قطاع الاتصالات يقود ارتداد سوق الأسهم السعودية إلى الأعلى

المؤشر الرئيسي قُرب أعلى مستوى خلال العام

قطاع الاتصالات يقود ارتداد سوق الأسهم السعودية إلى الأعلى
TT

قطاع الاتصالات يقود ارتداد سوق الأسهم السعودية إلى الأعلى

قطاع الاتصالات يقود ارتداد سوق الأسهم السعودية إلى الأعلى

أُغلقت سوق الأسهم السعودية يوم أمس قريبة من أعلى معدلاتها خلال 2016، حيث نجح مؤشر السوق في تحقيق معدلات ارتداد تبلغ نسبتها نحو 21 في المائة، يأتي ذلك مقابل ارتداد شركات كبرى محدودة العدد، بنسب أعلى من حجم ارتداد مؤشر السوق العام.
وقلص مؤشر سوق الأسهم السعودية مع نهاية جلسة يوم أمس الثلاثاء خسائره التي بلغت نحو 60 نقطة خلال الجلسة، وأغلق على تراجع طفيف بنحو 4 نقاط عند 6482 نقطة، وسط تداولات بلغت قيمتها 6.6 مليار ريال (1.76 مليار دولار).
وما زال مؤشر سوق الأسهم السعودية الرئيسي قريبا من أعلى مستوى تم تسجيله خلال هذا العام، عند مستوى 6525 نقطة، أي بفارق 43 نقطة فقط، وهو ما يعني أن تعاملات السوق مهيأة لتجاوز هذه المستويات في حال تحسن أسعار النفط من جديد خلال الأيام القادمة.
وبدأت السيولة النقدية في سوق الأسهم السعودية في الزيادة خلال الـ10 أيام التداول الماضية، لتحقق يوم أمس أعلى مستوياتها عند 6.6 مليار ريال (1.76 مليار دولار)، مسجلة بذلك معدلات تدفق إيجابية، في ظل تحرك عدد من الشركات الكبرى الإيجابي خلال هذه الفترة.
وعلى صعيد قطاعات السوق المدرجة، يبرز قطاع الاتصالات كأعلى القطاعات القيادية التي حققت ارتدادًا إيجابيًا، مقارنة بحجم ارتداد مؤشر السوق العام، يأتي ذلك في وقت برزت فيه تحركات سهم شركة «زين السعودية»، بالإضافة إلى تحرك إيجابي آخر من سهم شركة «موبايلي»، جاء ذلك بنسبة 66 و62 في المائة على التوالي.
وفي تطور جديد على صعيد قطاع الاتصالات السعودي، دخلت شركة «زين السعودية» قائمة 12 شركة عالمية يمكنها تشغيل خدمات الاتصال عبر «واي فاي»، لتكون بذلك المشغل الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي يقدم هذه الخدمة، يأتي ذلك في وقت حقق فيه سهم الشركة ارتدادًا تبلغ قيمته نحو 66 في المائة، مقارنة بأدنى مستوى تم تسجيله في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وسجل سهم شركة «زين السعودية» يوم أمس سعر 9.05 ريال (2.4 دولار)، فيما كان أدنى مستوى تم تسجيله خلال هذا العام عند سعر 5.45 ريال (1.4 دولار)، مسجلاً بذلك ارتدادًا عاليًا تبلغ نسبته نحو 66 في المائة، وكان تدفق الأموال نحو سوق الأسهم السعودية للاستثمار في المراكز الجاذبة وراء هذا الارتداد السعري العالي.
وفي هذا الشأن، أعلنت «زين السعودية» يوم أمس، عن إطلاق خدمة اتصال «واي فاي» المتوفرة على أحدث نظام تشغيل على أجهزة آيفون (iOS9.2)، لتكون بذلك المشغل الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يقدم الخدمة الجديدة، وذلك ضمن 12 مشغلاً فقط على مستوى العالم.
وكشفت شركة «زين السعودية» أن الخدمة الجديدة تمكن مشتركي حزم مختارة من الباقات المفوترة من الاستمتاع بإجراء المكالمات عبر الواي فاي خلال التجوال الدولي، وهو ما يتيح استقبال المكالمات دون تكاليف والاتصال بالأرقام داخل المملكة وإرسال الرسائل النصية بالرسوم المحلية.
وتتيح الخدمة بحسب شركة «زين السعودية»، استخدام نقطة اتصال «واي فاي» لإجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية، حيث تتوفر الخدمة بشكل تلقائي لكافة المشتركين عبر أجهزة آيفون وبذات رسوم المكالمات على الباقة دون أي تكاليف إضافية، فيما تدعم خدمة اتصال «واي فاي» كافة أجهزة الهواتف الجوالة الحديثة من «آبل».
وأوضحت «زين السعودية» أن هذه الخدمة تأتي تعزيزًا لخدماتها عبر شبكة الجيل الرابع عالي السرعة، التي تعمل على توسعتها حاليًا ضمن مشروع تطوير الشبكة.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي أقر فيه مجلس هيئة السوق المالية السعودية قبل نحو أسبوعين، إجراء تعديل على لائحة سلوكيات السوق (اللائحة) بإضافة عدد من حالات التداول الاستباقي إلى السلوكيات المحظورة في السوق.
وقالت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي حينها إن «من حالات التداول الاستباقي المحظورة، التي تضمنتها المادة الثانية عشرة من اللائحة بعد تعديلها، أنه لا يجوز للشخص المرخص له، والشخص المسجل، وأي شخص ذي علاقة بأي منهما، إجراء أي تداول على ورقة مالية لحسابه الخاص، أو لحساب عميل آخر، أو لأي حساب تكون له فيه مصلحة، بما في ذلك أي حساب آخر يمارس عليه سلطة تقديرية، إذا كان هذا التداول مبنيًا على علم مسبق بوجود أمر عميل أُدخل أو سيُدخل للورقة المالية نفسها».
وتابع البيان: «كما تضمنت المادة المشار إليها، أنه لا يجوز لأي شخص إجراء أي تداول على ورقة مالية بناء على علم مسبق حصل عليه من شخص مرخص له أو من شخص مسجل أو من شخص مفوض بإدارة حساب لشخصية اعتبارية، بأن هناك أمرا أو أوامر قد أُدخلت أو ستُدخل للورقة المالية نفسها، إذا كان هذا التداول بهدف الاستفادة من الأثر الجوهري المحتمل لتلك الأوامر على سعر الورقة المالية ذات العلاقة بتلك المعلومات».
وأكدت هيئة السوق المالية السعودية أن التعديلات التي تمت على لائحة سلوكيات السوق تأتي في سياق حرص الهيئة على التصدي للممارسات غير العادلة التي تؤثر على تعاملات السوق، والحد من الاستفادة غير المشروعة من تلك التعاملات، وبما يتسق مع أفضل الممارسات العالمية المتبعة في هذا الشأن.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.