبهذه المناسبة، يضيف البيان، أكد كيري للعاهل المغربي أن الموقف الأميركي لم يتغير، وأنه يندرج في الإطار الذي حدده بشكل مشترك الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 خلال زيارته الرسمية لواشنطن.
وأبرز بيان الديوان الملكي المغربي أن وزير الخارجية الأميركي أوضح للملك محمد السادس أيضًا أن الحوار بين البلدين سيستمر إلى أن يتم التوصل على هذا الأساس إلى تسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي (نزاع الصحراء).
وكانت واشنطن قد جددت قبل أيام التأكيد على أن مشروع الحكم الذاتي بالصحراء، الذي قدمه المغرب عام2007 «جدي وواقعي وذو مصداقية».
من جهته، قال دوايت إل بوش، سفير الولايات المتحدة في الرباط، في تصريح أدلى به لوكالة الأنباء المغربية «إننا نظل ملتزمين بموقفنا بأن مخطط الحكم الذاتي بالصحراء جدي وواقعي وذو مصداقية.. ونحن ما زلنا نأمل بإيجاد حل سلمي دائم ومتوافق عليه لقضية الصحراء».
كما أعرب السفير الأميركي عن انشغاله الشديد إزاء الاتجاه الذي أخذته الأحداث بين الأمين العام للأمم المتحدة والمغرب، واستعداد بلاده لتقديم المساعدة قدر الإمكان من أجل التوصل إلى حل.
في غضون ذلك، أكدت منظمة الأمم المتحدة إغلاق مكتبها للاتصال العسكري بمدينة الداخلة في الصحراء، بطلب من المغرب، وذلك ضمن سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الرباط، ردًا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن الوضع في الصحراء، خلال زيارته الأخيرة لمخيمات جبهة البوليساريو في الجزائر.
وأعلن فرحان حق، مساعد المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، خلال لقاء صحافي عقده أول من أمس، نقل المراقبين الثلاثة الذين كانوا يعملون في مكتب الاتصال العسكري التابع لبعثة «مينورسو» إلى موقع «أوسرد»، الواقع في الجزء الغربي من الصحراء، مشيرًا إلى أن المكتب كان يشكل همزة الوصل الوحيدة بالنسبة للجيش المغربي فيما يخص المسائل المرتبطة بمراقبة وقف إطلاق النار.
ونشر دوريات بعثة «مينورسو»، كما أن المكتب يعتبر أيضًا نقطة إجلاء بالنسبة للتشكيلة العسكرية للبعثة. وشدد نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على أنه «بإغلاق هذا المكتب أصبح الحوار بين (مينورسو) والجيش المغربي صعبًا»، موضحًا أنه ما زال ينتظر موقفًا واضحًا من مجلس الأمن بشأن الإجراءات التي اتخذها المغرب.
وكان مجلس الأمن، الذي اجتمع الاثنين الماضي في جلسة مغلقة للمرة الثانية لدراسة تطورات الوضع في الصحراء، قد امتنع عن الإدلاء بأي تصريح بهذا الشأن.
وقرر المغرب تقليص أعداد الموظفين المدنيين في بعثة «مينورسو»، وإلغاء المساهمة المالية الطوعية التي كان يقدمها للبعثة (3 ملايين دولار)، ردًا على تصريحات بأن كي مون، الذي وصف سيادة المغرب على الصحراء بأنها احتلال، وذلك خلال زيارته للمنطقة مطلع مارس (آذار) الحالي، وهو ما تسبب في أزمة غير مسبوقة بين الرباط والأمم المتحدة.
وشمل التقليص 84 شخصًا، غادر معظمهم مدينة العيون الأحد الماضي في اتجاه لاس بالماس، وهو ما أكده نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، الذي قال إن منظمة الأمم المتحدة سحبت 72 عضوًا من التشكيلة المدنية لمينورسو.
وانتقدت جبهة البوليساريو، المطالبة بالانفصال، قرر المغرب تقليص التشكيلة المدنية لمينورسو في الصحراء، لأن من شأن ذلك التأثير، برأيها، على مهمتها المتمثلة في إجراء استفتاء تقرير المصير، في حين يرى المغرب أن مجلس الأمن لم يعد يتحدث في تقاريره عن عملية الاستفتاء منذ 2004.
في غضون ذلك، أكد المغرب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها حلا لنزاع الصحراء «تستجيب لمصالح وانتظارات سكان الصحراء، كحل جدي وذي مصداقية لهذا الخلاف الإقليمي، الذي يحظى بدعم المجموعة الدولية».
وأوضح حسن البوكيلي نائب السفير الممثل الدائم بجنيف، الليلة قبل الماضية، في معرض رده على موقف الوفد الجزائري بشأن قضية الصحراء، أن المشاريع الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس بكل من الداخلة والعيون، تعد «أفضل جواب على ادعاءات وافتراءات أعدائنا حول وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمملكة»، مشيرًا إلى أن المغرب «يواصل مسيرة الإصلاحات الديمقراطية، الهادفة إلى تعزيز دولة الحق والقانون، وتوسيع فضاء الحريات، وحقوق الإنسان»، مضيفًا أن السكان المحتجزين (اللاجئين) في هذه المخيمات محرومون من حقوقهم الأساسية، بما فيها الحق في الإحصاء والتسجيل من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والحق في الحماية ضد تحويل وسرقة المساعدات الإنسانية، حسب ما أوردته أمس وكالة الأنباء المغربية.
وجدد البوكيلي دعوة المغرب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان وآلياته، إلى إجراء تحقيق جدي حول هذه الانتهاكات، وخلص إلى أن تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، على أساس مبادرة الحكم الذاتي، سيمكّن من توسع شراكاته الاقتصادية وتعزيز السلام والأمن، لفائدة بلدان المغرب العربي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.