الحذاء الرياضي يدخل عالم الأناقة بكل الألوان

يمنح الراحة ويعكس تفرد صاحبه وأسلوبه من أول خطوة

من عرض «برلوتي» لربيع وصيف 2016  -  أحذية برسمات مائية من «تودز»
من عرض «برلوتي» لربيع وصيف 2016 - أحذية برسمات مائية من «تودز»
TT

الحذاء الرياضي يدخل عالم الأناقة بكل الألوان

من عرض «برلوتي» لربيع وصيف 2016  -  أحذية برسمات مائية من «تودز»
من عرض «برلوتي» لربيع وصيف 2016 - أحذية برسمات مائية من «تودز»

عندما تقول فيكتوريا بيكام إنها تخاصم في الوقت الحالي الكعب العالي لصالح أحذية من دون كعب، أو على الأصح رياضية، فإننا لا بد أن نتوقف للحظة ونغير نظرتها إلى هذا الإكسسوار بشكل جدي. ليس لأنها مصممة تسوقه لنا في عرضها، بل لأنها آخر من يمكننا تصورها بحذاء رياضي في الحياة العادية. منذ بضع سنوات كان من المستحيل رؤيتها من دون كعب عال، ورغم ما يسببه لها من مشاكل أثرت على جماليات قدميها فإنها لم تتنازل عن الكعب الرفيع والعالي. عندما انتقدت حينها صرحت بأنها لا تعرف كيف تمشي من دون كعب، وأنها تشعر بالألم عندما تكون حافية، لأن عمودها الفقري تعود عليه.
لكن الوقت من شأنه أن يغير كل شيء، ففي نهاية عرضها الأخير بنيويورك أطلت على الحضور لتحييهم وهي ببنطلون بسيط وكنزة صوفية بياقة عالية وحذاء رياضي أبيض. إطلالة أنيقة لكن هادئة، تشير إلى أنها اكتسبت ثقة بنفسها وأسلوبها ولم تعد بحاجة لمغازلة عدسات الباباراتزي أو اتقاء مفاجآت كاميرات فتيات الـ«إنستغرام» بالاهتمام بكل صغيرة وكبيرة. الآن هي سيدة أعمال ناجحة ومصممة محترمة، وبالتالي لم تعد تبالي بأن تلعب دور النجمة، بقدر ما تبالي بما يريحها.
والحقيقة أن الأحذية الرياضية أو المستوحاة من عالم الرياضة اكتسحت عالم المرأة والرجل على حد سواء، وقوتها تزيد يوما عن يوم، ليس لأن العالم اكتشف ميزاتها وإمكانية ارتدائها حتى مع أكثر الأزياء رسمية من دون أن يتعارض المظهر مع الذوق أو الأناقة، بل لأن المصممين أيضا أبدعوا فيها، ويطرحونها في كل موسم بألوان وخامات متنوعة، فضلا عن ترصيعها أحيانا بأحجار الكريستال، لإدخالها عالم المساء والسهرة، مثل «ديور» و«ميو ميو» مثلا.
من الطرائف المتداولة في أوساط الموضة أن المرأة حولت أنظارها من الرأس إلى الأقدام عندما فقدت قبعتها، ولم تعد مطالبة بارتدائها. بينما الرجل وجد فيها ضالته بعد أن أصبحت البدلة بمثابة الزي الرسمي في السنوات الأخيرة، حيث عانقتها الأغلبية بغض النظر عن العمر والمركز والأسلوب، لهذا كان الحذاء الوسيلة التي يمكنه استعمالها ليعكس أسلوبه الخاص وأناقته، وبالتالي أصبح هو أيضا يستعمل أحذيته للتعبير عن تفرده. والآن بعد أن تخففت العديد من الوظائف من القيود التي كانت مفروضة منذ عقدين من الزمن، وتتطلب من الرجل زيا رسميا، يتكون في الغالب من بدلة وربطة عنق وحذاء «أكسفورد» بأربطة، أصبح بإمكانه أن يختار ما يروق له ويمزج الكلاسيكي بالـ«كاجوال» بحرية أكبر، أيا كانت وظيفته. فالنجاح لم يعد حكرا على رجال الأعمال وحدهم.
تجدر الإشارة هنا إلى أن انتعاش الحذاء الرياضي استحق معرضا بعنوان «نهضة ثقافة السنيكر»، نظمته الفيدرالية الأميركية للفنون في أواخر العام الماضي، زاره ما لا يقل عن 150 ألف شخص، وشجع نجاحه على انتقاله لعدة عواصم. وترافق المعرض، الذي يتتبع بداية هذا الحذاء من نهاية القرن الثامن عشر إلى اليوم، مع صدور كتاب من دار النشر «ريزولي» يتناول الموضوع نفسه. ورغم أن هذا التصميم ظهر في البرازيل وبلدان أخرى منذ قرون، بأشكال متنوعة، فإنه عرف شكله الحالي وشهرته في الولايات المتحدة، لأنه كان خير مكمل بأسلوبها الـ«سبور» وانطلاقته في الستينات. لكن عدواه بدأت تنتشر إلى أنحاء أخرى من العالم في الثمانينات. في عام 1997، كان عرض «برادا» الذي نسقت فيه أزياء أنيقة مع «سنيكرز» بمثابة الثورة. أثار الكثير من الانتباه والإعجاب مع قليل من الاستهجان من قبل البعض، لكنهم سرعان ما حذوا حذوها بعد أن شهدوا إقبال الشباب عليها. ما حصل بعد ذلك ولم يكن متوقعا أن الرجل والمرأة استعذبا ما يمنحه لهما من راحة ومظهر منطلق وشبابي.
المصممون بدورهم وجدوا أنه يمنحهم فرصة للتجديد باستعمال خامات وتقنيات حديثة، إضافة إلى الألوان والرسومات. أي أنه بالنسبة لهم بمثابة الكنفس، يتيح لهم الرسم عليه حسب مزاجهم. «تودز» الإيطالية مثلا طرحته لهذا الموسم برسمات مائية، كذلك «برلوتي»، وغيرهما من بيوت الأزياء العالمية، التي وجدت أنه يرقى بأي إطلالة سواء كانت رسمية أو شبابية.
لهذا ليس غريبا أن يتراوح سعر هذه الأحذية حاليا ما بين 70 دولارا و27 ألف دولار، عندما تكون من جلود نادرة وبإصدار محدود.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.