قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إن العالم الإسلامي يواجه «تحديات كبيرة وعلى رأسها الإرهاب»، داعيًا العلماء إلى المساهمة في مواجهة أفكار التطرف والغلو، ونشر قيم الإسلام المعتدل.
جاء ذلك خلال افتتاح مؤتمر دولي بنواكشوط أمس حول «دور علماء السنة في مكافحة الإرهاب والتطرف»، شاركت فيه شخصيات علمية من عدد من بلدان العالم الإسلامي، يتقدمها الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة عبد الله بن بيه، بالإضافة إلى حضور رسمي تمثل في الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ووزيره الأول يحيى ولد حدمين وعدد من أعضاء الحكومة.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول من نوعه في موريتانيا، أكد ولد عبد العزيز أن الإرهاب «يستبيح دماء الناس وأعراضهم وممتلكاتهم، معتمدًا على تأويلات أساسها الغلو والتطرف والانحراف»، وأشار إلى أن نشاط الجماعات الإرهابية «تسبب في إشعال الفتن في بعض البلدان الإسلامية، فقوض أمنها وزعزع استقرارها وفكك نسيجها الاجتماعي».
وأضاف الرئيس الموريتاني أن «التصدي لكل هذه المخاطر يتطلب تضافر جهود الجميع، وخصوصًا إسهامات علمائنا الأجلاء الذين تقع عليهم مسؤولية تبيان المفاهيم الصحيحة لديننا الحنيف»، مشيرًا إلى أن من مهام العلماء «تحصين الأجيال الصاعدة ضد مخاطر الانحراف، وإعادة المغرر بهم إلى جادة الصواب»، كما أشاد بالجهود التي تبذلها رابطة العالم الإسلامي.
وكانت السلطات الموريتانية قد نظمت خلال السنوات الأخيرة حوارًا مع سجناء متهمين بالانتماء لتنظيمات إرهابية، قاده عدد من العلماء من أجل إقناع هؤلاء السجناء بالتخلي عن أفكارهم المتطرفة، وفي هذا السياق، أكد الرئيس الموريتاني في خطابه أمس أنها مقاربة كانت ناجحة بقوله: «لقد اعتمدت بلادنا مقاربة متعددة الأبعاد لمعالجة ظاهرة التطرف والغلو، وقد أسهم العلماء الموريتانيون الأجلاء في تنفيذ هذه المقاربة من خلال فتح حوارات علمية مع الشباب، الذين استهوتهم الأفكار المتطرفة».
وعلى غرار عدد من بلدان غرب أفريقيا، تواجه موريتانيا تحديات أمنية كبيرة في ظل تزايد أنشطة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي، التي لجأت في السنوات الماضية إلى اكتتاب المئات من الشباب الموريتاني، مستغلة المناطق التي ينتشر فيها الفقر والجهل.
وسيناقش المؤتمر المنظم من طرف وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتانية، بتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي، على مدى يومين الدور الذي يمكن أن يلعبه علماء السنة في محاربة أفكار التطرف والغلو، وذلك عبر جلسات علمية ومحاضرات يشرف عليها عدد من العلماء.
من جهته، أعرب الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، عن «غبطته بعقد هذا المؤتمر لإبراز دور علماء السنة في مكافحة الإرهاب والتطرف»، وأوضح أن «رسالة العلماء تتلخص في نشر العلم، ومعالجة القضايا الشرعية ومواجهة المضللين، والتصدي للتطرف الذي تنتجه بعض الجماعات التي تنشر الفهم الشاذ بخصوص الجهاد والحسبة وغيرهما، ومواجهة الفكر الطائفي، والطعن في السلف الصالح الذي بلغ الدين على أكتافه ما بلغ»، على حد تعبيره.
ولكن التركي شدد في كلمته على أهمية «دور الأسرة ومؤسسات التعليم، والمسجد في نشر الوسطية وتصحيح الأخطاء، وكذلك الإعلام بمؤسساته المختلفة في تربية النشء وتوجيهه»، معتبرًا أن «الإرهاب يشكل أكبر بلاء ابتليت به الأمة في هذا الزمن».
أما الشيخ عبد الله بن بيه فقد دعا علماء الأمة إلى «تكثيف الجهود لمواجهة الهجمة التي يتعرض لها الإسلام»، ولكنه حذر في الوقت نفسه من «مخاطر شق عصا المسلمين وعدم منازعة الأمر أهله، وضرورة الوحدة لمواجهة التحديات»، داعيًا إلى «نشر ثقافة السلم والفكر المعتدل الصحيح، والاتزان في الفكر والسلوك، بعيدا عن الفتنة والتكفير وقتل الناس؛ الآمن منهم والمستأمن بغير وجه حق».
موريتانيا: مؤتمر دولي يناقش دور علماء السنة في محاربة التطرف
عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية أكد أهميتهم في مواجهة المضللين والفكر الطائفي
موريتانيا: مؤتمر دولي يناقش دور علماء السنة في محاربة التطرف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة